الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
النبيل

النبيل

كان «جورج إسحق» نموذجًا فذًا للحب والوداد.. ورمزًا بديعًا للصدق والإخلاص.. ومثالاً مدهشًا للشرف وسمو المشاعر.. وعظمة المقصد والترفع عن الصغائر.. والتجرد من المطامع والمكاسب الشخصية.. حينما تلقاه لأول مرة وسط مجموعات من الأصدقاء الذين يتحلقون حوله فى كل مكان.. يستقبلك بكل حفاوة بالغة.. وترحاب فياض بالإجلال والتقدير.. وزهو مفرط بمكانتك وقامتك الرفيعة وهو يقدمك للحضور ويجلسك مكانه ويُشعرك بأنه كان تواقًا إلى معرفتك ليشرف بالتحاور المثمر معك حول مستقبل الوطن.. ثم ما تلبث أن تكتشف أن حفاوته تلك يوزعها تباعًا على الجميع بمساواة مدهشة.. وتشعر أنه يحنو عليهم ويحتضنهم جميعًا دون تفرقة.. ولا يفرق فى ذلك بين المتحالفين والمعارضين.. الوسطيين والمتشددين.



 

الانفعاليين والهادئين.. الثائرين والمسالمين.. الغاضبين والحالمين.. الأيديولوجيين واللامنتمين.. المتزمتين والانفتاحيين.. أنصار الإصلاح السياسى وأصحاب المبادئ الراسخة والمذاهب الثابتة والتيارات المتباينة.. الجميع ينصهرون فى النهاية فى بوتقة واحدة فى حب الوطن والوفاء والانتماء السياسى لأرضه الحانية وعلمه الخفاق.

كثيرًا ما كان «جورج» يعانى تطرف الجامحين وصلافة المتحذلقين وغطرسة المتشددين والمتعصبين لتوجهاتهم السياسية، لكنه بقدرة طاغية ولباقة بادية وحنكة وخبرة المتجاوز وصبر وهدوء المعلم وبنفس طيبة وحانية تستوعب الاختلاف فى الرأى والتناقض فى الأفكار والتفاوت فى الرؤى والتباين فى التوجهات «فالآخر -كما يرى «سارتر»- ليس أنا».

خاض «جورج إسحق» مشوار حياته وسط الناس بتواضع جم وبساطة آسرة ولسان مفوه دون أن يسعى إلى زعامة أو ريادة أو طمع فى منصب زائل أو مغانم خاصة أو استثمار لفرص سانحة.. أو رغبات شخصية أو حصاد مادى واستطاع من خلال سجاياه العطرة.. ومنطقه المؤثر أن يبلور خلاصة سعيه الشريف فى ابتداع تحلق الجماهير حول حركة كفاية التى شارك فى خلقها وتأسيسها بفاعلية كبيرة مؤمنًا بحق الجماهير فى الحرية والمشاركة فى صنع القرار.

سوف نفتقدك كثيرًا أيها المناضل الشريف.. وسلامًا لروحك الطاهرة.