الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مفارقة بائسة

مفارقة بائسة

مفارقة تراچيكوميدية أثارتها تداعيات المسلسل الرائع (تحت الوصاية) الذى عُرض فى الماراثون الرمضانى هذا العام وحقق نجاحًا باهرًا شغل- ولا يزال- الرأى العام.. وتضمّن ردود أفعال واسعة لشرائح مختلفة من جمهور المشاهدين شمل تعليقاتهم على صفحات الجرائد والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعى.



تتصل هذه المفارقة بالمفهوم الذكورى المتخلف لقدرات المرأة العقلية القاصرة والمتدنية المتصلة بسلوكها الاجتماعى والمادى بالمقارنة بالرجُل والتى عبّرت عنها «د.نيفين مسعد» فى مقال بالأهرام فى معرض حديثها عن القضية الأساسية المثارة من خلال المسلسل، والمعنية بالولاية الشرعية على أموال الأولاد القُصَّر فى حالة وفاة الأب.. والتى تذهب إلى الجد ما لم يتنازل عن حقه فيها.. وبعد وفاة الجد يصبح العم أو أى ذكر من عصب الأب طالما تقدم أحدهم للمطالبة بهذا الحق.. بل والمدهش أن يكون هذا الوصى المختار لا يشترط فيه أن يكون من أقارب الأب فالمهم أن يكون موضع ثقة من الأصدقاء أو المعارف أو حتى- تَزَيُّدًا- من عابرى السبيل.. المهم أنه يحجب الوصاية عن الأم التى يقتصر دورها- بموجب هذا القانون - على التربية والرعاية الصحية.. والأرجح أن يكون هذا الاختيار العجيب نكاية فى الأم ومن باب التنكيل بها، والقطع بعدم جدارتها بإدارة أموال أطفالها.

وكمثال لتلك المفارقة البائسة ما صرّحت به إحدى الأمهات فى شكوتها من هذا القانون الجائر ما عانته من قبل المجلس الحسبى حال رغبتها فى القيام بعملية مالية بسيطة عند شراء جهاز كمبيوتر لطفلها؛ حيث تم استدعاء الطفل لسؤاله عن طبيعة دراسته، وعلاقتها باستخدام الكمبيوتر.. وما إذا كان يحتاج إليه أمْ أن أمه «اللئيمة» هى التى أوعزت إليه بذلك!- وهو موقف يصلح مادة لسيناريو فيلم ينتمى إلى الكوميديا السوداء الساخرة التى تعتمد على المفارقات الصارخة التى تفجر ضحكًا كالبكاء- وينتهى الأمر بأن يتم صرف النظر عن شراء الكمبيوتر.. وذلك فى مقابل تمتع الولى الشرعى- «الذكر»- بالحرية الكاملة فى إجراء التصرفات المالية فى دولة تولت فيها امرأة مسئولية إدارة وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.. وتبوأت فيها أخريات مناصب اقتصادية رفيعة فى منظمات دولية.

والمفارقة البائسة تلك تعنى بجلاء ووضوح معيب أن هذا التمايز الغريب الذى يشى بتواضع وتدنى قدرات المرأة العقلية بقياس إلى قدرات الرجُل يتماهى مع مواقف التكفيريين من السلفيين والمتطرفين دينيًا من المرأة ومكانتها ودورها فى المجتمع المعاصر واقتصاره على إنجاب الأطفال وتربيتهم، ورفضهم لعملها.. وانتقاصًا لحقوقها وكرامتها.. فى الوقت الذى حصلت فيه المرأة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى على حقوق كثيرة لم تحصل عليها فى عهود سابقة.

فأى مفارقة غريبة تلك؟!