السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجميل راتب سفير الفن

الجميل راتب سفير الفن

حلمت أسرته العريقة الأرستقراطية أن يكون ابنها سفيرا فألحقته بمدرسة الحقوق الفرنسية، سافر جميل راتب لفرنسا بعد أن حصل على منحة لدراسة القانون، لكن نداهة الفن وحب التمثيل جعله ينقطع عن دراسة الحقوق ويبحث عن فرصة فى باريس عن العمل بالمسرح والسينما، فتم إيقاف المنحة وغضبت عليه عائلته وقطعت عنه المصروف فاضطر ربيب العائلة المنعمة أن يعمل حمالا بسوق الخضار فى فرنسا وأحيانا مترجما وأوقات كومبارسا، كل ذلك جعله يختلط بالطبقات الفقيرة ليكسبه تجارب وخبرات لم يعشها من قبل صقلت تجربته الحياتية والتمثيلية، وجعلته مزيجا من عطر باريسى ومن عرق الكادحين.



أصبح عضوا فى فرقة فرانسيز المسرحية وقدم مسرحية (الوريث)، تكلمت الصحف الفرنسية عن الشاب المصرى صاحب النظرة الحادة، ثم جاءته الفرصة فى السينما فقدم أول أفلامه (أنا الشرق) فى الأربعينيات مع الممثلة الفرنسية الشهيرة كلود جودار، وشارك النجم الكبير عمر الشريف فى فيلم (لورانس العرب)، وشارك فى بطولة الفيلم الأمريكى (ترابيز)، ثم أعاده إلى مصر كرم مطاوع فى مسرحية (دنيا البيانولا) ومن ساعتها أصبح صاحب بصمة فى تاريخ الفن المصرى فقدم دورا مميزا فى (الصعود إلى الهاوية).

البهظ بيه هو أميز أدواره التى قدمها للسينما فى فيلم (الكيف)، فهو لم يقدم الشر بشكل تقليدى فج، بل قدمه بشكل مبتكر.

لم يكتف جميل راتب بالتمثيل بل ساهم فى إخراج وإنتاج العديد من المسرحيات المتميزة منها مسرحية (الأستاذ) لسعد الدين وهبة و(شهرزاد) لتوفيق الحكيم.

شخصياته لا تنسى فهو جدو أبو الفضل فى (يوميات ونيس) وهو السفير السابق مفيد أبو الغار فى (الراية البيضا) الذى  يناضل ضد القبح والفساد، ولعل وجود التاريخ النضالى فى عائلته هو ما أكسبه تلك القيمة سواء فى حياته أو فنه، فعمته هى المناضلة النسائية هدى شعراوى، فى شبابه الباكر ناضل ضد رغبات عائلته لدراسة القانون ودرس الفن ودفع البهظ بيه ثمنا باهظا لرغبته فقد قطعت العائلة الصرف عليه، ولكن هذا لم يثنه، وحين أمم عبدالناصر ممتلكات عائلته الثرية ووزعها على الفقراء وقف جميل راتب بجانب قرارات عبدالناصر عكس موقف عائلته منها، أرادته أسرته سفيرا دبلوماسيا وأراد هو أن يكون سفيرا فنيا، وقد كان، وحقق بأعماله الخالدة فى السينما المصرية والفرنسية والأمريكية والمغربية والتونسية ما لا تصنعه الدبلوماسية فقد ألف القلوب من بين كل هذه الدول على محبته ومحبة فنه.

هذه الأيام هى الذكرى الرابعة لرحيل صاحب النظرة الحادة والثاقبة فى التمثيل وفى الحياة، فقد أثبت أن عمله كفنان أهم وأعظم فائدة من عمله كسفير دبلوماسي، ليس تقليلا من شأن العمل الدبلوماسى، ولكنه تقدير لأن يعرف كل منا نفسه بشكل واع وثاقب، ويعرف دوره الذى وجد من أجله فى الحياة ليؤديه على أكمل وجه، لا الدور الذى يختاره له الآخرون.

تحية ورحمة للذكرى الرابعة لرحيل جميل راتب صاحب الـ92 عاما وصاحب الـ167 عملا فنيا أثرت حياة الملايين فى العالم شرقه وغربه.