الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مئوية الصاغ الأحمر

مئوية الصاغ الأحمر

فى 17 أغسطس القادم تحل مئوية ميلاد خالد محيى الدين الذى ولد فى مثل هذا الشهر عام 1922، ولعلها مناسبة للاحتفاء باسم هذا الرجل الذى أعطى لوطنه الكثير، وأدعو كل القوى الوطنية على رأسها اليسار لانتهاز الفرصة وتكريم اسم المناضل الكبير خاصة وأننى لم أسمع أو أقرأ حتى الآن عن أى استعدادات من أى جهة للاحتفال بالمناسبة رغم اقتراب موعدها.. كل دول العالم تنتهز مرور قرن على ميلاد الشخصيات العامة والمؤثرة فى تاريخها لعقد مؤتمرات وإعداد دراسات والكشف عن وثائق وجمع شهادات عن هذه الشخصيات والفترة التى عاشوها.



خالد محيى الدين غنى عن التعريف وكل المشتغلين بالسياسة يقدرون عطاءه الوطنى، ودارسو التاريخ المعاصر وخاصة بعد ثورة يوليو 1952 يعرفون دوره فى الثورة وكفاحه وعمله السياسى المستمر حتى وفاته عام فى مايو 2018، ولكن لمن لا يعرف الرجل وخاصة الأجيال الجديدة، فإنه تخرج فى الكلية الحربية عام 1940 وبعدها بأربع سنوات انضم لتنظيم الضباط الأحرار وأصبح واحدًا من قياداته، وهو التنظيم الذى قام بثورة يوليو ضد الملك فاروق وقام بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وكان وقتها برتبة صاغ – رائد – واشتهر وقتها بتوجهاته اليسارية حتى إن عبدالناصر أطلق عليه لقب الصاغ الأحمر، ولكن لم تمض سوى سنتين حتى اختلف مع باقى أعضاء مجلس قيادة الثورة وعلى رأسهم جمال عبدالناصر حيث انحاز إلى الديمقراطية وطالب بعودة الجيش إلى ثكناته وعودة الحياة النيابية والأحزاب، وهو الطلب الذى قوبل بالرفض، فقدم استقالته من مجلس قيادة الثورة وتم إبعاده إلى سويسرا، وبعد عودته انتخب عضوًا بمجلس الأمة عام 1957، وتولى تأسيس جريدة المساء لتكون أول جريدة مسائية فى مصر، كما تولى بعد ذلك رئاسة تحرير ومجلس إدارة أخبار اليوم، بعد رحيل عبدالناصر وتولى السادات رئاسة الجمهورية ومحاولة الأخير إضفاء شيء من الديمقراطية على الحياة السياسية من خلال تأسيس المنابر تولى خالد محيى الدين منبر اليسار مقابل منبرى الوسط واليمين، وهى المنابر التى تحولت بعد ذلك إلى أحزاب، فأنشأ حزب التجمع وتولى رئاسته، وقاد المعارضة بقوة أزعجت السادات حتى إن أنصار الأخير اتهموا «محيى الدين» بالعمالة للاتحاد السوفيتى وهى تهمة كانت وقتها جاهزة لأى معارض يسارى، بل إن السلطة حينها كانت تعتقل أعضاء الحزب بتهم مختلفة خاصة بعد مظاهرات يناير 1977، التى اندلعت اعتراضًا على رفع أسعار بعض السلع، كما كانت تصادر الكثير من أعداد جريدة الأهالى الناطقة بلسان الحزب بسبب نشرها تحقيقات وأخبارًا ومقالات تدين سياسات السادات ونظامه، والتى زادت حدتها بعد زيارته لإسرائيل وتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد، كما رفضت بشدة نهجه الاقتصادى وسياسة الانفتاح السداح مداح غير المنظم ما ساهم فى انتشار الفساد بقوة.

 وبعد تولى مبارك الحكم ظل خالد محيى الدين فى خندق المعارضة، بل إن الحزب نشر كتابًا بعنوان لماذا نرفض مبارك؟، وذلك فى استفتاء التجديد له عام 1987، وفى هذه الفترة مارس خالد محيى الدين معارضته تحت قبة البرلمان والذى انتخب عضوًا به لعدة دورات، صحيح خفتت إلى حد كبير حدة المعارضة ولغة الحزب لأسباب ليس هنا مجال ذكرها، ولكن خالد محيى الدين استمر فى نهجه ودوره السياسى حتى ترك رئاسة الحزب طواعية عام 2002 ضاربًا المثل فى ضرورة تداول السلطة، وفى عام 2013 حصل على قلادة النيل من الرئيس المؤقت عدلى منصور واستلمتها أسرته بعد أن منعه المرض من تسلمها بنفسه، ثم زادت معاناته الصحية لعدة سنوات قبل رحيله عام 2018، ولعل أبرز مواقفه هو إيمانه بالديمقراطية ووقوفه بقوة ضد الإخوان وتصديه لتيارات الإسلام السياسى وجماعات الإرهاب وخلط الدين بالسياسة.

خالد محيى الدين جزء من تاريخ مصر ومئوية ميلاده مناسبة مهمة ليس للاحتفاء باسمه فقط ولكن لأنها أيضًا فرصة للتنظيمات اليسارية وخاصة حزب التجمع لمراجعة أوراقه ودراسة مواقفه ومستقبله فى ظل التغيرات السياسية الداخلية والخارجية، والإجابة على أسئلة مهمة مثل ما هو تأثير قوى اليسار فى الشارع المصرى؟ وهل لديه قاعدة شعبية حقيقية؟ وكيف يمكن تنميتها؟ أم أنه يفتقد هذه الشعبية؟ وما أسباب ذلك؟.