السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شهر على معارك السودان اشتباكات «مصلحة الوطن» تهدد السودانيين بالجوع

مرّ شهر على بدء المعارك العسكرية فى السودان، من دون أن يلوح أمل فى الأفق بتوقفها نهائيًا. وبرغم المحادثات التى عقدت برعاية سعودية، إلا أن القتال فى السودان لم يتوقف، وتسبب فى تشريد نحو مليون شخص من منازلهم. وتزيد المعارك من معاناة سكان أحد أفقر بلدان العالم الذين يعيشون فى خوف دائم، فالجوع يهدّد 19 مليون سودانيّ خلال ستّة أشهر إذا استمرّت الحرب وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.



أوقعت هذه الحرب ما لا يقل عن 750 قتيلًا وآلاف الجرحى إضافة إلى نحو مليون نازح ولاجئ بسبب الاشتباكات العنيفة التى تتركز فى العاصمة الخرطوم، إضافة إلى مناطق أخرى.. وتصاعدت الضربات الجوية والقصف المدفعى بشدة فى العاصمة مع سعى الجيش لطرد الدعم السريع شبه العسكرية التى يحاربها منذ أكثر من شهر.

 أعنف المعارك

تكمن أهمية الخرطوم فى أنها محور لأعنف المعارك وأبرز المواجهات فى الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، إضافة لكونها العاصمة السياسية، تكمن فى تواجد المقار الحكومية الرئيسية فيها، أبرزها القصر الجمهورى، وقيادة الجيش، ومطار الخرطوم الدولى.

وبالنسبة للوضع الميدانى، فقد أعلنت الدعم السريع عبر منصة تلغرام ومواقع التواصل، عن سيطرتها «التامة على 95 بالمئة من مدن العاصمة الخرطوم». لكن إسلام عبد الرحمن مراسل إذاعة مونت كارلو فى السودان قال إن الدعم السريع تسيطر على «80‎ بالمئة من مساحة الخرطوم»، رقم أكده لفرانس24 اللواء د. سيد غنيم أستاذ أكاديمية ناصر العسكرية العليا والأستاذ الزائر فى الناتو وجامعة بروكسل الملكية العسكرية.

وتنحصر المعارك فى السودان الآن فى محلية الخرطوم التى تحتضن المقار الحكومية وأهمها القصر الجمهورى والوزارات الاتحادية والقيادة العامة للجيش ومطار الخرطوم، ومحلية أم درمان، إضافة إلى منطقة بحرى وبها محليتان محلية مدينة بحرى ومحلية شرق النيل، حيث تدور معارك متقطعة ومتحركة فى قطر لا يتعدى 15 كلم من مركز مدينة الخرطوم مع المدن الثلاثة. ويتواجد الجيش بكثافة حول وداخل الخرطوم. فى أول جولة ميدانية له أقحم الجيش السودانى المشاة بمواجهات مباشرة مع الدعم السريع فى 10 مايو بتركيز على مدينة بحرى، فقدت فيها الدعم السريع مساحات وانحصر وجودها على شريط النيل من كبرى الحلفايا شمالًا وحتى جامعة الخرطوم جنوبًا فى المزارع الموجودة على شريط النيل، وجنوبًا لتشمل جسر شمبات ومنطقة الصبابى وحلة خوجلى حتى الديار القطرية فى منطقة لا تتعدى مسافة كيلومتر تقريبًا، لكنها تحتفظ بقوة تقدر بـ23 عربة تتحصن بمصفاة الجيلى والمنطقة المحيطة بها. فى الخرطوم تحتل الدعم السريع كل المستشفيات الموجودة وسط العاصمة وهى حوالى 21 مستشفى إضافة إلى قوات بالقصر الجمهورى معها عدد كبير من الأسرى منذ اليوم الأول للتمرد وهى محاصرة داخل القصر.

 الأسلحة المستخدمة

يستخدم الجيش سلاح الطيران والمدفعية إضافة إلى قوات برية موجودة فى شارع النيل. توجد للدعم السريع بمنطقة الخرطوم 2 والخرطوم 3 والعمارات داخل البيوت التى غادرها رجال الأعمال والمواطنون، فى محيط يتواجد فيه الجيش من ناحية الشمال والجنوب وسط الخرطوم. كما تنتشر الدعم السريع على الطريق الدائرى من ناحية الشرق فى جبرة ولوحظ تجمعهم بمنطقة الشهيد طه الماحى بأعداد متوسطة. وإلى الجنوب من مدخل منطقة السلمة وحتى حى الراقى فى أم درمان توجد قوة فى الإذاعة وتحتفظ بعدد من العاملين بالإذاعة والتليفزيون كأسرى. تتعرض هذه القوات لضغوط كبيرة دفعتها للتحرك فى محيط حى الملازمين والاتجاه غربًا ناحية سوق ليبيا بوابة أم درمان الغربية. فى شرق النيل، تتواجد هذه القوات فى حى الهدى ومنطقة حى النصر.

الهدف الرئيسى من المعارك داخل العاصمة قطع طرق إمداد الدعم السريع، التى تمر عبر الجنوب من الأبيض باتجاه جنوب الخرطوم، ومن دارفور باتجاه أم درمان، فى حين تحاول الدعم السريع الاحتفاظ بتواجدها فى الأحياء السكنية والمقرات الحكومية والرئاسية بالعاصمة. 

تواجه هذه القوات بعض المعضلات المتعلقة بإمداد وحداتها، فرغم تكديسها لكميات كبيرة من الذخائر فى عدة مناطق بالعاصمة، إلا أن استمرار النشاط الجوى للجيش السودانى، قلّص بشكل كبير من عمليات الإمداد. لوحظ فى هذا الصدد أن عناصر الدعم السريع تتسلح بقاذفات كتفية مضادة للطائرات من نوع FN-6 صينية الصنع، تمكنت إحداها من إسقاط مروحية قتالية تابعة للجيش السودانى.

 على مستوى القوة البشرية، استعانت قوات الجيش السودانى بقوات الاحتياطى المركزى، وهى قوات شرطية تم الدفع بها باتجاه أسواق وسط العاصمة، ودخلت فى اشتباكات مع الدعم السريع، لكن لم تمثل هذه القوات إضافة إلى المجهود العسكرى للجيش السودانى، نظرًا لمحدودية تسليحها وتدريبها. ما زالت الدعم السريع قادرة على إرسال تعزيزات لوحداتها فى العاصمة، انطلاقًا من إقليم دارفور ومن مدينة الأبيض، وتحاول قوات الجيش السودانى حاليًا قطع خط الإمداد الرئيسى للدعم السريع المتواجدة فى القصر الجمهورى، والذى يمر من أم درمان إلى الخرطوم بحرى ثم إلى القسم الجنوبى من العاصمة السودانية.

 مناطق سيطرة الجانبين

تعكس الخارطة العسكرية الحالية للسودان الأهداف الاستراتيجية لكل طرف من هذه الحرب، وأهمية كل ولاية وأيضًا أهمية كل مدينة داخل تلك الولايات وموقعها. وتكمن أهمية دارفور فى كونها قاعدة خلفية لإمداد الدعم السريع، فى المقابل تعتبر مدينة بورتسودان غربًا والمطلة على البحر الأحمر بمثابة الرئة والمتنفس الأساسى لنظام الخرطوم، وهى أيضًا مطمع لأكثر من قوة كبرى تسعى للسيطرة على المنطقة الممتدة من مضيق باب المندب مرورًا بالبحر الأحمر ووصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط. يسمح ميناء بورتسودان إضافة لدوره الاقتصادى الحيوى، بإمداد الجيش السودانى بالعتاد والعديد إن اقتضى الأمر، كما هو الحال بالنسبة إلى مطار الخرطوم الذى يعد هدفًا أساسيًا للجانبين وكان مسرحًا لأولى المعارك بينهما، خصوصًا لأهميته فى بناء جسر جوى لإمداد القوات المتحاربة بالعديد والعتاد أيضًا.

كذلك، تسمح ولايات ومدن غرب السودان التى تخضع كثير منها لسيطرة الدعم السريع، لهذه الوحدات شبه العسكرية بالتزود بالعديد والعتاد من إقليم دارفور.أما شرقا،ً فيسعى السودان لإبقاء الطريق نحو المناطق الحدودية مع إثيوبيا سالكًا لإمداد قواته المرابطة هناك بالعديد والعتاد، تحسبًا لأى هجوم من «قوات إثيوبية» على منطقة الفشقة الزراعية الخصبة المتنازع عليها.

بلغة الأرقام، يضم السودان 18 ولاية يسيطر الجيش على أغلبها فيما عدا ولاية دارفور الإقليم الواقع بغرب البلاد على الحدود مع تشاد، والذى تم فيه تسليح مدنيين للمشاركة فى الاشتباكات بين الجنود والدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمردين، وذلك وفقًا للأمم المتحدة، وما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. وشهد إقليم دارفور حربًا دامية فى 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات عرقية أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 191 قتيلًا واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف.

ولعل أهمية هذا الإقليم إضافة إلى مساحته الممتدة على مليون كيلومتر مربع غنية بخام البترول واليورانيوم والغاز ومناجم كبيرة لاستخراج الذهب، هى المخاوف من أن يتسبب الصراع الحالى فى إيقاظ النزاع السابق، فى ظل مقتل العشرات باشتباكات شهدتها دارفور. 

وعن الوضع الميدانى فى دارفور، أعلنت الدعم السريع بأن الجيش السودانى هاجم «بالمدافع الثقيلة والدبابات عددًا من الأحياء السكنية فى مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور مما تسبب فى مقتل 20 شخصًا وإصابة العشرات.

وتقع كل عواصم الولايات السودانية عدا ولايات دارفور الخمس والخرطوم، تحت سيطرة الجيش السودانى، الذى يسيطر على معظم المدن شمالًا وشرقًا والجانب الجنوبى الشرقى يتقاسم الجيش السيطرة مع الدعم السريع فى الخرطوم، أم درمان، الأبيض، والفاشر. كما يسيطر الجيش بشكل كامل على المدن شمالا بورتسودان، عطبرة، مروى، دنقلة، وشرقا على كسلا، ود مدنى، القضارف، سنار، وجنوبًا على دمازين، كادقلى، وغربا على زالنجى ورغم عدم اليقين بشأن الوضع فى ولايات دارفور الخمس سوى وقف القتال الذى تم بموجب اتفاقات قبلية، يبدو أن الدعم السريع تسيطر على معظم مدن وسط غرب وجنوب غرب السودان وهى كبكابية، الجنينة، فورو بارانجا، نيالا، أم دافوق، الداين.. وبشكل عام، يسيطر الجيش السودانى على معظم المدن شمالًا وشرقًا والجانب الجنوبى الشرقى، مع وجود جيوب مهمة للدعم السريع فى الأُبيض والدمازين وتواجد مهم لها فى إقليم دارفور، خاصة فى عواصم ولايات الأقاليم الفاشر، الجنينة، ونيالا، حيث شهدت مدينة الجنينة خلال الفترة الأخيرة اشتباكات ذات طابع عرقى.. كذلك، أوضح مراسل إذاعة مونت كارلو فى السودان بأن «أغلب ولايات السودان هى تحت سيطرة الجيش»، وقدّر عدد الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد لهم قواعد وينتشرون فى أنحاء السودان، أما العتاد فهو يتوزع على عشرة آلاف سيارة رباعية الدفع مزودة برشاشات ومضادات طيران. وعدد غير معلوم من المدافع. مع امتلاكهم لعدد من الدبابات استخدمت فى معارك دارفور».