الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
صورة كل عام وكلام كل سَنة

صورة كل عام وكلام كل سَنة

الصورة للاعبنا العالمى «محمد صلاح» والذى اعتاد فى السنوات الأخيرة نشر صورة احتفاله مع أسرته فى الكريسماس، ومثل كل مرّة ينشر فيها الصورة تجتاح الفيسبوك مظاهرة للتنديد به وسبه ووصفه بكل الصفات القبيحة أقلها أنه منافق، ووصل الأمْرُ مع البعض بمطالبته بالتخلى عن اسم «محمد» وأن يتخذ اسمًا مسيحيًا له، وقال آخر إن محمد صلاح فخر المسيحيين، وأنه تطبّع بطبع الصليبيين، ولكن الجديد هذه المرّة اتهام البعض له بأنه جعل زوجته تخلع الحجاب رُغْمَ أنها تغطى شعرها بالفعل، ولكنه الترصد ومَن يحاول تصيد الأخطاء أو اختراعها إن لم توجد، صحيح أن «صلاح» لم يعدم من يدافع عنه ويكشف زيف أفكار المهاجمين له ويشرح لهم أن الكريسماس إذا كان احتفالاً دينيًا عند البعض فى الغرب فإنه طقس موسمى عند الأغلبية لا علاقة له بالدين وأنه من الأفضل مشاركة الناس فى احتفالاتهم، ولكنّ هؤلاء المدعين لا يقنعهم كلامُ العقل والمنطق ولا فتاوَى الدين الصحيحة فقد سرق المغالون والمتطرفون عقولهم وملأوها بأفكار دخيلة على الإسلام السمح، ربما كان أفضل ما فى هذا الأمْر هو إصرار «صلاح» على الاحتفال ونشر صورة مع أسرته رُغْمَ الهجوم عليه فى السنوات الماضية وهو ما يعنى أن ابن قرية نجريج القابعة فى الدلتا قد تطوّر وتطورت أفكاره، وأنه لا يهاب مثل هذا الهجوم ويثق فى إيمانه وحُسن إسلامه، والأكثر أن زوجته وهى أيضًا قادمة مثل زوجها من الريف تطورت ولم تعد تكترث بهذه المفاهيم المغلوطة ولم تعد تزعج نفسها بإرضاء أصحاب هذه العقليات المريضة.



الغريبُ أن بعضَ المغالين من المسيحيين لا يزالون يرون «صلاح» متطرفًا لأنه سَمّى ابنته «مكة» ولأنه يسجد حمدًا لله بعد تسجيله كل هدف فى المباريات، وهؤلاء لا يبتعدون كثيرًا عن المتطرفين المحسوبين على الإسلام، وغير بعيد عن هذا ما تعرّض له شيخ الأزهر من هجوم ضارى لأنه قدّم التهنئة للمسيحيين بعيد الميلاد ووصل الأمْرُ إلى التشكيك فى دينه وعقيدته وعلمه واتهامه بالمداهنة والنفاق على حساب الدين، وهو ما يتعرض له الإمام كل سَنة كلما قدّم التهنئة للمسيحيين فى المناسبات المختلفة، ولكنه لا يرد إلا بالحُسنى والشرح المبسط لصحيح الدين، ما تعرّض له الأمامُ الأكبرُ واللاعبُ محمد صلاح يأتى فى إطار خطة ممنهجة لمحاولة فرض المفاهيم المتطرفة ونشر الأفكار المغلوطة فى المجتمع؛ حيث ينتشر كل سَنة على وسائل التواصل الاجتماعى فى عيدَىْ الميلاد والقيامة كلامٌ بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، وأنا أوصفه بالكلام وليس الفتوَى لأن الفتاوَى تصدر من المختصين والمتخصّصين وأعنى دار الإفتاء والأزهر، وقد رد الاثنان على هذا الكلام بفتاوَى تبيح وتدعو إلى تهنئة المسيحيين بأعيادهم؛ بل ذهب بعض العلماء إلى تحبيذ الاحتفال بعيد ميلاد المسيح؛ حيث أفتى الدكتور على جمعة- مفتى الجمهورية السابق- بأن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح أمرٌ مشروعٌ لا حُرمة فيه؛ لأنه تعبيرٌ عن الفرح به، كما أن فيه تأسِّيًا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ».

وأضاف «جمعة» فى فتواه: «إن المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورُسُله كلهم، ولا يفرّقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعَم الله تعالى على البشر.. وإذا كان الأمْرُ كذلك؛ فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم؛ كل ذلك مشروع؛ بل هو من أنواع القُرب التى يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبى صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام؛ وأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لمّا قدم المدينة وجد اليهود يصومون يومًا- يعنى: عاشوراء-، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجّى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرًا لله، فقال: «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» فصامه وأمر بصيامه».

ورُغْمَ أن فتوَى الأزهر ودار الإفتاء موجودة منذ سنوات طويلة وتتم إذاعتها كل عام؛ فإن المتعنتين والمتنطعين يحاولون الترويج لكلامهم المَوسمى وادعاء أنهم يدافعون عن الدين وهو منهم براء، هؤلاء المدعون زورًا أنهم علماء لا يملون من نشر كلامهم كل سَنة ويتحينون فرصة الأعياد لبث سمومهم، وأعتقد أن كلامهم هذا يوقعهم تحت طائلة القانون بتهمة نشر الفتنة فى المجتمع إذا أردنا بالفعل التصدى لهم بجدّيّة، وأتمنَى تعميم فتوَى الأزهر ودار الإفتاء فى كتُب الدين التى يتم تدريسها فى المدارس حتى يفهم الجيل الجديد صحيحَ الإسلام فى هذه القضية وحتى لا نترك فرصة للمتطرفين للعبث بعقول أبنائنا.

كل عام و الإمام الأكبر يهنئ المسيحيين بأعيادهم ومحمد صلاح يحتفل مع أسرته بالكريسماس وإخوتنا وأصدقائنا الأقباط بخير.