كتاب و أديب.. «ملائكة وشياطين» رواية المواجهة والمصالحة.. «دان براون» أراد أن يصالح «الفاتيكان» بعد «شيفرة دافنشى» الحلقة 7

لم يكن كتاب «الكيان» للكاتب الأمريكى إريك فراتينى الكتاب الوحيد الذى سجل الصراع الدائم والمستمر بين الفاتيكان وكل ما يهدد سلطته.

فقد خاض الكاتب الأمريكى والروائى الشهير «دان براون» هذه الحرب الشرسة عندما قرر أن ينشر كتابه الشهير «شيفرة دافنشى» والذى كان يتحدث فيه عن فكرة الكأس المقدسة، والجماعات التى تؤمن بدور مريم المجدلية فى الكنيسة بشكل عام.

 

وعلى الرغم من الزوبعة التى أثيرت حول رواية «شيفرة دافنشى» ورد فعل الفاتيكان عليها، ووضعها فى قائمة الكتاب الأسود ومنعها من التداول لفترة؛ فإنه نشر روايته الأخرى والتى يجسد فيها الصراع الكبير بين العلم والدين ألا وهى رواية «ملائكة وشياطين» وهى الرواية التى حازت على إعجاب الكثير فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وتحولت إلى فيلم بطولة الممثل الأمريكى توم هانكس محققا إيرادات كبيرة، كما ترجمت الرواية إلى العديد من اللغات منها الفرنسية والإسبانية والعربية.

ودان براون (Dan Brown) (مواليد 22 يونيو 1964 فى ايكسيتير، نيوهامشير، الولايات المتحدة الأمريكية).

وهو يمزج فى كتبه بين الطابع العلمى والفلسفى وهو الأمر الذى ميز كتاباته ومكّنه من تحقيق أفضل المبيعات، فقد حققت رواياته رواجًا كبيرًا بين الأجيال الشابة فى أمريكا وأوروبا.

وتأثر «براون» بأسرته فقد كان والده يعمل أستاذ رياضيات وحاز على العديد من الجوائز، أما والدته فكانت محترفة للموسيقى الدينية، وهكذا نشأ دان فى بيئة تجمع بين العلم والدين.

تزوج دان من بلايث وهى أستاذة فى علم تاريخ الفن ورسامة وكثيرًا ما ترافقه فى رحلاته الاستكشافية ورحلات البحث التى يقوم بها والتى كان آخرها فى باريس حيث قضيا بعض الوقت فى متحف اللوفر بشأن أمور تتعلق بروايته شيفرة دا فينشى.

تخرج دان من جامعة آمهيرست وأكاديمية فيلبس اكستير حيث عمل لبعض الوقت كمدرس للغة الإنجليزية قبل أن يوجه كل طاقاته إلى الكتابة. ولشغفه بفك الشفرات وأسرار المنظمات الحكومية، ألف أول رواية له بعنوان الحصن الرقمى والتى سرعان ما أصبحت رقم 1 فى أكثر الكتب الإلكترونية مبيعًا على المستوى المحلى.

أطلقت عليه مجلة التايم بعد إصدار روايته شيفرة دا فينشى أنه واحد من أكثر مائة شخص أثروا فى العالم.

وتم ترجمة رواياته ونشرها فى أكثر من 40 لغة حول العالم.

ألف دان براون العديد من القصص والروايات: الحصن الرقمى، حقيقة الخديعة، ملائكة وشياطين، الرمز المفقود، شيفرة دا فينشى، الجحيم وأخيرًا رواية أصل (origin).

وتركزت الأضواء فى بداية عام 2004 على روايات دان براون الأربعة فى صحيفة نيويورك تايمز، وصارت من أكثر الكتب مبيعًا خلال نفس الأسبوع.

نجحت روايات دان بروان للوصول إلى السينما، وأُنتِجت عدة أفلام سينمائية عن رواياته، وهي: فيلم شيفرة دافنشى، وفيلم ملائكة وشياطين، وفيلم «الجحيم» المأخوذ من الرواية نفسها وقامت شركة كولومبيا السينمائية بالشروع بإنتاج فيلم مقتبس من رواية الرمز المفقود جميعها من بطولة الفنان توم هانكس.

فى أكتوبر عام 2009، تبرع براون وأقرباؤه بمبلغ قيمته 2.2 مليون دولار أمريكى إلى أكاديمية فيليبس إكستر تكريمًا لوالده كى تقوم الأكاديمية «بتوزيع حواسيب وأدوات عالية التقنية للطلاب المحتاجين».

وفى روايته «ملائكة وشياطين» أرخ « براون» الصراع بين الدين والعلم، مجسدا ذلك فى الصراع بين الفاتيكان ومجمع «سيرن» العلمى.

وبراون كلمة سيرن (CERN) هى اختصار لجملة (Conseil Européen pour la) والتى تعنى المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، وهى عبارة عن منظمة عالمية كبيرة تمتلك وتدير العديد من المختبرات النووية والفيزيائية، وبها نخبة من العلماء الكبار فى الفيزياء والهندسة، مستخدمين أحدث الأدوات والتقنيات العلمية لدراسة المكونات الأساسية للمادة أى الجسيمات الأساسية، فهى منظمة تُعنى بدراسة فيزياء الجسيمات.

وهى منظمة علمية تهدف إلى كسر ما يعرف بحدود البشر العلمية عن طريق دراسة أدق التفاصيل الكونية من أول الذرة، ولقد تم تأسيسها عام 1951 وكان عدد أعضاء هذه المنظمة آنذاك حوالى عشرين فردًا، وفى عام 1954 تم تغيير اسمها إلى ما هى عليه الآن «المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية» وانضم إليها العديد من الدول الأعضاء.

منذ ذلك الحين بدأت منظمة سيرن مسيرتها فى علم فيزياء الجسيمات والتى أثمرت عن العديد من الاكتشافات المبهرة والمبتكرة والتى حولت العالم، فلقد حاز علماء منظمة سيرن على العديد من الجوائز فى نوبل لاكتشافاتهم الجديدة، فهم من أنشأوا شبكة الإنترنت.

 وفى كتابه ملائكة وشياطين يكشف «براون» عن طبيعة مجمّع سيرن السرّى فى أوروبا وذلك، قبل إعلانه للعالم عن تجربته القاضية بمحاكاة عمليّة الـ«بيغ بانغ» عبر خلق «المادّة المضّادة» (أساس الوجود) لأول مرة فى التاريخ من خلال تصادم جزئيات بسرعات خيالية.

وتدور قصة الكتاب انطلاقًا من التجربة فى سيرن، التى سببت انقسامًا بين قادة الكنيسة الكاثوليكية بين من يحذّر من خطورتها ويعتبرها منافية لإرادة الله وبين من يراها أنها تثبت وجود الخالق وتهدم الهوّة التاريخية بين العلم والدين.

وفى فترة اكتمال التجربة العلميّة فى سيرن، يموت البابا ويُدعى الكاردينالات من كافة أنحاء العالم لاختيار رأس جديد للكنيسة الكاثوليكية.

إلا أن هنالك عدوًّا بانتظارهم عندما يحضرون إلى روما، تشير رموزه على أنه يتحدّر من «المتنوّرين»، الذين يعود عداؤهم لروما إلى قرون طويلة عندما قامت السلطات الدينية بمحاربة العلم ورجاله ومنهم جمعيّة المتنورّين.

وفى الرواية يقوم هذا العدوّ المجهول بخطف أربعة من كبار رجال الدين الكاثوليك، وهم  الأربعة الذين يملكون أعلى الحظوظ لانتخابهم خليفة للبابا الراحل.

وتتطوّر المواجهة بين الكنيسة الكاثوليكية وأمن الفاتيكان الذى يستعين بالمحقق روبرت لانغدون لاسترداد الكاردينالات الأربعة قبل تصفيتهم من قبل عدوّ مجهول يهدّد بتفجير الفاتيكان بالكامل.

وتم نشر رواية ملائكة وشياطين لأول مرة عام 2000م، وهى ثانى روايات  دان براون والذى قد كان أكثر جراءة فيها، فقد واجه المجتمع بشدة وكشف العديد من أسرار الفاتيكان أمام الجميع، حيث ضمت العديد من المعلومات الدينية والتاريخية والأثرية والعلمية عن الذرات والطاقة والمادة.

 وليوازن براون بين الكفتين فى روايته  لم يغفل عن المتنورين وألاعيبهم ؛ حيث قام بكشف العديد من خطط وأسرار تلك الجماعة التى تهدف لهدم الأديان والتشكيك بها. 

وعلى الرغم من نشر العديد من الكتب والروايات التى تنتقد رجال الدين فى الفاتيكان؛ فإن هناك روايات أخرى انتقدت حياة الرهبنة الكاثوليكية مثل رواية «الراهبة» والتى خرجت منها أشهر شخصيات السينما الأمريكية وهى ما سنتناولها العدد القادم بإذن الله.