الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الخوض فى عرض المجتمع

الخوض فى عرض المجتمع

الذين سربوا تقرير الطب الشرعى عن الراحلة نيرة أشرف، ومن اجتزأوا التقرير فى الجزء الخاص بغشاء بكارتها وكونها عذراء، لم ينتهكوا حرمة الموتى ولا خاضوا فى عرض الضحية فقط، ولكنهم خاضوا ونهشوا وهتكوا عرض المجتمع كله، وسواء كان مقصدهم هو «التريند» أو كما يزعم البعض منهم الدفاع عن الضحية والرد على من حاول اتهامها فى شرفها، فإنهم جميعًا بمختلف مقاصدهم وأهوائهم ومشاربهم ارتكبوا جريمة فى حق المجتمع، وهم يتساوون فيما فعلوه بمن دافعوا عن القاتل وحاولوا إيجاد مبررات لارتكابه الجريمة رغم أنها تمت فى الشارع وفى وضح النهار وأمام أعين الناس، الذين نشروا الجزء المتعلق بغشاء بكارة نيرة وخاصة من يعرف القانون منهم يدركون جيدًا أن هذا الأمر لا علاقة له بالجريمة ولن تنظر إليه المحكمة بعين الاعتبار حتى لو لم تكن عذراء، وفى الجرائم عمومًا وخاصة القتل - وأعتذر مسبقًا- لو كانت الضحية سيئة السلوك أو حتى من بائعات الهوى– ولا أقصد هنا نيرة- فإن ذلك لا يغير من عقيدة المحكمة ما لم يكن  هناك ارتباط بين أفعالها والجريمة المنظورة أمامها، وقد مررت بتجربة توضح ذلك الأمر القضائى والقانونى وقت رئاستى لتحرير مجلة روزاليوسف، أقام شخص دعوى سب وقذف فى محكمة الجنايات ضدى بصفتى رئيسًا للتحرير وضد الكاتب اللامع حسام عبدالهادى لنشره مقالاً موثقًا بالمستندات كشف فيه فسادًا ماليًا لهذا الشخص وقت توليه موقعًا كبيرًا فى ماسبيرو قبل عام 2011، وكان من ضمن الأوراق الإضافية التى عثرنا عليها خلال تداول القضية حكم قضائى بسجن هذا الشخص بعد تركه منصبه لانتهاكه عرض فتاة، وقدمناه للمحكمة وكان ذلك على سبيل التأكيد على فساد هذا الشخص وأن من يرتكب هذا الجرم المشين من السهل عليه الفساد المالى، ولكن قضاة المحكمة الثلاثة قالوا إن هذا فعل آخر وقضية أخرى لا تتعلق بموضوع الدعوى المنظورة أمامنا، ونحّوا هذا المستند جانبًا واستبعدوه تمامًا، حصلنا على البراءة فى القضية وتعلمنا أن المحكمة فى سبيل بحثها عن العدل لا تعتد ولا تنظر إلا فيما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها.



لهذا فإنه من الضرورى أن تبحث كل الجهات المعنية بسلامة المجتمع عن هدف وغرض من يدافع عن القاتل، ولا أقصد هنا المحامى الموكل عنه أمام محكمة النقض فهذا دوره وعمله، ولكنى أعنى من تطوعوا وأعلنوا رغم عدم علاقتهم بالجانى عن استعدادهم للتبرع وجمع أموال لدفع الدية حتى تتنازل أسرة الضحية عن الدعوى، وهو أمر غير قانونى، وكذلك من أبدى استعداده لدفع أتعاب المحامى الكبير للدفاع عنه، وأيضًا من قام ببث فيديوهات ونشر صور للضحية سواء كانت حقيقية أو مفبركة فى محاولة لتحسين صورة القاتل وتشويه سمعتها، ومعهم الذين انتقدوا سلوك وملابس المجنى عليها، ويضاف إليهم الذين ركزوا على نشر جزء من تقرير الطب الشرعى يمس أدق خصوصياتها، كل هؤلاء بأفعالهم المرفوضة هدفهم فى اعتقادى شيوع الجريمة فى المجتمع، والاستهانة بأكبر الجرائم وهى القتل، وإشاعة الخوض فى الأعراض، واستسهال إطلاق الشائعات والأكاذيب، وانتشار تسريب الفيديوهات والصور الخاصة الحقيقية أو المفبركة أو المجتزئة للانتقام من المختلفين معهم ولتشويههم والحط منهم فى أعين المواطنين.

جميع ما سبق يمثل جريمة يعاقب عليها القانون، وإذا لم يتم التصدى لها بقوة وحسم ومعاقبة مرتكبيها سواء كانوا أفرادًا أو مجموعة منظمة فستكون وبالاً على بلدنا، فليس هناك أخطر من الخوض فى عرض المجتمع.