الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
هل نستغل هدية اليونسكو؟

هل نستغل هدية اليونسكو؟

مع اقتراب عيد الميلاد المجيد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة فى مصر على قائمتها للتراث الثقافى غير المادى بَعد جهد كبير بذلته وزارات الثقافة والآثار والخارجية استمر أربع سنوات كاملة، وهى فرصة كبيرة لنا لو أحسنا استغلالها فى الدعاية السياحية ودعوة المسيحيين فى العالم لزيارة الأماكن التى مرّت وأقامت بها العائلة المقدسة، ويا ليت نستفيد هذه المرّة من قرار اليونسكو، فنحن حتى الآن ورُغْمَ كل الجهود المبذولة من وزارتَىْ السياحة والآثار فلم نستفد كما ينبغى من قرار الفاتيكان الذى صدر عام 2018 بوضع مسار رحلة العائلة المقدسة على خريطة المسارات السياحية الدينية فى العالم باعتباره من أهم الأماكن الدينية المسيحية المقدسة.



الفاتيكان يتبعه 1.2مليار كاثوليكى ولو استطعنا جذب 1% فقط منهم لوصل عدد زوار هذا المسار إلى مليون ومائتى ألف سائح سنويًا، ولعل السببَ فى عدم الاستفادة الكاملة أن معظم المَواقع التى مرّت بها العائلة توجد فى قرى ومدن صغيرة لا تمتلك القدر الكافى من الخدمات الأساسية، وتحتاج تطويرًا كبيرًا حتى يكون بمقدورها جذب الأفواج السياحية من كل بقاع العالم، وربما تكمن الصعوبة فى تعدد هذه المواقع وطول مسافتها التى تصل إلى ثلث مصر تقريبًا- نحو 2900 كيلو متر-، ولعل قرار اليونسكو والذى يمكن اعتباره هدية يدفعنا للإسراع بالتطوير والإنجاز فى ظل حاجتنا المُلحّة إلى زيادة السياحة وما تقدمه للدخل القومى من العُملة الصعبة، وبجانب دعايتنا على استقدام السياح المتدينين فى عيد الميلاد فى شهر يناير وعيد القيامة فى شهر أبريل من كل عام؛ خصوصًا مَن يقوم منهم بزيارة الأماكن المقدسة فى فلسطين مثل كنيسة المهد وبيت لحم وطريق الآلام ونهر الأردن؛ حيث يمكننا إقناع قطاع عريض منهم بتتبع مسار العائلة المقدسة فى مصر قبل ذهابهم لإتمام مشاعر ومناسك الحج فى القدس؛ فإنه يمكننا أيضًا الاستفادة من إدراج الاحتفالات ضمْن التراث العالمى فى جذب السياح باقى شهور السنة؛ حيث تمتد الاحتفالات بعيد مجىء العائلة المقدسة ومولد العذراء فى العديد من المدن المصرية من شهر مايو إلى شهر أغسطس، وذلك فى الأماكن التى مرّت بها العائلة وتركت بها آثارًا عديدة والتى حددت مواقعها الكنيسة المصرية؛ حيث بدأت الرحلة من العريش ثم تل بسطة وبعدها سخا، ومنها عبرت فرع رشيد إلى وادى النطرون، فإلى المطرية؛ حيث توجد بئر البلسم التى يقول التقليد المسيحى إن العذراء غسلت فيها ثياب المسيح، كما توجد شجرة مريم التى جلست تحتها العائلة تستظل من الشمس، ثم ذهبت إلى حارة زويلة التى تضم ديرًا من أقدم أديرة الراهبات، وتركتها إلى مصر القديمة وهناك مكثت العائلة المقدسة فى كهف والذى أقيم عليه كنيسة أبو سرجة، وبعدها استقلت قاربًا من المعادى إلى الصعيد مرورًا بالبهنسا ثم جبل الطير بسمالوط فى المنيا ثم إلى الأشمونين وتحركت إلى ديروط فالقوصية وأقامت هناك نحو ستة أشهُر بالقرب من قرية مير، وهو المكان الذى شُيّد فيه الدير المُحرّق ويضم أول مذبح حجرى فى المسيحية، وبعدها انتقلت العائلة إلى جبل درنكة؛ حيث يوجد حاليًا دير العذراء، ثم سلكت الطريق نفسَه فى العودة بعد أن تلقى القديس يوسف أمرًا إلهيًا بالعودة بعد موت هيردوس الذى كان يَقتل الأطفال خوفًا من ظهور المسيح، ولأن الأماكن التى مرّت بها العائلة عديدة فانه تقام الكثير من الموالد والاحتفالات، ومن بينها- على سبيل المثال- عيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر، والاحتفال السنوى الذى يقام فى دير درنكة بأسيوط، كما تقام احتفالات للسيدة العذراء فى كنيسة الزيتون بالقاهرة.

اليونسكو أعطانا فرصة للترويج للسياحة الدينية وجذب السياح الذين يحبون الفولكلور والاحتفالات الشعبية، وحسب ما قاله الدكتور مصطفى جاد- عميد المعهد العالى للفنون الشعبية وممثل الوفد المصرى والمشرف على اعتماد هذه الاحتفالات لدى اليونسكو- فى حواره مع الزميلة المتميزة هاجر عثمان والذى نشر فى «روزاليوسف» الأسبوع قبل الماضى «فإن الاحتفالات التى تم توثيقها تتضمّن مَظاهر البهجة والرقص والغناء وتعميد المواليد والعادات والتقاليد والأكلات الشعبية والأزياء وطقوس التبرك لتحقيق الأمنيات بالأماكن المقدسة ودحرجة النساء لعلاج العُقم وزفة الإيقونات والروايات الشعبية التى تتوارثها الأجيال»، وكلها احتفالات يمكن أن تجذب السائحين إذا أحسنا الترويج لها.

مَنحتنا اليونسكو فرصة فهل نستغلها مع اقتراب عيد الميلاد وبَعده عيد القيامة ثم موالد العذراء أمْ نُضَيّع الفرصة مرّة أخرى؟!