الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حل فى الوقت بدل الضائع

حل فى الوقت بدل الضائع

أنهت الحكومة مشكلة مستلزمات إنتاج أعلاف الدواجن، وسمحت بدخولها من الموانئ بعد  احتجازها لفترة غير قليلة، وجاء ذلك بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى ظهر فيه بعض منتجى الدواجن وهم يتخلصون من «الكتاكيت» لأنهم لم يجدوا أعلافًا لها، تحركت الحكومة سريعًا بعد نشر الفيديو، وكان الأولى بها أن تتحرك قبل أن تصل الأزمة إلى ذروتها، ولا أناقش هنا هل ما فعله أصحاب فيديو التخلص من «الكتاكيت» صح أم خطأ؟ وهل يستحقون العقاب أم لا؟ ولكن المؤكد أن أصحابه لم يلجأوا إلى هذا الأسلوب إلا بعد استنزاف كل الوسائل الممكنة لحل المشكلة، هذا لا يعنى أننى أؤيدهم فيما فعلوه أو أرفضه، ولكن ما يعنينى هو لماذا تأخرت الحكومة ووزارة الزراعة والجهات المعنية بهذه الصناعة فى الحل واتخاذ القرارات فى الوقت المناسب رغم الشكاوى المتكررة والمتعددة من منتجى الدواجن وتحذيرهم من تفاقم المشكلة؟ لقد كانت الأزمة واضحة للجميع والتى تتمثل فى أنه لا توجد أعلاف فى الأسواق، ومستلزمات إنتاجها محجوزة فى الجمارك، ولكن تداعيات قرار الاعتمادات المستندية والتأخير فى توفير الدولار أدى إلى عدم الإفراج عنها.



الأزمة أدت إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير وعدم توافرها لمعظم المنتجين وتبعها ارتفاع كبير فى سعر الدواجن والبيض، ومع تفاقم المشكلة التى أدت إلى توقف كثير من المزارع عن العمل ظهر فيديو إعدام «الكتاكيت»، بعدها تدخل رئيس الوزراء واتخذ عدة قرارات أهمها الإفراج عن اعتمادات مستندية بقيمة 44 مليون دولار، وهو ما يعادل 60 ألف طن مع وعد بتوفير اعتمادات أخرى بشكل منتظم، ولكن إذا كانت المشكلة واضحة، وحلها معروف للجميع، لماذا لا يتم اتخاذ القرارات فى الوقت المناسب؟ لقد تكرر هذا الأمر من قبل عندما ظهر أحد مستوردى الشاى الذى تستحوذ شركته على 70 % من سوق الشاى فى مصر، وقال إن المخزون لا يكفى سوى شهر واحد فقط، وأن الشركة تواجه مشكلة فى توفير وارداتها من الشاى  لعدم استطاعتها تدبير الدولار اللازم لعمليات الاستيراد، وتقدم بشكوى إلى مجلس الوزراء  وعدد من البنوك وطالب بضرورة تدبير العملة الصعبة ليتمكن من الإفراج عن 6 آلاف طن شاى موجودة بالموانئ منذ أكثر من شهرين، وحذر صاحب الشركة من حدوث نقص شديد فى الشاى فى السوق إذا لم تُحل المشكلة، وبالفعل تدخلت الحكومة وحلت الأزمة.

لا أدرى لماذا تتأخر الجهات المعنية فى حل المشكلات خاصة المتعلقة بطعام ومزاج المواطنين وكان يمكنها حلها قبل أن تتفاقم وترتفع الأسعار وتزيد معاناة البسطاء، أعرف أن هناك أزمة عالمية طالت جميع دول العالم وأعلم أيضًا أن هناك أزمة فى الدولار، ولكن الأولويات تجعل الحكومة تضع سلعًا بعينها فى قائمة الضروريات، والحالتان السابقتان نموذج لذلك، فكثير من البسطاء يعتمدون على الفراخ للحصول على البروتين لكونها أقل فى السعر من اللحوم الحمراء والأسماك، كما أن البيض يمثل وجبة رئيسية لمعظم الأسر، بجانب أنها صناعة ضخمة ولا يجب إهدارها، حيث ننتج سنويًا مليارًا ونصف المليار دجاجة و13 مليار بيضة تكفى الاستهلاك المحلى ويفيض القليل منها للتصدير، أما الشاى والبن فنحن ثالث دولة عالميًا فى استهلاكهما باعتبارهما المزاج الأساسى للمواطنين ولا يمكن الاستغناء عنهما، كل هذه الأرقام معروفة وتداعيات اختفاء هذه السلع متوقعة فلماذا تتأخر الجهات المعنية فى مواجهة الأزمات؟ ولماذا تنتظر حتى آخر الوقت لكى تقدم الحل وكأنها مثل فريق الكرة الذى يحرز هدفًا فى الوقت بدل الضائع، ولكن من يضمن أنه فى المرات القادمة إذا استمرت معالجة الأزمات بنفس الأسلوب أن الفريق سيتمكن من إدراك الوقت وإحراز الهدف قبل انتهاء المباراة؟