الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

موقع أمريكى يكشف عن تخطيط واشنطن إجلاء مواطنيها من تايوان بعد أوكرانيا هل تكون الجزيرة الصينية المستنقع القادم؟!

 فى الوقت الذى كان من المفترض أن ترسل فيه الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 100 و200 جندى إلى تايوان، وذلك وفقًا لما كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال منذ عدة أشهُر.



أثار ما تداولته وسائل إعلام أمريكية مؤخرًا؛ بأن الولايات المتحدة تخطط لإجلاء محتمل لمواطنيها من تايوان حالة من الجدل والتساؤلات وسط تصاعد التوترات حول الجزيرة بين واشنطن وبكين.

فحسب وكالة سبوتنيك الروسية، قال مسئولو المخابرات الأمريكية، إن الصراع فى أوكرانيا، فضلًا عن التقارب بين روسيا والصين من بين أسباب بدء الاستعدادات.

 خطة إجلاء سرية:

وكان موقع «ذا ماسنجر نيوز» الأمريكى نقل عن مصادر استخبارية أن مخطط إجلاء أمريكيين من تايوان يجرى منذ نحو 6 أشهُر بسبب التوتر مع الصين.

وكشفت المصادر الاستخباراتية للموقع الأمريكى، أن الحكومة الأمريكية تعد خططًا لإجلاء المواطنين الأمريكيين الذين يعيشون فى تايوان، فى ظل التهديد المحيط بها من الصين.

وقال مسئول استخباراتى أمريكى رفيع المستوى للموقع، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مصرّح له بكشف خطط الإجلاء، إن «التخطيط جارٍ منذ ستة أشهُر على الأقل وجرى تصعيده خلال الشهرين الماضيين».

وقال المسئول إن «مستوى التوتر المتزايد» دفع إلى رفع الاستعدادات.. مضيفًا «إنه شىء لن تقرأه فى الأخبار».. مشيرًا إلى تحالف الصين مع روسيا بشأن أوكرانيا.. وفى هذا السياق؛ أشار مصدر مطلع إلى غزو روسيا أوكرانيا فى فبراير 2022 باعتباره دافعًا للتخطيط.

ولم تناقش الحكومة الأمريكية تلك الاستعدادات علنًا، حسب «ذا ماسنجر نيوز»، فيما رفضت وزارة الخارجية الأمريكية طلب التعليق. كما رفض المتحدث باسم البنتاجون اللفتنانت كولونيل مارتن ماينرز التعليق مباشرة على خطط الإجلاء قائلًا: «لا نرى الصراع فى مضيق تايوان على أنه وشيك أو لا مَفرّ منه».

فى المقابل، قال أحد المصادر للموقع الأمريكى إن عملية التخطيط ظلت هادئة؛ لأنها موضوع حساس بالنسبة للحكومة التايوانية.. بدوره، قال مسئول سابق فى وزارة الخارجية: «حتى الحديث عن (خطة إخلاء) يجعل الناس يعتقدون أن شيئًا ما قد يحدث، حتى لو كان مجرد تخطيط حكيم». هذا ويعيش قرابة 80 ألف مواطن أمريكى فى تايوان.

وقال بعض المسئولين الأمريكيين إن الغزو قد يحدث فى السنوات المقبلة، بينما يشكك مسئولون وخبراء آخرون فى أن الحكومة الصينية ستلجأ إلى القوة فى تعهدها الطويل الأمد بإعادة تايوان إلى سيادتها.

إشارة من واشنطن:

وتعيد تلك المعلومات المسرّبة الأذهان إلى تصريحات السيناتور الروسى، أليكسى بوشكوف، وتوقعاته خلال شهر أبريل الماضى بأن الولايات المتحدة تعتقد أن عليها التضحية بتايوان من أجل حماية مصالحها الخاصة.

وجاءت تصريحاته تعليقًا على تصريح لوزيرة الخزانة الأمريكية، چانيت يلين، بأن بلادها ليست مستعدة للانفصال الكامل عن الصين، قائلاً إن الولايات المتحدة ستضطر إلى التضحية إمّا بتايوان أو باقتصادها.

وكتب بوشكوف، وقتها عبر «تلجرام»: «منطق الحفاظ على الهيمنة الأمريكية يجب أن يدفع فى النهاية الولايات المتحدة والصين، لكن الاعتماد الاقتصادى يعمل ضد الفجوة بينهما».

كما وصف السيناتور الروسى، تصريح وزيرة الخزانة الأمريكية عن الصين بأنه «إشارة مهمة» من واشنطن.

 عجز أمريكى:

وتتسق هذه التوقعات الروسية مع نفى آدم سميث، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكى، قدرة الولايات المتحدة على هزيمة الصين، وأكد سميث على أن واشنطن وبكين يجب أن تتعايشا بسلام.

ولفت عضو الكونجرس الأمريكى إلى أن الولايات المتحدة عاجزة عن هزيمة الصين.  وقال سميث فى جلسة استماع حول عمل البنتاجون فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ:

«هدفنا تجاه الصين هو التعايش السلمى. قد يبدو هذا التصريح غريبًا، بالنظر إلى أننا تحدثنا جميعًا عن مشاكل وتهديدات من جمهورية الصين الشعبية، لكننا لن نهزم الصين. ستكون الصين والولايات المتحدة القوتين العالميتين الرئيسيتين على المدى الطويل.

ووفق البرلمانى الأمريكى؛ فإن الصراع بين الولايات المتحدة والصين ليس حتميًا، لذا يجب على واشنطن التعامل مع التهديدات القادمة من الصين بطريقة سلمية.. مؤكدًا أنه يجب على الولايات المتحدة احتواء النزاع المحتمل حول تايوان؛ لأنه سيصبح «مدمرًا للعالم بأسره».

ضعف تايوان:

كما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن الوثائق السرية الأمريكية المسربة، تظهر ضعف جزيرة تايوان أمام التفوق الجوى العسكرى الصينى.

وقالت الصحيفة نقلاً عن وثائق البنتاجون المسربة: «من غير المرجح أن تكون تايوان قادرة على مواجهة التفوق الجوى العسكرى للصين فى نزاع عبر مضيق تايوان».

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن تكتيكات جمهورية الصين الشعبية مثل «استخدام السفن المدنية لأغراض عسكرية» أصبحت عقبة أمام وكالات الاستخبارات الأمريكية للكشف عن استعدادات بكين «لغزو محتمل».

وأوضحت الصحيفة أيضًا، أن تايوان لديها شكوك حول قدرة أنظمة الدفاع الجوى على «الكشف الدقيق عن إطلاق الصواريخ» وأن أكثر من نصف الطائرات التايوانية بالكاد مؤهلة تمامًا للمهمة.

 صورة قاتمة:

ووفقًا لـ «واشنطن بوست»، لا تحتوى الوثائق على «تحليل شامل لقدرات الصين ونقاط ضعف تايوان»، لكنها ترسم بشكل عام «صورة قاتمة لاستعداد تايوان العام».

من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين، إن الولايات المتحدة تعتقد أن عليها التضحية بتايوان من أجل حماية مصالحها الخاصة.

وأكد وين بين أن بلاده ستعمل بحزم على حماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها.

كما قال المتحدث إنه لا معلومات لديه عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن للصين.

وتعتبر الصين جزيرة تايوان، جزءًا لا يتجزأ من أراضيها ولا تستبعد استعادتها بالقوة إن لزم الأمر.

 جنود أمريكيون فى الجزيرة:

هذا وعكس إرسال الجنود الأمريكيين إلى تايوان خلال السنوات الماضية دعم إدارة الرئيس چو بايدن المستمر لتايوان. ويتواجد فى الجزيرة «عدد صغير» من القوات الأمريكية لأجل المساعدة فى التدريبات العسكرية، وفقًا للرئيسة التايوانية التى أعربت فى وقت سابق عن ثقتها الكاملة بأن الجيش الأمريكى سيدافع عن بلادها فى حال تعرضها لهجوم صينى.

 تحذيرات صينية:

وتايوان والبالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، كانت جزءًا من الصين الأم حتى عام 1949، إلى أن نشبت حرب أهلية فى الصين، وانتصرت الثورة الصينية بقيادة «ماو تسى تونج» على حكومة «شيانج كاى شيك»، وفَرّ الأخير إلى جزيرة تايوان، لكن الدول الاستعمارية رفضت الاعتراف بالحكومة الصينية الجديدة، وظلت تايوان تحتل موقع الصين فى الأمم المتحدة بفضل تمسك الولايات المتحدة بحكومة موالية لها فى تايوان لمدة 22 عامًا، حتى صوتت الأمم المتحدة بأحقية الصين فى مقعدها، وطرد ممثل تايوان عام 1971، ومع ذلك حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون حرمان الصين من استعادة كامل أراضيها فى كل من هونج كونج التى احتلتها بريطانيا، وتايوان التى تقودها حكومة موالية للولايات المتحدة، لكن وفقًا للأعراف الدولية، وقرار الأمم المتحدة رقم 2758 فإن كلًا من تايوان وهونج كونج جزء من الأراضى الصينية، ولم تعترض على القرار سوى الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والمملكة العربية السعودية.

وخلال الأسابيع الماضية دعت بكين الولايات المتحدة إلى وقف الاتصالات العسكرية مع تايوان.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية الشهر الماضى إن قيام الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة لـ تايوان أمر خاطئ وخطير للغاية، ودعت الولايات المتحدة إلى وقف الاتصالات العسكرية مع تايوان ووقف تسليح الجزيرة.

 

 سُلطة السحب الرئاسى: 

وكان وزير الدفاع الأمريكى، لويد أوستن، قد تحدّث، أمام الكونجرس بأن بلاده ستقدم مزيدًا من الأسلحة لتايوان من خلال سُلطة السحب الرئاسى (PDA)، وهى أداة سمحت لإدارة بايدن بإرسال أسلحة إلى أوكرانيا دون المرور بالكونجرس.

هذه الأداة تستخدمها واشنطن فى حالات الأزمات غير المتوقعة والطوارئ؛ لأنها تتيح لها تسليم مساعدات ومبيعات عسكرية بشكل سريع لأطراف خارجية.

وفى العام الماضى، استخدمتها الإدارة الأمريكية فى إرسال أسلحة وأموال بقيمة 11 مليار دولار لأوكرانيا فى الحرب الدائرة بين الأخيرة وروسيا.

ومنذ أغسطس استخدمت واشنطن الأداة 37 مرة لتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا؛ حيث يتم إرسالها بمجرد توقيع الرئيس على صفقات السلاح، وساعد هذا كييف فى صنع نقاط تحول لصالحها فى ميدان القتال.

 لماذا استخدامها مع تايوان الآن؟:

وجاء فى تقرير لصحيفة «آسيا تايمز»، إن واشنطن لجأت لذلك بعد تعطيل الكونجرس تسليم 66 مقاتلة F-16V فى وقت قصير، وتأجيل تسليم الدفعة الأولى من الطائرات إلى الربع الثالث من عام 2024.

كما ستضمن الصفقة المرسلة بموجب هذا التشريع أيضًا، على الأرجح، أسلحة دفاعية، مثل الصواريخ المحمولة على الكتف، وهى أسلحة مضادة للدروع وتستخدم فى عمليات الدفاع الجوى.

 تايوان و«الطريق المسدود»:

ولذلك سارعت وزارة الدفاع الصينية لتحذير واشنطن من اتخاذ هذه الخطوة فى دعم تايوان ضدها، وجاء فى إفادة إعلامية على لسان المتحدث باسم الوزارة، ونشرتها وكالة «شينخوا» الصينية:

إن الصين أعربت عن استيائها الدبلوماسى من الولايات المتحدة من هذه الخطوة، وأن استمرار الدعم الأمريكى لتايوان تسبب فى «اهتزاز أسُس العلاقات الصينية- الأميركية»، وواشنطن «تحاول تقويض السلام».

 و«الانفصاليون» التايوانيون سيتجهون إلى طريق مسدود إذا حاولوا استخدام الدعم، بما فى ذلك الأسلحة من الولايات المتحدة؛ لتعزيز استقلال تايوان.

وشدد البيان على أن قضية تايوان «خط أحمر»، والجيش الصينى سيواصل تدريباته العسكرية واستعداداته لـ«سحق بكل حزم أى شكل من أشكال استقلال تايوان».

فى هذا السياق يذهب بعض المحللين إلى أنه من المؤكد أن الساسة الأمريكيين كانوا صريحين على نحو متزايد فى دعمهم لتايوان فى السنوات الأخيرة. ولكن هذا الحماس المكتشف حديثا رمزى إلى حد كبير ومخصص للاستهلاك المحلى من قِبَل الناخبين الذين يفضلون موقفا أمريكيًا أكثر عدوانية فى التعامل مع الصين. 

يأتى ذلك فى ظل ازدياد جبهة بحر الصين والمحيط الهادى سخونة، مع استمرار المناورات العسكرية ووقوع حوادث تحرش بين السفن والطائرات الصينية والأمريكية، والتى كادت تتحول إلى صدام مسلح.

 المستنقع القادم:

ويرى بعض المراقبين الذين يرون أن السياسة الأمريكية تجاه تايوان تعمل لصالح واشنطن وليس لصالح الجزيرة؛ أن تايبيه هى ضحية الولايات المتحدة بعد أوكرانيا، وأن تايوان نفسها باتت تخشى تكرار السيناريو الأوكرانى معها.

ويرجّحون بأن التحول فى سياسة الولايات المتحدة نحو «احتواء» الصين من شأنه أن يدعو إلى يوم الحساب فى الجزيرة بدلاً من تأجيله، وقد يقود تايوان والعالم إلى مسار محفوف بالمخاطر.. فهل تكون الجزيرة المستنقع القادم بعد أوكرانيا؟!