الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قرش الغردقة ليس وحده

قرش الغردقة ليس وحده

 اهتم الإعلام والمعنيون بالسياحة بحادث تعدى سمكة قرش على سائح روسى فى الغردقة، وانتشر فيديو للحادث صورته سائحة ألمانية والقرش يلتهم السائح، وهو ما اعتبره البعض أنه يؤثر سلبًا على السياحة فى البحر الأحمر والتى تحظى بإقبال من السائحين خاصة الروس والألمان، وقال آخرون إن من يشيرون الفيديو - الذى وجد متابعة عالمية كبيرة- يضربون السياحة فى مقتل، بينما حاول البعض تدارك الموقف واقتراح حلول حتى لا يتكرر الحادث ووجهوا نصائح لمن تهاجمه سمكة القرش بألا يحاول الهرب والنظر فى عينها وضربها فى المناطق الحساسة، كما طالب البعض بإقامة شبكة حديدية تمنع تسرب القروش إلى مناطق سباحة وغوص السياح، وقال آخرون إنه حادث عادى ويحدث أكثر منه فى شواطئ دول أخرى دون أن يكون له أى تأثير على السياحة هناك، ودون أن نهوّن أو نهول من الموضوع فإنه يجب العمل على ألا يتكرر هذا الحادث المأساوى، وهو أمر يمكن أن يتم بالتوعية والحذر، ولكن ماذا عن القروش الأخرى؟ وكيف نواجهها؟ فقرش الغردقة ليس وحده الذى يؤثر على السياحة سلبًا، ولا أعنى هنا بالقروش الأخرى الأسماك المفترسة، ولكن كل من يعيق السياحة ويقف حجر عثرة أمامها، فمصر التى تمتلك كل مقومات السياحة ما زالت فى مركز متدنٍ عالميًا مقارنة بدول أخرى لا تملك ما نملكه، فلا توجد دولة فى العالم لديها هذا الكم من الآثار المتنوعة والبحار والشواطئ الممتدة والصحارى الرائعة ما يجعلنا مؤهلين لكل أنواع السياحة سواء تاريخية وثقافية أو دينية إسلامية ومسيحية وأيضًا شاطئية صيفًا وشتاءً وصحراوية وعلاجية وترفيهية، ورغم ذلك فإن موقعنا فى قائمة السياحة العالمية لا يليق بنا وهو لا يتجاوز الخمسين، بينما تسبقنا دول ليس لديها مقوماتنا، ويكفى أن ترتيبنا المركز السادس بين الدول العربية فى جذب السياح وهو أمر مؤسف.



ولعل حادث الغردقة يكون فرصة لفتح ملف السياحة وكيفية تنميتها فهى أحد أطواق النجاة فى ظل الظروف الاقتصادية المرتبكة وفى ظل حاجتنا للعملة الصعبة، نعم نحن نحاول تطوير معابدنا وننتظر افتتاح المتحف الكبير قريبا، وسبقه متحف الحضارات، ولكن هل كانت السياحة متاحف ومعابد وشواطئ فقط؟ أنها منظومة متكاملة تبدأ من المطار عند الوصول وتنتهى به عند المغادرة، فهل يلقى السائح المعاملة التى تجذبه للعودة مرة أخرى أم أنها «تطفشه» وتجعله لا يكرر التجربة؟، على سبيل المثال لماذا نفرض رسومًا مغالى فيها عند دخول البلد مقارنة بدول أخرى؟ السائح أيضًا يجب أن يجد وسائل مواصلات سهلة وميسرة ورخيصة ولا نتركه مطمعًا فى أيدى بعض سائقى التاكسى الذين يتعاملون معه باعتباره فريسة يجب اصطيادها، أما تذاكر الطيران فهى عندنا أغلى من دول كثيرة وحتى الطيران الداخلى أسعاره مرتفعة، والفنادق حدث ولا حرج فبعضها لا يقدم خدمات تتساوى مع أسعار الإقامة بها، كما يجب أن تكون متنوعة لكى تتناسب مع جميع طبقات السياح، أما رسوم دخول المعابد والمتاحف والأماكن الأثرية فقد زادت بشكل ملحوظ فى حين تحاول الدول الأخرى تخفيض أسعارها، والأخطر هو ترك السائح للمستغلين والفهلوية، ويكفى للتدليل على ذلك ما يحدث فى منطقة الأهرامات وهناك شكاوى كثيرة ضد تصرفات أصحاب الأحصنة والجمال وتجار الأنتيكات الذين يتعاملون مع السائح بطريقة مصاصى الدماء فيغالون فى الأسعار من أجل تحقيق مكسب سريع، ولكنه غير دائم ومؤقت بينما يجب أن يتعلموا كيفية التعامل مع السياح حتى يعودوا مرة أخرى ويكونوا عامل ترويج بين أبناء بلدهم حين عودتهم، والأخطر هو من يحميهم أو يغض الطرف عن تصرفاتهم أو على الأقل لا يردعهم.

ولا ننسى أنه لا يوجد بلد يريد أن يرفع من شأن السياحة، بينما يتجاهل أقل المقومات وأبسطها مثل عدم وجود دورات مياه فى الشوارع والميادين، كل ما سبق أخطر على السياحة من أسماك القرش، ولعل ما فعله قرش الغردقة ينبهنا حكومة وشعبًا لأوضاع السياحة ومناقشة مشاكلها بجدية ووضوح وشفافية ومحاولة إصلاح أحوالها.