الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عندما قال نور الشريف: «السيناريو ده مايعملوش إلا أحمد زكى» "الحلقة الحادية عشرة"

كعادتها دائمًا كانت «روزاليوسف»- ولاتزال- تستضيف على صفحاتها تاريخ الفنانين وحكاياتهم.. نستكشف  من مسيرة العمر ومشواره قصص الكفاح والحب والأمل والصعود.. لأننا نؤمن أن تاريخ البلد ووجدان الشعب ما هو إلا محصلة أيام ويوميات وحكايات رموزه.



يصحبنا فى هذه السطور الكاتب الصحفى الكبير محمد توفيق فى رحلة ممتعة مع فتى الشاشة الأسمر عبر كتابه «أحمد زكى86».. ونتيح لحضراتكم فصلًا من حياته وأحد أهم أعوامه زخمًا وفنًا وتأثيرًا.

ونحن بنشر الكتاب على فصول نؤكد أن حكاية فنان بحجم أحمد زكى هى ملك لكل محبيه وجمهوره.. بحلوها ومرها.. بما حققه من إنجازات وبطولات.. وبكل ما قابله من خذلان.. لأنه رمز كبير وهذا قدر الكبار.

 

1

بعد أن انتهت فترة النقاهة، جاء المخرج عاطف الطيب إلى أحمد زكى بسيناريو فيلم جديد كتبه عبد الحى أديب، وأطلق عليه اسم «مَن قَتل أُم الخير؟» وتشاركه البطولة سناء جميل، فرحّب أحمد بالفيلم، ووعد الطيب بأن يقرأ السيناريو خلال الأيام القادمة؛ لكنه لم يكتمل رغم نشر غالبية الصحف لتفاصيله.

وفى صباح اليوم التالى، عاد مرة أخرى لاستكمال تصوير الأفلام التى كانت مُعطلة بسبب مرضه، وأول هذه الأفلام فيلم «الحادثة» الذى تغيَّر اسمه إلى «المخطوفة»، ويشاركه فى بطولته ليلى علوى وكمال الشناوى، ويُخرجه شريف يحيى.

وقد توقف تصوير هذا الفيلم كثيرًا، مرة بسبب أحداث الأمن المركزى، وأخرى بسبب مرض أحمد زكى، علاوة على توقفه لقرابة عامين بسبب مشكلات مادية واجهت المنتج جمال الليثى.. ولم يتبق فى الفيلم سوى مشاهد قليلة حتى يتم الانتهاء من تصويره، وبالفعل خلال أيام تم الانتهاء من تصوير المشاهد المتبقية فى الفيلم.

واستأذن أحمد من المخرجَين علىعبدالخالق ومحمد خان فى رحلة سريعة إلى لندن للاطمئنان على صحته بناءً على رغبة الطبيب. وبعد ثلاثة أيام عاد إليهما، وتفرغ لفيلمين سيبدأ تصويرهما فى وقت متقارب؛ الأول اسمه «أربعة فى مهمة رسمية»، والثانى «زوجة رجل مهم»، ولكلٍّ منهما قصة.

2

«أربعة فى مهمة رسمية» هو فيلم للمخرج على عبد الخالق، وتأليف محمد دوارة. ويتناول الفيلم قضية الروتين المتحكم فى الجهاز الحكومى، ولكن بصورة جديدة وساخرة.

وقد بدا واضحًا أن الفيلم قد تم تصويره عام 1986 وذلك من خلال مناقشة موظف الحسابات (عبد الله مشرف) وأحمد زكى فى الهدف الذى أحرزه مارادونا بيده فى نهائى كأس العالم.

 وشارك فى بطولة الفيلم نورا ونجاح الموجى،بينما تصدر الأفيش مع أحمد زكى ثلاثة حيوانات: شمبانزى، وحمار، ومِعزة. لم تكن تلك التجربة سهلة على أحمد زكى، بل كانت مرهقة جدًّا، فقد عانى كثيرًا فى ترويض الشمبانزى التى أطلق عليها اسم «دلال» حتى يقرّب المسافات بينهما ويُشعر المشاهد أنها تشارك فى التمثيل.

لكن الشمبانزى كانت عنيدة، وتقوم بحركات مفاجئة فى أثناء التصوير، وكان على أحمد أن يتعامل معها، ويقوم بتغيير طريقة أدائه، بل إنه اضطر إلى أن يستخدم معها القسوة- على حد تعبيره- فى بعض الأحيان حتى يستطيع السيطرة عليها داخل الاستديو.

أحبَّ أحمد هذا الفيلم لاختلافه عن بقية أعماله، ورأى أنه سيفاجئ الجمهور، ويكسر النمطية بتقديم فيلم يختلف شكلًا ومضمونًا عن سائر الأفلام الأخرى، وذلك رغم الصعوبات الشديدة التى واجهها فى أثناء التصوير.

ومن أكثر المشاهد التى عانى أحمد فى تصويرها مشهد تم تصويره ظُهًرا فى ميدان طلعت حرب فى وسط القاهرة، وتسبب فى تعطيل حركة المرور؛ لأن الحيوانات الثلاثة فرّت منه، وظل يجرى خلفها يلاحقها أمام الجمهور الذى احتشد فى الشارع أمام كافتيريا «جروبى» ليشاهد أحمد زكى،وهو يطارد الشمبانزى والحمار والمِعزة.

لكن اللافت أن تلك الحيوانات كان لها أجر حصل عليه أصحابها، فقد حصل الحمار والمعزة على مئة جنيه لكل منهما للاشتراك فى تصوير الفيلم، أما الشمبانزى فهو الأعلى أجرًا بين الحيوانات الثلاثة، فقد وصل أجره إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة جنيه، وذلك كإيجار فقط لتصوير الفيلم، وربما تجاوز أجر هذا الشمبانزى أجر بعض العاملين فى الفيلم.

3

لم يكن من السهل على أحمد زكى أن يخرج من شخصية الموظف الحكومى الذى يرافق ثلاثة حيوانات فى رحلة من الأقصر إلى القاهرة إلى شخصية ضابط مباحث، وأن يخرج من مناقشات حول ترويض الشمبانزى،ليجسّد غضب ضابط صدر قرار بتركه للخدمة.

لكنّ أحمد فعلها رغم أنها تحتاج إلى جهد ذهنى ونفسى كبير. كان يعمل على الفيلمين فى توقيت واحد؛ يخرج من تصوير «أربعة فى مهمة رسمية» ليتناقش مع المخرج محمد خان والكاتب رؤوف توفيق فى سيناريو فيلم «زوجة رجل مهم»، واتفقوا على أن تكون بطلة الفيلم هى ميرفت أمين.

وروى خان لأحمد كيف جاءته فكرة الفيلم وتفاصيل ما جرى بينه وبين أحد الضباط الذى احتدّ عليه ففجّر بداخله فكرة الفيلم، فذهب بها إلى صديقه الكاتب الصحفى رؤوف توفيق الذى تعرض لموقف مشابه مع أحد الضباط، وجلسا معًا حتى صاغ رؤوف سيناريو وحوار واحد من أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.

وحين قرأ أحمد السيناريو شعر أنه بحاجة لقدر كبير من التأمل فى تفاصيل تلك الشخصية، والدخول إلى عقل وقلب هذا الضابط الذى لا يرى نفسه فوق القانون بقدر ما يرى أنه هو القانون ذاته.

جلس الثلاثة، أحمد زكى وخان ورؤوف، كثيرًا لمناقشة كل أبعاد الشخصية، وأجرى الثلاثة حوارات صحفية حول الفيلم الجديد الذى يقومون بالتحضير له.

وقبض أحمد زكى على شخصية الضابط وأمسك بكل تفاصيلها، وبدا مثل الطبيب النفسى الذى يعرف كل أبعاد الشخصية وعاش معها داخل الاستوديو وخارجه.

وفى أحد الأيام كان أحمد يقيم حفل عشاء بمناسبة زواج ابن خاله، وقبل بداية العشاء حضر حارس العمارة التى يقيم فيها، وتحدث معه البواب بصورة لم تُعجبه، فتحول فى لحظات إلى شخصية ضابط المباحث فاحتدَّ على البواب وضربه.

وبعد لحظات هدأ أحمد وعاد إلى شخصيته ونادى على حارس العمارة واعتذر له وقَبَّل رأسه وطلب منه الجلوس فى المطبخ وأعطاه أصنافًا كثيرة من الطعام للعشاء مع زوجته وأولاده.

ما جرى لأحمد فى تلك اللحظة تكرر معه كثيرًا فى حياته، فلم يكن يخلع رداء الشخصية على باب الاستديو مثلما يفعل غالبية الممثلين، بل كان يذهب بالشخصية إلى غرفة نومه، وربما السبب الرئيسى الذى جعل أحمد ينفعل على حارس العمارة بهذه الطريقة بل ويقوم بضربه هو أن نفس المشهد موجود بحذافيره داخل سيناريو الفيلم وأنه كان يستعد لتصوير هذا المشهد خلال أيام قليلة.

والطريف أن ما فعله فى حارس عمارته تكرر بالضبط فى أثناء تصوير الفيلم، وذلك حين انفعل أحمد بصورة أثارت دهشة محمد خان، لدرجة أن من يقوم بدور حارس العمارة فى الفيلم جرى على السلم من أمام أحمد زكى بمجرد أن صرخ المخرج: «استوب». وبعد انتهاء المشهد ذهب أحمد إلى الممثل الذى يقوم بدور البواب واعتذر له عن انفعاله فى أثناء أداء الدور.

لم تتوقف الأعراض الجانبية لشخصية الضابط إلى هذا الحد، بل شعر أحمد بوجع شديد فى بطنه، وصار يتعرّق كثيرًا دون أن يشعر بالحر، وعندما تكرر معه ذلك لأيام ذهب إلى صديقه الدكتور المنيلاوى وشرح له ما يحدث معه، فأعطاه الطبيب بعض الأدوية لعلاج القولون. ولكن الأدوية لم تداوِ أحمد فعاد مرة أخرى للطبيب فتعجب الدكتور المنيلاوى ثم ابتسم وسأل أحمد زكي: «هو أنت بتعمل إيه دلوقتى... احكى لى على دورك فى الفيلم اللى بتمثله؟»، فحكى له أحمد عن «هشام» الضابط الذى تم استبعاده من الخدمة، فضحك الطبيب، وقال له: «إذن هشام هو الذى مرض فى بطنه، وصار العرق يلازمه بعد خروجه من الخدمة، وليس أنت». ففرح أحمد أن المرض لم يعاوده مرة أخرى، وأن هذا التعب هو بمثابة الأعراض الجانبية للشخصية التى يؤديها.

 

4

وفى تلك الأثناء وقعت أزمة كبيرة بين صناع الفيلم وجهاز الرقابة، وتوقع بعض النقاد أن تتكرر أزمة فيلم «البرىء» مع «زوجة رجل مهم»؛ لأنه يتناول قصة ضابط مباحث، ويكشف عن سوءاته، وعلّقت الكاتبة ماجدة خير الله قائلة: «الرقابة بأنيابها ووزارة الداخلية بمخالبها تستعدّان للانقضاض على (زوجة رجل مهم)».

وكأن قَدَر أحمد زكى أن تتعرض أفلامه لأزمات مع الرقابة والداخلية. وخشى أحمد أن يدخل «زوجة رجل مهم» نفس الدائرة المغلقة التى دخلها قبله فيلم «البرىء»، ونجا منها بأعجوبة.

ولكنّ حظّ «زوجة رجل مهم» كان أفضل من حظ «البرىء» فقد وجد كُتابًا كثيرين يدافعون عنه من بينهم الكاتب والناقد رجاء النقاش الذى رأى أن أسباب الرقابة لمنع الفيلم هزيلة ومُفتعَلة، وكذلك الكاتب عبدالستار الطويلة الذى رأى أن الفيلم يدافع عن مباحث أمن الدولة وينتصر للرئيس السادات.

وبعد سلسلة طويلة من النقاشات وعدد كبير من المقالات المؤيدة للفيلم، وافقت السيدة نعيمة حمدى على عرض الفيلم بوصف تلك القصة جرت أحداثها فى عصر الرئيس الراحل أنور السادات، وبالتالى فلا تعبِّر عن المرحلة الجديدة خصوصًا أن الضابط تم استبعاده من الخدمة فى نهاية الفيلم.

لكنَّ المشهد الذى أزعج الرقابة وتوقف عنده النقاد طويلًا هو المشهد رقم 62 الذى يحقق فيه «هشام» ضابط المباحث، مع أحد الصحفيين.

وهذا المشهد تحديدًا أرَّق أحمد زكى كثيرًا، فلم يستقر على الطريقة التى سيؤديه بها قبل ثوانٍ قليلة من وقوفه أمام الكاميرا، وظل مرتبكًا للحظات؛ لكن بمجرد أن مر من أمام الكاميرا، وجلس على مكتب الضابط تلبّسته روحه.

 

5

لكن السؤال الذى ظل يتردد كثيرًا: كيف استطاع أحمد زكى أن يؤدى شخصية «هشام» الضابط ذى النظرة الحادة المتشككة التى تحمل تساؤلات كثيرة والقادرة على زرع الخوف فيمن تقع عليه عينه، بعد أن خرج لتوه من أداء شخصية «أحمد سبع الليل» القروى الساذج صاحب العين الباهتة والقفا العريض الذى يبدو أن صاحبه مستعد أن يُضرب عليه؟

ربما لأن أحمد بدأ يستعد لأداء شخصية «سبع الليل» منذ أكثر من عامين، حين حكى له وحيد حامد قصة «سبع الليل» الحقيقى الذى قابله قبل تسع سنوات حين كان يشارك وحيد فى مظاهرات 18 يناير عام 1977، ويومها تلقى وحيد ضربة عنيفة من الخلف بعصا غليظة من أحد عساكر الأمن المركزى، وحين رفع عينه ليحاول أن يمسك العصا وجد أمامه شابًّا من أبناء قريته «بنى قريش» التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية.

لم يصدق وحيد ما رأى، وتعجب الشاب الفقير الذى لا يستطيع القراءة والكتابة من وجود ابن قريته بين المتظاهرين، فسأله: «هو أنت من أعداء الوطن يا أستاذ وحيد؟!».

لم يغادر ما جرى فى تلك الليلة ذهن وحيد حامد، لكنه استدعاه بعد سنوات حين جلس على منضدته المطلة على نيل القاهرة، وأمامه فنجان من القهوة وكوب مملوء بالثلج، وكلما ذاب الثلج طلب كوبًا آخر.. وأمسك بقلمه الحِبر الأسود، وبدأ يكتب على الأوراق الملونة التى أمامه قصة جديدة لم يستقر لها على اسم.

وبعد عام كامل قضاه وحيد مع «أحمد سبع الليل»، بطل قصته، أنهى كتابة السيناريو، وكتب فى الصفحة الأولى اسم الفيلم «بيت إبليس»- ويقصد المكان الذى يتم فيه الاعتقال والتعذيب.

وفى الصفحة الثانية كتب إهداء يقول: «إلى عشّاق الحرية والعدالة فى كل زمان ومكان.. أُهدى هذا الجهد المتواضع».

ولملم وحيد أوراقه  وأعطاها إلى مساعده ليقوم بكتابتها على الآلة الكاتبة حتى يذهب بها إلى الرقابة.

6

وفى يناير 1984 تقدم وحيد إلى جهاز الرقابة للحصول على موافقته على سيناريو الفيلم، وأكد أن فكرته الأساسية هى «قضيتا الحرية والعدالة».

ووافقت الرقابة على سيناريو الفيلم دون إبداء أى ملاحظات، وذهب وحيد حامد بالسيناريو الحاصل على موافقة الرقابة إلى صديقه المخرج عاطف الطيب، وتحمس الطيب، وفكّرا فى إنتاجه؛ لكنهما شعرا بأنه بحاجة لإمكانيات مادية كبيرة لا تتناسب مع قدرتهما المالية.

واتجها معًا إلى أحمد زكى الذى عمل معهما من قبل فى فيلم «التخشيبة»، وعرضا عليه بطولة الفيلم وإنتاجه أيضًا.

ووافق أحمد زكى على بطولة الفيلم وإنتاجه، لكنه عاد إليهما بعد عدة أيام، وأخبرهما بأنه لن يستطيع إنتاج هذا الفيلم.

فغضب وحيد حامد وعاطف الطيب وقررا أن يسحبا منه بطولة الفيلم بسبب تراجعه عن إنتاجه بعد أن كانا قد استعدّا لبدء التصوير.

وذهب حامد والطيب إلى نور الشريف ليقوم بالبطولة بدلًا من أحمد زكى واستأذنهما نور أن يقرأ السيناريو قبل أن يحسم قراره، فوافقا.

وبعد عدة أيام اتصل نور بوحيد وعاطف وطلب منهما أن يحضرا إليه، وذهبا إليه واستقبلهما مبتسمًا ثم قال لهما وهما يشربان القهوة: «السيناريو ده مايعملوش إلا أحمد زكى»...!

وعاد وحيد حامد وعاطف إلى أحمد زكى مرة أخرى، واعتذر أحمد لهما بسبب ما فعله، وأخبرهما أن سبب تراجعه هو أن شركته ما زالت فى بدايتها، وهذا الفيلم أكبر من قدرتها.

7

لم يكن أحمد حين رفض إنتاج فيلم «البرىء» يبحث عن المكسب المادى، لكنه أيضًا لم يُرد أن يخسر كل أمواله فى فيلم واحد. فحين فكر أحمد زكى فى تأسيس شركة إنتاج كان هدفه الأول هو أن يسد الفراغ الذى يجده فى الأعمال التى يشارك فيها، فلم يكن يحتمل أى خطأ فى الأفلام التى يقوم بها، وكان كلما رأى عملًا به نقاط ضعف أرَّقته كثيرًا، وجعلته يكاد يُصاب بالجنون من كثرة تفكيره فى سد تلك الثغرات حتى لو لم يكن ذلك يمسه من قريب أو بعيد؛ لذلك قرر أحمد أن يصير منتجًا حتى يكون مسؤولًا عن العمل بأكمله- على حد تعبيره- بما فيه الكومبارس وأماكن التصوير والموسيقى، وكل شىء.

وحاول كثيرون تحذير أحمد زكى من الإقدام على تلك الخطوة خصوصًا أنه لا يفهم فى الأمور المالية، وقالوا له: «يا جدع إنتاج إيه.. أنت ناقص وجع دماغ»، وأخبروه بأن من يقوم من الفنانين بالإنتاج هو من لا تُعرض عليه أعمال كثيرة أو تكون أفلامه تجارية تحقق له ربحًا ماديًّا أكبر من التمثيل.

وحاول أحمد ألا يلتفت إلى تلك التحذيرات، وبدأ يشترى عددًا من الروايات لنجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، وميخائيل رومان، وغيرهم، ولكنه لم يشترِ قصصًا سينمائية جاهزة، بمعنى أدق السيناريو والحوار.

وعندما سُئل عن السبب أجاب: «أنا اشتريت الأعمال التى وجدتُ فيها نفسى.. روايات تلمسنى من الداخل.. روايات فيها حاجة حلوة جدًّا.. وأنا لا أنظر مَن الذى كتب مع احترامى لهم جميعًا، ولكنى أنظر إلى الورق المكتوب، وما به من أحداث فقط».

واستمرت رحلة بحث وحيد حامد وعاطف الطيب وأحمد زكى عن منتج لفيلم «بيت إبليس» حتى التقوا مع الفنانة سميرة أحمد وزوجها صفوت غطاس، صاحبى شركة إنتاج «فيديو 2000».

وأبدت سميرة حماسها للفيلم وكذلك غطاس، لكنهما اتفقا على ضرورة تغيير اسمه الذى حصل على موافقة من الرقابة «بيت إبليس»، واقترحا له اسمًا آخر هو «سبع الليل» ثم استقروا جميعًا على أن يكون اسم الفيلم هو «البرىء».