الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عند منتصف الطريق.. أفكار بلا ضمير!

عند منتصف الطريق.. أفكار بلا ضمير!

قبل ثلاثة أشهُر بدأت هذه السلسلة من المقالات، التي تحمل عنوان «عند منتصف الطريق»  لتدبر الشأن العام والسعى للإجابة على أسئلة واضحة تستدعى الإجابة عليها الآن وهى..  أين كنا؟ أين نقف؟ أين نتجه؟



الطريق الذي نقف فى منتصفه الآن بدأ مع بداية تحويل إرادة الأمَّة المصرية فى 30 يونيو إلى منهج ودستور وخطط تنفيذية عنوانها الإرادة وأن المستحيل ليس مصريًا، وهذا هو السياق المصري منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي حُكم مصر مُعلنًا أننا سنشهد عزفًا جديدًا للدولة المصرية ولم يعد إلا بالعمل ولم يطلب إلا العمل من أجل أن تجد مصر موقعها الذي يليق بها بين الأمم لتبدأ عملية بناء وطن تحت قصف حرب شرسة مع الإرهاب والدول التي تدعمه.

 لم يكن الثمَن مجرد تحمُّل تبعات الإصلاح الاقتصادى رُغْمَ قسوتها؛ ولكن ضريبة البناء أعلنت مقدمًا وهى ضريبة الدم.. دماء الشهداء أطهَر وأنبَل أبناء مصر.

حققت مصرُ ما لم يحققه أحد فى منطقتها بفلسفة فريدة فى مواجهة التحديات وتحويل مشاكل مزمنة إلى عناوين نجاح اعتمدت مصر على نفسها.. مضت فى تحديث بنيتها التحتية.. قضت على عجز الطاقة.. قضت على فيروس «سى».. اقتحمت مشاكل العشوائيات.. انطلقت فى حياة كريمة.. فرضت إرادتها فى شرق المتوسط.. امتلكت القدرة التي تحمى بها ثروتها.. حفظت لقناة السويس ميزتها الاستراتيچية العالمية.. رمَّمَت نسيجها الاجتماعى بَعد عَقد من التشرذم.

عملية بناء وتحديث مستمر تواجهها عملية تشويه مستمر وإحباط مستمر.. معدلات نمو مرتفعة تواجه زيادة سكانية مرتفعة وضغطا اقتصاديًا لا ينتهى.

لك أن تتخيل (لو) لم تحدث أزمة كورونا التي تلاعبت بالأنظمة الصحية لدول عُظمَى ودول متقدمة، ثم أزمة سلاسل الإمداد ثم الأزمة «الأوكرانية- الروسية».. ما هو حجم الرغد الاقتصادى الذي كانت ستنعم به مصر فى 2022؟ وهو ما كان قد بَشّر به الرئيس عن دراية فى العام 2019، ولكن التحدى العالمى داهَم الكرة الأرضية. قد لا تكون كلمة (لو) هنا محل اعتبار؛ ولكن تستطيع أن تعيد توظيفها وهى ماذا (لو) لم تفعل مصر ما فعلته طيلة السنوات الماضية؛ هل كانت تستطيع أن تواجه؟ الإجابة قاطعة: لا.

هل كانت تستطيع أن تحتفظ بقرار وطني مستقل فى أزمة عالمية طاحنة عنوانها الاستقطاب بين الشرق والغرب؟ الإجابة قاطعة: لا.

مصر  الآن فى منتصف الطريق، ولكن ليس عند مفترق طرُق؛ لأن طريقها معروف ولكنها لا تملك رفاهية التوقف عن العمل ولا رفاهية العودة خطوة للوراء وليس أمامها إلا المُضى قدُمًا بإرادة فولاذية نحو هدفها التنموى بإنشاء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.. هذه الإرادة عنوانها يجب أن يكون نابعًا من الأمَّة المصرية أولاً وأخيرًا لهذا لم يكن مفاجئًا أن تكون هذه اللحظة هى لحظة الحوار الوطني الذي يستهدف تحديد أولويات العمل الوطني فى المستقبل.

ظرف الزمان والمكان المصري يتزامن مع بيان حال دولى مفاده مخاض عالمى لن يعود بَعده العالم مثلما كان والدول التي تستطيع أن تستمر بقدراتها وتنمّيها حتى العام 2030 هى الدول التي ستستمر أمّا من يسقط فلن تقوم له قائمة.

هذه اللحظة هى لحظة تعكر المزاج العام لمختلف شعوب الكرة الأرضية بفعل ارتفاع معدلات التضخم والركود الاقتصادى، وبالتالى فهو موسم نقد الحكومات فى العالم ولكن الحال المصري يختلف.. الحكومات والأنظمة السياسية الغربية تواجه معارضة أفكارها معلنة.. أمّا فى مصر فعلينا أن نفرِّق بين صوت المُعارض الوطني وأصوات الخصوم.. المُعارض له قراءة مختلفة له طرح مختلف له حل بديل.. الخصم يريد الهدم لأن لا مكان له إلا فى لحظة الفوضى ولولا الفوضى التي خلقتها يناير ما وصل الإسلام السياسى إلى أعلى سُلطة فى مصر.

تنطلق أدوات الإخوان باستراتيچية واضحة.. وهى محاصرة الذهن الشعبى بالإحباط.. لم يَعد هناك ذكر للإخوان فى خطابهم ولم يَعد خطابهم تحريضيًا.. رهانهم هو التلاعب بذاكرة المصريين واستغلال البعد الاقتصادى.. يتحدثون من عواصم فرضت إجراءات تقشفية لم تفرضها مصر على شعبها.. يستشهدون بنموذج وصلت ديونه الخارجية حد الخطر.. بينما مصر التي لا تزال فى المعدلات الآمنة يتحدثون عن حجم الدَّيْن ولا يذكرون نسبته مقارنة بحجم الناتج القومى، وهكذا دواليك.. تمضى دائرة الكذب.

هذه الدائرة تلقفتها عقول أعماها الغرض.. فبدأت تعيد تدوير نفايات خطاب الإخوان بأفكار يعرف أصحابها أنها بلا ضمير.. ذلك لأن عناصر القوَى الشاملة للدول معروفة وهو ميزان القياس وهم يعلمون ولكن ينكرون.. وجودة الحياة لكى تتحقق حساباتها معروفة معدل الناتج القومى مقارنة بعدد السكان وحساب نصيب الفرد وهم يعلمون ولكن ينكرون.

إننا الآن فى لحظة مكاشَفة وطنية.. وكل المواقف تعلن عن نفسها.. وكل الأهداف واضحة.. والهدف الرئيسى هو تعطيل مصر وإجهاض المشروع الوطني المصري كى لا يصل فى محطته المنشودة فى 2030 ليضاف إلى أحلام لم تكتمل فى مصر من محمد على وصولاً إلى جمال عبدالناصر..

 وللحديث بقية.