الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حتى لا نكون بلد شهادات

حتى لا نكون بلد شهادات

من الأشياء اللافتة للنظر مؤخرًا إقبال الطلاب الناجحين والمتفوقين فى الشهادة الإعدادية على الالتحاق بالمدارس الثانوية المتخصصة، وهو أمر جيد واتجاه محمود، ويكشف أن هؤلاء الطلاب وأسرهم يسيرون فى الطريق الصحيح، وأنهم يفكرون بطريقة عملية بعيدًا عن العاطفة، ويؤكد أن عددا غير قليل من أولياء الأمور لا يطبقون الآن مقولة بلد شهادات وهى العبارة التى انتشرت واشتهرت منذ قالها الفنان عادل إمام فى مسرحية «أنا وهو وهى» التى عرضت فى الستينيات من القرن الماضى، وتعنى العبارة أنه لا كرامة ولا كبرياء ولا مستقبل إلا للحاصلين على شهادات جامعية، وهى قاعدة طبقتها الأسر والطلاب لسنوات طويلة وجعلتهم يرون أن الطموح والمستقبل المشرق يمر عبر مسار واحد هو الثانوية العامة، وعلى مدى سنوات كانت الفكرة المسيطرة على العقول أن من لا يلتحق بالثانوية العامة هم الطلاب الفاشلون وتبعتها نظرة دونية لمن يدرس فى الثانوية الفنية التجارية والصناعية والزراعية باعتبارهم لن يحصلوا على شهادات جامعية، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى اشتراط حصول الأب على شهادة عليا للالتحاق ببعض الوظائف المميزة، ولكن منذ سنوات قليلة بدأت هذه النظرة تتغير مع ظهور المدارس الفنية المتخصصة مثل التمريض والسكك الحديدية وغبور والعربى والسويدى والبترول والبتروكيماويات والمياه والصرف الصحى والبريد والذهب والأثاث والذكاء الاصطناعى والإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع والضبعة وغيرها، وكلها تحظى الآن بإقبال كبير من الناجحين فى الشهادة الإعدادية والمتفوقين فيها بسبب سهولة الحصول على عمل فور التخرج كما أن بعض هذه المدارس تمنح الملتحقين بها فرصًا للتدريب بأجر خلال سنوات الدراسة، وهو ما أقنع الطلاب وأولياء الأمور بأن الدراسة فى هذه المدارس أجدى وأنفع من الحصول على شهادة جامعية لن تؤدى فى كثير من الأحوال إلا إلى الانضمام لطابور العاطلين وللجالسين على المقاهى يندبون حظهم ودراستهم، ولهذا ارتفع المجموع المؤهل للالتحاق بهذه المدارس حتى قاربت مجموع الثانوية العامة وبعضها يفوقها، وأتمنى أن يدفع الإقبال على هذه المدارس وزارة التعليم إلى إضافة مزيد من أمثالها فى تخصصات أخرى أو فتح فروع لها فى المحافظات المختلفة بشرط ألا تكون عشوائية وإنما بعد دراسة احتياجات سوق العمل حتى لا نكرر تجربة زيادة أعداد خريجى الجامعات دون وجود فرص للعمل ما يزيد من البطالة وينهى تميز هذه المدارس.



ولعل هذا الاتجاه المحمود فى الالتحاق بهذه المدارس يكون دافعا لأولياء الأمور وطلاب الثانوية العامة والتى بدأت امتحاناتهم منذ أيام لاختيار الكليات التى لها فرص عمل وألا يكون الهدف هو مجرد الالتحاق بما يسمى كليات القمة وهو مسمى أصبح وهميًا الآن فلم تعد هذه الكليات اسما على مسمى بسبب البطالة التى يعانى منها خريجوها فيما عدا كلية الطب حيث يواجه الأطباء مشاكل أخرى غير البطالة تدفعهم للهجرة خارج مصر، فى نفس الوقت تشبعت السوق بخريجى الصيدلة والأسنان وبعض تخصصات الهندسة وكذلك الإعلام وسياسة واقتصاد وكلهم يشكون من عدم وجود فرص عمل، وليت وزارات التعليم والتعليم العالى والقوى العاملة والاستثمار والتخطيط والتجارة والصناعة ومعهم هيئات مثل اتحاد الصناعات يوجهون خريجى الثانوية العامة للتخصصات التى تحتاجها سوق العمل حتى يلتحقوا بالكليات المؤهلة لها، نريد أن نكون بلد شهادات حقيقية يعمل أصحابها فى التخصصات التى درسوها وليست شهادة معلقة على الحوائط ينظر أصحابها لها بحسرة فى المنازل أو مركونة فى أدراج المكاتب يعلوها التراب دون فائدة منها.