الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عايز حقى

عايز حقى

 منذ أيام أعلنت إدارة نادى لاتسيو الإيطالى عن عزمها تعويض جماهير الفريق التى اشترت تذاكر حضور مباراة فريقها مع نادى ميتيلاند الدنماركى فى إطار مسابقة الدورى الأوروبى، وجاء القرار بعد الخسارة المذلة وغير المتوقعة التى تكبدها لاتسيو بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد، وقالت إدارة النادى الإيطالى إن 225 مشجعًا حضروا المباراة فى مدينة هيرنينج الدنماركية وسنعيد إليهم أموالهم التى دفعوها، ويبدو أن إدارة النادى اتخذت هذا القرار المهم بسبب المستوى المتردى للفريق خلال المبارة والتى لم ترقَ للمستوى المأمول من الجماهير التى تكبدت عناء السفر وراء ناديها إلى الدنمارك.



الخسارة فى حد ذاتها ليست مبررًا لتعويض المشجعين، فكثيرًا ما خسر الفريق سواء فى مباريات الدورى الإيطالى أو فى المسابقات الأوروبية، وفى مباريات أهم من مباراة الفريق الدنماركى والتى يمكن تعويضها لأنها كانت فى دور المجموعات، ولكن يبدو أن إدارة الفريق رأت أنها لم تقدم الخدمة التى كان يطلبها الجمهور وهى الأداء الجيد والكفاح والدفاع بروح قتالية عن ألوان الفريق، ولهذا عوضت المشجعين فى رسالة بأن الأموال مقابل الخدمات فإذا لم يحظوا بها فمن حقهم استرداد أموالهم، هل يمكن أن نتخيل أن يقوم نادٍ مصرى بهذا التصرف الشريف ويعوض جماهيره عن حضورهم مباراة وتكبدهم أموال ونفقات لأن أداء اللاعبين فيها كان مخزيًا ولا يليق باسم النادى؟ الإجابة معروفة مسبقًا ولا أعتقد أن لدينا إدارات فى الأندية لديها هذا الفكر الراقى، بل إن بعض أنديتنا لا تحاسب إدارتها على إهدار الأموال سواء بقصد أو عن إهمال وسوء إدارة، فهل من يستسهل إهدار الأموال أو استباحتها يعيد الأموال للمشجعين لأن لاعبى الفريق قصروا فى أداء واجبهم؟

ولكن ماذا لو طبقنا هذا المبدأ فى مصر فى مجالات أخرى بعيدًا عن كرة القدم؟، مثلاً ألا يستحق المسافر الذى يتأخر القطار الذى يستقله عن موعده المحدد تعويضًا لأنه لم يحصل على الخدمة التى دفع مقابلها مادام المسئولون لم يخطروه مسبقًا بهذا التأخير، إن التذكرة بمثابة عقد بين الراكب وإدارة السكك الحديدية ومن يخل ببنوده عليه تعويض المضار، وهو ما ينطبق على جميع وسائل المواصلات مثل الأتوبيسات، بل يصل الأمر إلى القطاع الخاص ما لم يكن هناك عذر واضح لعدم الوصول فى الميعاد المحدد، صحيح أن هناك وقتًا مسموحًا به للتأخير، ولكن إذا زاد الأمر عن هذا الحد فيجب التعويض أو رد ثمن التذكرة.. وفى التعليم أليس من حق المواطن الذى التحق ابنه بإحدى المدارس سواء خاصة أو عامة ثم وجد ابنه فى نهاية العام لم يحصل على التعليم الكافى والمحدد للعام الدراسى الذى التحق به أن يطلب تعويضًا لأنه لم يحصل على الخدمة التى دفع مقابلها؟ وإذا ذهب التلميذ الى المدرسة ولم يجد فصلاً أو كان مزدحمًا بالقدر الذى يعيق تحصيله أو كان هناك عجز فى المدرسين أليس من حقه التعويض أو استرداد أمواله؟ يذهب التلاميذ إلى المدارس لكى يتعلموا فإذا تخرجوا فيها وهم لا يعرفون الكتابة الصحيحة ويخطئون فى الإملاء  ولا يجيدون القراءة فلماذا يدفعون الأموال وأين هى الخدمة التى دفعوا من أجل الحصول عليها؟ نفس الأمر فى المستشفيات التى من المفترض أنها تقدم خدمات طبية وعلاجية فإذا لم يحصل عليها المواطن من المفترض أن يسترد ما دفعه، بل تعويضًا عما أصابه من أضرار؟ ومن المفترض أن يحصل المواطن على خدمات كثيرة من شركات الاتصالات المحمول والإنترنت وإذا تقاعست هذه الشركات عن تقديمها فمن حقه استرداد أمواله.

ما سبق على سبيل المثال والمبدأ ممكن أن يمتد إلى خدمات أخرى، سيقول البعض كيف يمكن أن نحصل على هذا الحق؟ والإجابة أن الأمر فى غاية الصعوبة لأنه يتعلق بالضمير، إدارة النادى الإيطالى كان لديها يقظة الضمير والخوف من غضب الجماهير ما يجعلها تعيد الحق لأصحابه، وهو ما نحتاجه فى مصر وللأسف أن كثيرًا من الإدارات تفتقد هذا الحس الإنسانى، على أنه يمكن لمنظمات حقوق الإنسان المعنية بالمواطن المصرى والحريصة على حقوقه أن تدرس هذه القضية وتتخذ من النادى الإيطالى نموذجًا تطالب بتطبيقه المبدأ وأن تصرخ مع المواطن: عايز حقى، ليس على طريقة الفيلم الشهير الذى قام ببطولته الفنان هانى رمزى وأراد خلاله بيع نصيبه من الوطن، ولكن لتأكيد حقه فى الحصول على الخدمات المختلفة بشكل لائق.