الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بهاء طاهر بالأمس حلمت بك!

بهاء طاهر بالأمس حلمت بك!

بهاء طاهر تعرف (بالأمس حلمت بك)، أشعر بنظرة الاستغراب فى عينيك فأنت لا تعرفنى، لكن لدماثة خلقك المعروفة عنك ودبلوماسيتك التى اكتسبتها من عملك بالسلك الدبلوماسى فى الأمم المتحدة بجنيف لن تقول إنك لا تعرفنى، ستكتفى بتقطيبة جبينك المعهودة وابتسامتك الصامتة، دعنى أخبرك بعضًا من حلم الأمس بك: رأيت فيما يرى النائم إنى (ذهبت إلى شلال)، تبتسم؟ ها؟! لأنى للتو قد ذكرت أسماء أحد كتبك، يبدو أنك ستبتسم كثيرًا فقد صادفتك هناك وصادفت كل كتبك، رأيتك وأنت تخرج من (نقطة النور) لما رأيتك قلبى كان يمتلئ بالحزن عليك لرحيلك إلى الموت (واحة الغروب)، وجدتنى أردد مقطعًا من روايتك شرق النخيل: لو أنَّا نموت معاً. لو أن الناس كالزرع ينبتون معاً ويحصدون معاً فلا يحزن أحد على أحد ولا يبكى أحد على من يحب. لو يحصد زرع البشر الذى ينبت معاً كله فى وقت واحد ، ثم يأتى نبت جديد يخضر ويكبر ، لا يذكر شيئاً عما سبقه ولا يفكر فيما سيجىء.



ساعتها ابتسمت ابتسامتك المغلفة بالرقة وقلت لى: ألا تذكرين ما قلته فى رواية واحة الغروب: “لم أفهم معنى ذلك الموت، لا أفهم معنى للموت.. لكن ما دام محتماً فلنفعل شيئاً يبرر حياتنا.. فلنترك بصمة على هذه الأرض قبل أن نغادرها. فوجدتنى أخبرك بكل حماس ما دار على مدار الأسبوعين منذ رحيلك من تفاعل الناس كل الناس حتى الذين لا يهوون قراءة الأدب مع مقولاتك المأخوذة من قصصك ورواياتك، لقد تركت بصمة يا أستاذ كبيرة لأنك كنت مهمومًا بالإنسانية والذود عنها وعن مشاعرها، بعض الكتاب وهم يكتبون يكون نصب أعينهم ذواتهم فقط، لذلك الذى يكتب عن الناس وأحلامهم وحبهم وفرحهم وحزنهم يتذكره الناس، فتهتف: حقا، أبشع شىء ليس الحزن، ولكن اختفاء الحزن. أقول بحماس: الناس حزنها عليك كبيرًا والكل يقرئ روحك الجميلة السلام، فترد سعيدًا: الحب الحقيقى التقاء روحين والأرواح لا تتنافس فى الجمال ولا فى الذكاء لأن كلّ الأرواح جميلة وذكية. ساعتها ارتبكت قليلاً فقال: أعرف سبب ارتباكك وهو ما كتبته صحفية عنى بقسوة بعد رحيلى، لكن لا يهم فهناك طوفان من الحب مقابل بضع كلمات منقوعة بالكراهية، سعيد جدًا بكل من كتب عنى كلمة جميلة لا أعرفهم جميعًا لكنى سعيد بهم جميعًا، فأنا لا أعرف أسماء الزهور لكنى أحبها، فأكمل بثقة هذا مقطع من روايتك الجميلة قالت ضحى، فترد: صحيح، هى من أحب الروايات لقلبى وإن لم تنل القدر الكافى من الاهتمام كبقية أخواتها: الحب فى المنفى ونقطة النور وواحة الغروب، أقاطعك بمنطق العارف بك، وأقول: عندك حق، أحببت ضحى وأحببت كل بطلات رواياتك فالمرأة عندك قوية لا أنسى صفية فى خالتى صفية والدير، ولا أنسى كاثرين فى واحة الغروب، لكن أستاذ لماذا غيوم الشجن تغييم على قصص الحب فى رواياتك، ساعتها كنت فى الحلم تتوسط سحابة بيضاء كالثلج، يحيط بها النخيل الذى تشبه قامته قامتك الشامخة، فقلت وأنت تتأرجح متهاديا فى تلك السحابة: ما معنى الحب إذا لم نشترك فى كل شىء.. فى الحزن والفرح. كنت تقول هذه الجملة بينما السحابة البيضاء تمضى بك بعيدًا شرق النخيل بينما حولك الطواويس تطير فأهتف باسم كتابك الأخير: لم أعرف أن الطواويس تطير بينما تلوح مودعًا ممتطيًا تلك السحابة فى طريقك لواحة الغروب. فأقوم من نومى وعلى وجهى ابتسامة تشبه ابتسامتك الأليفة، ويغمرنى شعور وكأنى أراك أمامى فأهتف فرحة: بالأمس حلمت بك.