السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عند منتصف الطريق.. أخطر فترات الصِّراع «العربى - الإسرائيلى»! لا تخافى.. مصر هنا اخلقوا الأمل الآن لشعب فلسطين متى يستيقظ الضمير العالمى؟

عند منتصف الطريق.. أخطر فترات الصِّراع «العربى - الإسرائيلى»! لا تخافى.. مصر هنا اخلقوا الأمل الآن لشعب فلسطين متى يستيقظ الضمير العالمى؟

لم  تكن العملية التى قام بها جيشُ الاحتلال فى غَزّة الأسبوع الفائت الأولى ولن تكون الأخيرة.. كذلك الجهد المُضنى الذى قامت به مصرُ من خلال أجهزتها المَعنية لوقف التصعيد وحَقن دماء أهلنا الفلسطينيين فى القطاع لم يكن الأول ولن يكون الأخير.



عدوانُ 2022 يشابه عدوانَ 2021 ويشابه عملياتٍ سابقةً قامَ بها الاحتلال وقد يتطابق مع اعتداءات مُقبلة.. تختلف العناوينُ.. تختلف الأسبابُ المباشرة.. يختلف الظرفُ الداخلى فى إسرائيل.. تختلف قوائمُ الاستهداف.. المُحصلة إدارة صراع داخلى من جهة وإدارة صراع إقليمى من جهة أخرى والهروب من حقائق استراتيچية مُفزعة.. أهمّها وأخطرُها هو التحوُّل الديمجرافى لصالح العرب وأنه بحلول 2050 سيكون التفوُّق السُّكانى للفلسطينيين فى أرض فلسطين التاريخية.

هذه التقديراتُ طرحتْ فى العام 2020 أمام الكنيست الإسرائيلى ووُصفت بالتقديرات المُفزعة، وهذا الكابوس سعت دولة الاحتلال للهروب من واقعيته باستراتيچيات مختلفة خلال العقود الثلاثة الماضية كى لا يصبح السلامُ خيارًا استراتيچيًا لإسرائيل!

نَعَم.. لا تستغربْ الجملة.. الحقيقة التى أدركها إسحاق رابين مبكرًا وتَهَرَّب منها كل قادة إسرائيل من بَعده واتجهوا إلى استراتيچية (إدارة الصِّراع) بدلاً من الاتجاه لـ (حَل الصِّراع).

أصل الصِّراع بتجرُّد دون إقحام الأبعاد الدينية التى تمسّ أهل الديانات السماوية الثلاثة؛ اليهودية والمسيحية والإسلام، يتلخص فى كونه صراعًا على الأرض والسُّكان ومن المنطلق نفسه تأسَّسَت ثوابتُ القضية الفلسطينية هى حق الأرض وحق أهل هذه الأرض.

فى الفترة من 1948 حتى 1968 عمدت إسرائيل بدعم غربى على إثبات وهْم تفوّقها على مُحيطها العربى بالقوة المسلحة إلى أن سقط هذا الوهْمُ بَعد نصر أكتوبر عام 1973 ووضعت بَعد ذلك فى خانة استحقاقات السلام استعادت مصرُ أرضَها وانتزعت إقرارًا بالحُكم الذاتى للفلسطينيين فى الأرض المحتلة وتأكدت المَرجعيات الدولية الحاكمة لحَل الدولتين.

فى الفترة من 1979 حتى 2000 عمدت إسرائيل إلى تطويق المُحيط العربى الذى يحاصرها بمبدأ (حصار الحصار) من خلال مَدّ جسور العلاقات والمَصالح المُتبادلة مع الدوائر الجغرافية الداعمة للحق الفلسطينى وأهَمُّ هذه الدوائر هى الدائرة الإفريقية وتبديل الصورة الذهنية لها باعتبارها (دولة احتلال) للسيطرة على تأثير صوت منظمة التحرير الفلسطينية والزعامة التاريخية لفلسطين ممثلة فى الراحل «ياسر عرفات» شهدت مَرحلة الثمانينيات مُلاحقة واستهدافًا واغتيالاً لرموز منظمة التحرير، ثم تبدّل المَشهد فى التسعينيات مع مؤتمر مدريد وعملية «أوسلو» وانتهت بفشل مباحثات «كامب ديفيد 2» وشهدت اغتيال إسحاق رابين الذى كان يتعامل مع استحقاق السلام بالجدّيّة الاستراتيچية التى لم يدركها كل قادة إسرائيل.

فى الفترة من 2001 حتى 2011 عمدت إسرائيل على تصفية القضية الفلسطينية من الداخل استغلت صعود اليمين المتطرف عالميًا، تم حصار ياسر عرفات وقضى نحبه فى حصاره، تم تصفية القادة التاريخيين لحركات المقاومة الفلسطينية، قام شارون بتطبيق سياسة فك الارتباط مع قطاع غَزّة لجعله مُحاصَرًا وللتنصل من مسئولية إسرائيل بصفتها سُلطة احتلال وعزّزت واستغلت الانقسامَ الفلسطينى منذ العام 2006 للهروب من المُبادَرة العربية للسلام وملخصها الأرض مقابل السلام، وذلك باختصار أن القبول بها يعنى تفريغًا لغالبية سكانى إسرائيل المجنسين من مختلف الدول لأنهم باختصار سينتشرون بحثًا عن فُرَص حياتية أفضل.

بَعد ترنُّح الجناح الشرقى لمنظومة الأمن القومى العربى ممثلاً فى العراق بداية من كارثة غزو الكويت عام 90 والنهاية المأساوية باحتلال العراق عام 2003 بدأت دوائر إقليمية تجد فى القضية الفلسطينية مادة خصبة للنشاط الإقليمى من جهة وتصفية الحسابات مع الغرب من جهة أخرى، وساعدهم على ذلك أن البيت العربى نفسَه كان فى مَرحلة وَهَن وبدأت الانقسامات «العربية- العربية» تدخل فى حَلقة الاستقطابات الإقليمية؛ خصوصًا بَعد حرب 2006 وحرب 2008 وظهرت مسميات مثل معسكر الموالاة ومعسكر الرفض وللأسف كانت هذه الدوائر حاضنة للإرادة السياسية السورية بَعد اغتيال رفيق الحريرى إلى أن ظهرت حقيقتهم وظهرت أطماعهم فى سوريا نفسها بَعد العام 2011 وإلى يومنا هذا.

بَعد انهيار منظومة الأمن الإقليمى العربى وصعود التنظيمات الإرهابية إلى سُدّة الحُكم فى دول عربية مركزية ودخول الإقليم فى حالة سيولة مدمرة وصلت إلى أن استقطع الإرهابُ أجزاءً من أراضى العرب علانية ليقيموا عليها دولة تحت راية الإرهاب وتفريغ المنطقة العربية من المسيحيين واستقطاب المحبطين من الغرب فى سيناريو لا يخطر على بال أعظم كُتّاب الرواية فى العالم.

استغلت إسرائيل حالة الانكفاء الذاتى للدول العربية وبالتالى تراجَع الاهتمامُ بالقضية الفلسطينية فضلاً عن دخول فصائل فلسطينية فى معادلة الأزمة الداخلية لعَدد من الدول العربية، وهو ما جعل الزّخم الشعبى للقضية محل تشويش وتشويه وبالتالى كانت الفرصة مواتية لمسألة زعزعة ثوابت القضية الفلسطينية لدَى جيل جديد فى الشارع العربى.. فضلاً عن تحويل مسار القضية إعلاميًا طيلة عشرين عامًا من قضية أرض وحدود وحق للشعب الفلسطينى إلى أزمة إنسانية فى قطاع محاصر ومدخل للضغط السياسى على مصر تحديدًا من جهة وجعل القطاع قنبلة سكانية موقوتة فى وجْه مصر وليس فى وجْه المحتل.

بَعد ثورة يونيو المَجيدة فى العام 2013 ومع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية حُكم مصر فى واحدة من أصعب فترات التاريخ حدثت متغيرات جوهرية، أهمها:

1 - عادَ خطابُ الثوابت للقضية الفلسطينية مَرّة أخرى. 

2 - جرت عملية تثبيت لأركان النظام الإقليمى العربى من المشرق العربى إلى مغربه ومن محيطه إلى خليجه.

3 - تمّت صياغة مقاربة مختلفة للوضع الچيواستراتيچى لقطاع غَزّة بفكر سياسى مختلف تحفظ لمصر أمنها القومى وفى الوقت نفسه تقوم بدورها التاريخى تجاه شعب فلسطين فى القطاع.

 4 - الوصول لمسافات متقدمة فى ترتيب البيت الفلسطينى من جهة وتأهيل الكوادر الفلسطينية التى ستحمل لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية من جهة أخرى فى إطار داعم لخَلق أمَل متجدّد لدَى الشعب الفلسطينى بأن مصرَ حاضرة.

 5 - عدم إعطاء الشرعية لأى منحى يتحايل على ثوابت الحق الفلسطينى، ولعل الموقفَ المصرى من خطة القرن أو مبادرة ترامب حاضرٌ فى الأذهان.

 6 - قَطع الطريق على دول من خارج الإقليم العربى كانت تتعامل مع معاناة أهلنا فى فلسطين ودمائهم على كونها مجرد كارت فى تصفية ملفاتها الدولية.

 7 - وضْع نسق واضح أن كل جهد هدفه تهيئة الأجواء لعودة مسار السلام مرّة أخرى.

أهمية المحددات السبعة الماضية للدور المصرى أنها تأتى فى توقيت دقيق للغاية.. لو لم تَعُد مصرُ فى 2013 بَعد ثورة يونيو.. لو تأخرت عودة الدور الإقليمى لمصر مع تولى الرئيس السيسى المسئولية عام 2014. 

لكانت قد تمكنت إسرائيل من التصفية النهائية للصراع (الأرض والسكان) وطمست هوية القضية مثلما تقوم بطمس كل هوية عربية على أرض فلسطين.

الآن إسرائيل فى مُعترك سياسى داخلى قد لا تحسمه حتى الانتخابات المقبلة ومن قبل ذلك فى مُعترك مع حقائق التاريخ والجغرافيا وأمام واقع يحمل حقيقة استراتيچية بالتفوُّق السُّكانى العربى فى العقدين المقبلين.. وهو ما قد يجعل السلامَ خيارًا اضطراريًا لإسرائيل بَعد 10 سنوات من الآن..

وللحديث بقية.