السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«حلق» عمرو دياب!

فى وقت كتابة هذا المقال، نشر على مواقع التواصل الاجتماعى، وموقع الفيديوهات «يوتيوب» إعلان للنجم الكبير «عمرو دياب» لصالح إحدى شركات المياه الغازية العالمية الكبرى.



والحقيقة يجب أن نشيد بالمبدأ الذى يتعامل به «عمرو دياب» فى كيفية التعامل مع الإعلانات الترويجية، فهو دائمًا ما يصر على خلق نوع من الترابط بينه وبين المنتج الذى يقوم بالإعلان عنه، وهذا أمر فى غاية الأهمية يغفل عنه تقريبًا كل الفنانين الذين يشاركون فى كل الإعلانات، حيث يكون هدفهم الأول والأخير الربح المادى.

فعلى سبيل المثال فى نفس التوقيت صدر أيضًا إعلان لـ«ياسمين عبدالعزيز» لصالح شركة من شركات الاتصالات الكبرى، ونفس الفنانة كان لها العام الماضى إعلان آخر لشركة اتصالات منافسة للشركة التى أعلنت لها هذا الأسبوع؟! ونفس الأمر يتكرر مع كل الفنانين، ولا أدرى لماذا تغفل هذه الشركات أهمية هذه النقطة، فكيف سأقوم بتصديق ما يقوله فنان عن منتج ما، وأنا أرى نفس الفنان يقول تقريبًا نفس الكلمات على شركة منافسة! أين المصداقية هنا؟!

التجارب الإعلانية التى يقدمها «دياب» عبر السنوات المتواصلة، تؤكد جيدًا أنه يدرك تمامًا أهمية الترابط بين ما يقدمه من أغانٍ وبين المنتجات التى يعلن لها، لدرجة أننا أصبحنا نرى مؤخرًا تحولاً فى طريقة صناعة الإعلانات التى يُشارك بها، وكأن الشركات هى التى تسوق لمنتجات «عمرو» الغنائية، بل تحاول أن تربط نجاحاتها بنجاحاته المتواصلة منذ ما يقرب من 30 عامًا، مثلما حدث مع إعلان شهر رمضان الماضى، فى إعلان شركة «البريد».

كما يتم استغلال تواجده فى الإعلانات ليقوم بالتسويق لأغانيه، ولعلنا نتذكر النجاح الكبير لألبوم (أكتر واحد بيحبك) الذى ارتبط بظهور «عمرو دياب» بـ«لوك» مختلف، وصادم، فى إعلان لشركة مياه غازية، قبل طرح الألبوم بأيام قليلة، ليرتبط المنتج المعلن عنه، بالمنتج الغنائى الذى يقدمه «دياب» لجمهوره، وتكون المنفعة مشتركة.

نفس الأمر يتكرر حاليًا فى الإعلان الأخير، حيث استمعنا إلى مقطع غنائى قصير جدًا لا يتعدى الـ 20 ثانية، ولكنه كشف لنا الرؤية الموسيقية التى سيعتمد عليها الهضبة فى عمله القادم، حيث تتنحى موسيقى الـ«مقسوم» مؤقتًا، لنستمع إلى إيقاعات الـ «Reggaeton» اللاتينية، وهو أمر ليس بجديد عليه، فهو واحد من رواد تقديم هذه الإيقاعات فى الشرق الأوسط، وله العديد من الأغانى بنفس الإيقاعات، أشهرها (معدى الناس) التى حملت اسم الألبوم الصادر فى عام 2017، تأكيدًا على أن الأغانى التى يقدمها هذا الفنان للجمهور تكون نابعة لتجارب سابقة، وفق رؤية موسيقية.

ولكن أهم ما لفت نظرى فى هذا الإعلان هو ظهور «عمرو دياب» بـ«الحلق» فى مظهر، ربما يكون غير معتاد على ثقافتنا العربية، صحيح أن موضوع ارتداء «الحلق» ليس بجديد، ولكن الجمهور كان يتحدث عنه بسبب الصور المسربة من السهرات الشخصية للهضبة، ولكن هذه المرة، نحن أمام عمل «رسمى» فى رسالة رسمية من الفنان لجمهوره الذى شن عليه بعض الحملات بعد أول ظهور له بالـ«حلق» بأنه لن يسير حسب أهوائهم، وأنه سيفعل ما يراه صحيحًا.

وإحقاقًا للحق، «عمرو دياب» تقريبًا هو الفنان الوحيد فى الوطن العربى الذى يحافظ على المساحة بينه وبين جمهوره، فهو لا ينافق المحافظين على السوشيال ميديا، ولا يحاول أن يظهر بثوب «الفنان المتدين» كما يفعل زملاؤه الذين ينشرون منشورات بأدعية، بل إن بعضهم يصرح بشكل علنى بأنهم يريدون «التوبة» قبل الاعتزال!

عمرو دياب يؤكد دائمًا أن الجمهور ليس له أى حقوق عليه سوى جودة المنتج الفنى فقط لا غير، ولذلك هو يفعل ما يحلو له بغض النظر عن آراء العامة، وحالة النفاق على السوشيال ميديا، والابتزاز الدينى المحافظ الذى يقع فيه أغلب الفنانين.

ولذلك يلبس عمرو دياب الـ«حلق» فى مشهد يصطدم بالثقافة العربية المحافظة، ويرسم الوشم على ذراعه رغم الآراء الدينية التى تحرمه، ويدعم ابنته المراهقة فى الغناء، بل يشاركها رغم الدعاوى التى لا تزال تقول أن «صوت المرأة عورة»، ويعلن ارتباطه بشكل غير مباشر بالممثلة «دينا الشربينى»، ولا يقع ضحية الابتزاز الدينى من مدعى الفضيلة والأخلاق، بضرورة الكشف عن السند الشرعى لهذه العلاقة!

حتى على المستوى الفنى، «عمرو دياب» فى حفلاته لا يستجيب لنداء البعض من جماهيره الذين يرغبون فى تغيير «بروجرام الحفلة»!

ورغم كل هذا الجدل، ورغم كل هذا الابتزاز، لا يزال «عمرو دياب» ناجحًا، ولا تزال أعماله تلقى النجاح، لسببين فى غاية البساطة، الأول يعود للجودة الفنية التى يقدمها وقدرته على الاستمرارية، والثانى لأنه لم يعوّد «جمهوره» على أن يتحكموا فى أفعاله الشخصية.

وهذا هو المنهج الذى يطبقه الهضبة برسائل غير مباشرة، وكأنه يقول للجمهور: «أنتم ملكمش عندى غير فنى وبس»!