الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خبيرة صم ومترجمة لغة إشارة فى مدارس الأمل للصم بجامعتى الزقازيق وقناة السويس نعمات الشحات: أتمنى أن يتم تدريس لغة الصم فى المدارس

فى  رحلة الحياة أنت مَن تختار الطريق أن تكون أو لا تكون، وأن تترك أثرًا طيبًا يكون بصمة لك بعد الرحيل أو تعزف عن الحياة. 



هى اختارت الكرَم والعطاء فمثلما تشتهر محافظتها بالكرَم كانت هى أيضًا مهدًا للعطاء والكرم واختارت قضاء ما يزيد على ثلاثين عامًا من حياتها فى نشر العلم ومساعدة إحدى الفئات المهمشة وتقديم العون لهم لكى يستطيعوا الاندماج داخل المجتمع بشكل طبيعى دون عون.. هى السيدة نعمات الشحات أحمد الشحات خبيرة صم ومدرب ومترجمة لغة إشارة فى مدارس الأمل للصم والمجتمع المدنى بجامعتى الزقازيق وقناة السويس.. وهى إحدى سيدات محافظة الشرقية الملهمات اللاتى تم تكريمهن فى يوم المرأة العالمى من السيدة انتصار السيسى قرينة الرئيس عبدالفتاح السيسى.. «روزاليوسف» التقت السيدة نعمات لتسرد لنا قصتها.

تقول السيدة نعمات: «كانت البداية قبل 34 عامًا عندما التحقت بمدارس الصم وكنت مدرسة سمعى ثم تخصصت فى الإعاقة السمعية وذهبت لمدارس الإعاقة لقربها من بيتى وتعلمت هناك لغة الإشارة الصحيحة على أيدى أبنائى.. عندما التحقت بمجتمع الصم لم تكن لدىَّ القدرة على التعامل معهم كمَن ذهب لدولة أوروبية لا يفهم لغتها ولا يمكنه التواصل مع مَن بها. كانت حياتى تسير بشكل عادى أنتهى من عملى وأذهب للبيت مثل أى مُدرّسة عادية وكنت أتعامل مع الأولاد الصم بإشارات خاطئة.

 وخلال ذلك لاحظت أن أبنائى من الصم لا يستطيعون التعامل بمفردهم دون عون فى العالم الخارجى فلا يكونون قادرين على الوصول للمستشفى بمفردهم حال المرض، أو حتى عند شراء منتج يحتاجون إلى مساندة طوال الوقت.. فبدأت فى اصطحابهم معى فى كل مكان وتذليل الصعوبات لهم... وعندها أصر أبنائى من الصم على تعليمى لغة الإشارة الصحيحة لكى أقدّمهم للمجتمع بشكل صحيح وبعد أن أصبحت مستعدة بدأت أقدّم دورات لتعليم لغة الإشارة فى النوادى والنقابات والجمعيات لكى يكون طاقم المكان عونًا لأى شخص من ذوى الاحتياجات الخاصة إذا صادف وجوده فى أحد تلك الأماكن ويبدأون فى تذليل الصعاب له ومساعدته.

وبدأ ابنائى من الصم فى توجيهى إلى الأماكن التى يحتاجون للتواجد بها أو حل مشكلاتهم بها. 

بدأت من ناحية فى اصطحاب أبنائى من الصم لكل مكان وتوعيتهم بتلك الأماكن وكان الجزء الصعب فى مسيرتى هو التعامل مع فئة الصم غير المتعلم فهو غير قادر على استخدام لغة الإشارة الخاصة بالمثقفين وكان تحديًا بالنسبة لى؛ ففى إحدى المرّات تم استدعائى لمساعدة مريض من الصم فى المستشفى وكان غير متعلم فبدأت فى الحديث معه بلغة الإشارة ولم أكن أفهمه فجلست بجانبه أقوم بتهدئته لفهم ما يقول حتى فهمت منه تدريجيًا.

أتمنى المرحلة المقبلة أن يتم تدريس لغة الصم فى المدارس. والآن تقوم مدير عام التربية الخاصة فى محافظة القاهرة بالعمل على إخراج كتاب للمرحلة الابتدائية مصور يخدم ذوى الهمم من فئة الصم ويكون لائقًا بأولادنا من ذوى الهمم. وعملت مع أساتذة المناهج وعلوم التربية على إخراج مثل هذا الكتاب. 

 تدريبات ومبادرات

تستطرد السيدة نعمات حديثها حول ما تقدمه من تدريبات ومبادرات قائلة: «قدمت 70 دورة فى الجامعة لتعليم لغة الإشارة و35 دورة بالتأهيل الاجتماعى للمعاقين، كما قدمت ندوات توعوية بمخاطر مرض الإيدز والسرطان والإسعافات الأولية والجروح والحروق للطلبة والطالبات الصم. 

وبعد أن قامت شركة المياه والصرف الصحى بإطلاق منصة تدريبية وإدراج ذوى الهمم بحزمة تدريبات عن المخاطر التى يواجهها الصم من المياه والكهرباء قمت بتحويل تلك التدريبات للغة الإشارة دون أى مقابل لخدمة أولادى من ذوى الهمم وقمت بتدريب كل مديرى خدمة العملاء بشركة المياه والصرف على مستوى جميع مراكز المحافظة بالشركة الأم. 

وقمت بأول مبادرة توعوية مع المجلس القومى للمرأة عن الزواج المبكر وختان الإناث، ومبادرة عن العنف ضد المرأة وكان جميع الحضور من الصم.

وأعمل فى الوقت الحالى مع رابطة المرأة العربية على التوعية بحقوق المرأة فى الدساتير والقوانين الدولية للحفاظ عليها وعلى حقها فى التعليم والصحة والترشح للانتخابات وحقها القانونى فى الميراث ومساعدتها فى المطالبة بحقها بالتعرف على الخطوط الساخنة لحمايتها وكيفية الإبلاغ عند التعرض للتحرش.

 التكريمات

وعن التكريمات التى حصلت عليها تقول السيدة نعمات: «تم تكريمى من كلية التمريض بالمؤتمر الدولى الأول للتنمية المستدامة مع ذوى الإعاقة، وكُرّمت من المؤتمر الدولى الثانى للتربية الخاصة على ما قدمته للصم، كما التحقت بمسابقات تحدّى القراءة على نطاق التربية والتعليم لتدريبهم وتعليمهم واستطاعت محافظة الشرقية حصد 5 ميداليات ذهبية فى القراءة. 

 التكريم من قرينة الرئيس

أمّا عن لقائها بالسيدة انتصار السيسى فتقول السيدة نعمات: «جاءنى اتصال فى أحد الأيام قائلاً: «إن شاء الله تكونى وجهة مشرفة لمحافظة الشرقية»، لم يبلغنى أحد بأى شىء وعندها شعرت بالخوف.. لم أتخيل يومًا منذ بدأت فى عملى التطوعى بتعليم لغة الإشارة أن أحصل على تكريم، والكثيرون كانوا يسخرون من عملى ويتهموننى بتضييع الوقت.. وعندما وصلت للحظة التكريم وواجهت السيدة انتصار وجدتها سيدة مصرية أصيلة ترغب فى نشر كل ما هو جميل عن نساء مصر للدول العربية والعالم. فهى كانت تحدثنا قائلة لا بُدّ أن يعرفكن الجميع وأن تكونن فى المقدمة وأنتن نماذج أفخر بها.. كنت آخر من تحدّث معها أخبرتها قائلة لم أكن أحلم فى يوم من الأيام أن أجلس مع حرم رئيس الجمهورية والآن أنا معكِ على نفس المائدة أتحاور معكِ.. فكان ردها علينا «سأستمع لكم جميعًا».