الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المسيحيون والكرة.. أسئلة شائكة

المسيحيون والكرة.. أسئلة شائكة

بين رفض الأغلبية مسلمين ومسيحيين وقبول البعض لفكرة إنشاء نادى «عيون مصر»، تحت رعاية كنائس وسط البلد وبمباركة من الأنبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة، ظهرت قضية التمييز ضد المسيحيين فى كرة القدم، وكان السؤال: لماذا لا يوجد سوى عدد محدود من المسيحيين يلعبون فى الأندية التى تنافس فى الدورى العام المصرى بدرجاته المختلفة وبما لا يتناسب مع عددهم العام؟



وتبارى البعض فى الحكى حول إبعاد المسيحيين الموهوبين عن الفرق الكروية عن عمد خاصة فى مراحل الناشئين، وانه يوجد تعصب لدى عدد من مدربى قطاعات الأشبال فى العديد من الأندية، السؤال لافت للنظر بالفعل؛ ولكن هناك أسئلة عديدة نحتاج الإجابة عليها حتى نضع أمام أعيننا حجم المشكلة بدقة وبالتالى نستطيع الوصول الى حل مقبول لها، أولًا: كم عدد الحالات التى تم استبعادها على أساس دينى؟ يمكننا أن نعرف ذلك بالتقريب إذا تم تجميع الشهادات من خلال جمعية معنية بالمواطنة ويمكن أيضًا إنشاء صفحة على الفيس بوك يتم من خلالها نشر الوقائع وبذلك نعرف العدد وهل هو قليل بحيث نعتبره حوادث فردية أم كبير بما يمثل ظاهرة خطيرة.. وفى هذه الحالة يجب وضع قائمة سوداء للمدربين أصحاب هذه الوقائع وتنبيه القائمين على إدارات الأندية التى حدثت بها لعدم تكرارها أو فضحهم إذا لم يتدخلوا لوقف الجريمة.

ثانيًا؛ هل يمكن أن نحصل على شهادات من أصحاب الأندية التى أسسها رجال أعمال مسيحيون مثل «وادى دجلة» و«زد» و«الجونة»، وعليهم أن يجيبوا هل جاءتهم شكاوى تتضمن استبعادًا لمسيحيين موهوبين تقدموا لاختبارات هذه الأندية؟ وماذا كان موقفهم؟، ولا ننسى أن نادى وادى دجلة لديه قطاع ناشئين مميز بل إنه لديه رياضات أخرى غير كرة القدم ما يعنى أن عدد الرياضيين فيه كبير، فكم نسبة المسيحيين بينهم؟، وإذا لم تأتهم شكاوى ولا يوجد وقائع استبعاد فلماذا لا يقبل المسيحيون الموهوبون على الالتحاق بهذه الأندية التى لن يعانوا فيها من تمييز؟ ولا أقصد هنا أن تتحول هذه الأندية الى طائفية تختار لاعبيها على أساس دينى ولكن تنتقى الكفاءات وتحل جزءًا من مشكلة التمييز.

ثالثًا: هل الاستبعاد الدينى يتم فى كرة القدم فقط أم أنه فى كل اللعبات الرياضية؟، خاصة وأن لدينا رياضات فردية تعتمد على الأرقام الشخصية مثل السباحة وألعاب القوى والجودو الملاكمة ورفع الأثقال والمصارعة والكاراتيه والتنس وتنس الطاولة والاسكواش وغيرها ما يعطى الفرصة للموهوبين فى الظهور، وقد كان لدينا ناجى أسعد بطل مصر وأفريقيا في رمى الجلة فى السبعينيات وله أرقام عالمية وكان آلان عطا الله نجم منتخبنا القومى فى كرة السلة فى الثمانينات، هذه الأسئلة ليس معناها أننى أنفى وجود التمييز، ولكنى أريد أن أحدد حجمه ومقداره لكى نستطيع مواجهته، خاصة أن الحلول المطروحة من قبل البعض لن يكون لها جدوى، فمن يطالب بوجود كوته للمسيحيين فى الأندية على غرار البرلمان لا يدرك قواعد الرياضة، فالتحاق لاعب بفريق بالإجبار لا يعنى أنه سيلعب وقد يكون مصيره الجلوس على دكة الاحتياطى، ثم هل نطلب من الحكام التأكد من الهوية الدينية للاعبين قبل المباراة وعند تغيير اللاعب المسيحى هل يجب تغييره بمسيحى آخر، وعلى الأخير أن يبرز بطاقته للحكم قبل النزول إلى أرض الملعب لكى يتأكد من ديانته؟ وماذا إذا كان المدرب سواء مصريًا أو أجنبيًا غير مقتنع بقدرات اللاعب هل نجبره على الاستعانة به وتعريض فريقه للخسارة؟ هذا الأمر يشبه أن نطلب فى الفن وجود كوتة للمسيحيين فى كل عمل فنى؟، أيضًا ليس حلًا وجود ناد تابع لكنيسة أو تحت إشراف قسيس أو أسقف بل قد يؤدى إلى كارثة حتى لو قيل إنه سيضم مسلمين ومسيحيين، ولمن يضرب مثلًا بالمدارس والمستشفيات وأن خدماتها للمسلمين والمسيحيين، فالرد عليه أن المدارس والمستشفيات قائمة على تقديم الخدمة، أما الرياضة الأصل بها التنافس وهو ما يجعل المسئولين عن الأندية عرضة لهجوم المشجعين المتعصبين من الأندية المنافسة ويصل الأمر الى توجيه شتائم وسباب لهم، ولنا أن نتخيل ماذا يكون الشعور إذا تم ذلك مع الكاهن المشرف على النادى أو الأسقف وقد يمتد الأمر إلى البابا والكنيسة، فلا أحد يتحكم فى تصرفات مهاويس الكرة.

أما الذين يطالبون بتدخل الدولة فهذا أمر لا يمكن حله بالإجبار لأن الرياضة تعتمد على الموهبة وتقديرها يختلف من مدرب لآخر وهى ليست مثل قضية استبعاد المسيحيين من الالتحاق ببعض الوظائف، وهى المشاكل التى طالبنا كثيرًا بحلها من خلال إنشاء مفوضية تجريم التمييز التى نادى بها الدستور ولم يتم تأسيسها حتى الآن، وهذه المفوضية يمكنها التحقيق فى وقائع التمييز وإثباتها وإعادة الحق لأصحابه، وهو أمر يصعب تطبيقه فى الرياضة، وان كان يمكن لوزارة الشباب إنشاء مشروع مثل مشروع الهدف لتبنى المواهب فى الرياضة وإذا ظهرت الموهبة فستكون مثل الشمس لا يمكن حجبها، كما يمكن تنبيه الأندية الجماهيرية والتى تعانى من قلة الموارد ولا تستطيع دفع مبالغ كبيرة للاعبين المحترفين الى تشكيل لجنة من مدربيها لمشاهدة دور الكنائس والدورات الرمضانية واختيار أفضل العناصر للانضمام الى ناشئيها وبذلك تضمن وجود لاعبين ماهرين وبتكلفة ليست كبيرة، يجب أيضًا وجود حملة إعلامية مناهضة للتمييز وكاشفة لخطورته، هذه مجرد اقتراحات قد تكون صحيحة أو خاطئة، ولكن قبل كل شىء نريد أن نعرف حجم المشكلة بدقة ثم نبحث جميعًا عن حل سريع لها، لأن انتظار تغيير المجتمع وعلاج ما لحق به من عوار نتيجة تسلط المتطرفين والمتشددين على العقول يحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل.>