الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تعليم بلا تربية

تعليم بلا تربية

 مع بداية العام الدراسى الجديد هل يتذكر أحد أن الوزارة المعنية بالتعليم اسمها الرسمى وزارة التربية والتعليم؟، إننا جميعا كدنا ننسى ذلك والدليل أن الاهتمام الأكبر ينصب على التعليم دون التربية، والحديث منذ سنوات يتركز فقط حول تطوير التعليم وأساليبه الجديدة ومناهجه الحديثة ولا أحد يتحدث عن تطوير التربية فى المدارس، وكأنها تم نسيانها وتجاهلها سهوا أو عمدا وفى الحالتين فإن التعليم ينقص أحد أعمدته الرئيسية.



فى زمن مضى كان يسبق اسم المدرس لقب المربى الفاضل، وقتها كان احترامه واجبا ولازما حتى إن كثيرا من التلاميذ كانوا يختبئون عندما يشاهدون معلمهم فى الشارع حتى لا يراهم، ولا ننسى أن الكليات التى يتخرج منها معظم المدرسين اسمها التربية وليست التعليم فى إشارة واضحة أنها الأساس الذى يبنى عليها العملية التعليمية كلها، فى الماضى كان للمدرسة دور حقيقى فى تنشئة التلاميذ الصغار وغرس القيم والأخلاق داخل عقولهم ونفوسهم، وأتذكر على سبيل المثال الاهتمام بنظافة المدرسة حتى إنه كانت تقام مسابقات لأفضل فصل تم تجميله بأدوات الزينة واللوحات المختلفة، وهو ما كان يعلم الأطفال الصغار حب الجمال والنظافة ويعودهم على رفض القبح وهو ما اختلف الآن حتى بتنا نشاهد كثيرا من المدارس تحيط بأسوارها القمامة والتى أصبحت وكأنها جزء منها دون أن يحرك ذلك ساكنا للمسئولين، وعلى ذكر الأشياء فإن المدارس فى اليابان والتى حاولت نقل التجربة إلينا من خلال المدارس اليابانية التى أنشئت منذ سنوات قليلة تهتم بمشاركة التلاميذ والمدرسين فى نظافة المدرسة حتى تعودهم عليها ولا أدرى هل يتم تطبيق ذلك فى المدارس اليابانية المصرية أم لا؟، على أن الأهم هو تنشئة التلاميذ على قيم الحب والخير والجمال والعدل، وقديما لم نكن نشاهد المشاجرات بين الطلاب والتى وصلت إلى حد استخدام الأسلحة البيضاء، وقد أكون مبالغا عندما أقول أن عدم الاهتمام بالتربية فى المدارس أخرج لنا أجيالا حاصلة على شهادات ولكنها غير متعلمة لأنها لا تعرف قيم التعليم الحقيقية، وقد لفت نظرى أن الجرائم التى شدت انتباه المجتمع فى الآونة الأخيرة بسبب بشاعتها وقسوتها كان أبطالها من الحاصلين على شهادات عليا أو طلاب فى الجامعات، وهو ما يعنى عدم حصولهم على أى تربية فى المدارس التى تعلموا بها، وآخر هذه الجرائم مصرع صيدلى سقط من شرفة منزله وتداولت وسائل الإعلام أن أهل زوجته وراء سقوطه إما إكراها وترهيبا وإجبارا له أو بإلقائه من الشرفة، والمدهش أن المتهمين خريجو كليات القمة ومنهم طبيب وطبيب أسنان وصيدلى ومهندس، كما لا ننسى أن حوادث قتل الطالبات كان وراءها طلبة جامعات بزعم حبهم لهن ورفض الفتيات الزواج منهم، ألا تعنى هذه الحوادث وجود خطأ ونقص فى العملية التعليمية؟ فى ظنى أن أحد أسباب الخلل فى المجتمع هو انقطاع الصلة بين التعليم والتربية والتركيز على الأول دون الثانية، بالطبع لا ألقى باللوم كاملا على نقص التربية فى المدارس وأعلم أن هناك دورا كبيرا على الأسرة وعلى مؤسسات أخرى دينية واجتماعية، ولكن يجب الانتباه أن كثيرا ما قامت المدارس بتقويم التلاميذ وساعدت الأسر فى التربية، ولكن هل يمكن أن يحدث هذا حاليا فى ظل غياب الطلاب عن المدارس وخاصة طلاب الثانوية العامة؟ وهل لدينا مدرسون يمكنهم القيام بهذا الدور المهم فى ظل ما يعانون منه من تدنى الرواتب وحاجتهم لإعطاء دروس خصوصية؟ وهل يمكن للإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين القيام بواجبهم فى ظل الظروف التى تحيط بالعملية التعليمية كلها؟ أعتقد أن الإجابة لا، فهل يمكن لخبراء التعليم أن يدرسوا هذا الأمر، وأن يحددوا لنا كيفية إعادة التربية إلى المدارس مرة أخرى حتى تكون الوزارة للتربية والتعليم فعلًا لا اسمًا فقط.