الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لغز محكمة القيم

لغز محكمة القيم

مع بداية العام القضائى فى شهر أكتوبر من كل عام يُصدر وزير العدل قرارًا بتشكيل محكمتى القيم والقيم العليا؛ وهو ما ننتظره خلال الأيام القادمة، الغريب فى الأمر أن هذه المحكمة تم إلغاؤها عام 2008 أى منذ 14 عامًا، ولكنها مازالت تعمل وتباشر وظيفتها طوال هذه السنوات، فقد نص قانون الإلغاء أن تستمر فى عملها حتى تنتهى من القضايا المنظورة أمامها، وهو ما يعنى أنه لم تقم أى دعوى جديدة طوال الأربع عشرة سنة الماضية، ولكنها فى الوقت نفسه لم تنته من الدعاوى الموجودة لديها، ولهذا استمرت حتى الآن، وبالطبع لا يمكن أن نتهم أعضاء المحكمة بالتقاعس عن أداء المهمة، فقد يكون عدد القضايا كبيرًا لدرجة تفوق جهد أعضائها، أو أن طريقة انعقادها وعدد جلساتها لا تمكن الأعضاء من الإنجاز والفاعلية، ولكن فى كل الحالات ومادام المشرّع رأى أنه لا ضرورة لوجودها واستمرارها؛ فمن الممكن أن يتم تحديد زمن ووقت لإنهاء هذه القضايا وإصدار أحكام فيها حتى يكون إلغاؤها حقيقيًا ولا تتحول إلى أعجوبة قضائية وقانونية.



ولكن ما هى هذه المحكمة؟ وما هى القضايا التى تنظرها؟ هى محكمة استثنائية تقرر إنشاؤها عام 1980، فقد تأسست بموجب قانون حماية القيم من العيب والذى صدر عام 1980 والذى كان الرئيس السادات وراء إصداره بهدف تحجيم المعارضة بشكل أساسى ومن ينتقدون النظام وسياساته فأعطى محكمتى القيم والقيم العليا إمكانية فرض الحراسة على المتهمين بإفساد الحياة السياسية وأوجد لهما غطاء فجعلهما تنظران أيضًا القضايا المحالة من جهاز المدعى العام الاشتراكى - قبل إلغائه - والمتعلقة بفرض الحراسة والتحفظ على الأموال فى حال استغلال المنصب أو الغش والرشوة فى تنفيذ عقود المقاولات والواردات، وتهريب المخدرات والإتجار فيها والإتجار فى السوق السوداء والتلاعب بقوت الشعب، وفى حال الاستيلاء بغير وجه حق على الأموال العامة المملوكة للدولة أو الأموال الخاصة، وخص محكمة القيم العليا بنظر الطعون على الأحكام الصادرة من محكمة القيم.. ولكن لماذا تم إلغاؤها؟ هذه المحكمة التى ارتبطت بقانون العيب والمدعى الاشتراكى من المحاكم الاستثنائية حتى إن تشكيلها كان يضم بجانب القضاة عددًا من الشخصيات العامة، وهى بذلك كانت امتدادًا لكل المحاكم الاستثنائية التى صدرت بعد ثورة يوليو 1952، ورأى نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك أنه لم يعد لها دور، فقرر بعد التعديلات الدستورية التى أجريت عام 2008 إلغاءها هى والمدعى الاشتراكى بعد أن فقدا مبرر استمرارهما، وأصدر قانونًا بإلغاء جهاز المدعى الاشتراكى وانتقال اختصاصاته للنيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع، وأن تحال نوعية القضايا التى كانت تنظرها محكمة القيم إلى المحاكم العادية، كما تضمن أن تؤول إلى إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل التحقيقات المقيدة بجدول جهاز المدعى الاشتراكى والتى لم يتم التصرف فيها، وأن تتولى إدارة الكسب غير المشروع تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة من محكمة القيم والقيم العليا لحين انتهاء القضايا المنظورة أمامهما.. ولكن ما هو عدد القضايا الموجودة أمامها الآن؟ حتى عام 2017 فإنها كانت 120 قضية ومؤكد أنها انخفضت من ذلك التاريخ، فهل يمكن أن تنظر وزارة العدل فى إيجاد وسيلة لإلغاء هذه المحكمة بالفعل خاصة أن هناك توجهًا من الدولة بسرعة الإنجاز فى القضايا المتداولة، كما أنه من العيب استمرار مثل هذه المحاكم الاستثنائية فى العصر الحالى، فالإصرار على وجودها رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة على إلغائها يعتبر لغزًا يجب حله.