الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المتهم مدان حتى لو ثبتت براءته

المتهم مدان حتى لو ثبتت براءته

تقول القاعدة القانونية أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وهو ما أكدت عليه بصيغ مختلفة الدساتير المصرية منذ دستور 1971 إلى دستور 2014، وقد نص دستور 1971 فى المادة 67 على أن: «المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وكل متهم فى جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه».. أما دستور 2014 فقد أكد فى المادة 96 على أن: «المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون»، والملاحظ أن دستورنا الحالى أضاف ضمانات أكثر للمتهم مثل «ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات» و«توفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين»، والهدف من هذه الإضافات تحقيق العدالة وتوفير مناخ مناسب للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، وهو ما يتطابق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.



ومن المستقر فى أحكام القضاء المصرى أن هذه القاعدة واجبة النفاذ ولا يمكن الإخلال بها أو تجاوزها، ولكن السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى وعدد غير قليل من وسائل الإعلام المختلفة تتجاهل هذه القاعدة القانونية والإنسانية، وتتخذ من كل متهم أو مشتبه به قاعدة تنشين وتكيل له كل الموبقات وتجعله جانيًا ومجرمًا ومذنبًا قبل النطق بالحكم، وكثيرًا ما يحصل المتهم على البراءة ولا يهتم من أدانه مسبقًا بالكتابة عن براءته وعدم ثبوت التهمة بحقه، بل إن البعض أحيانًا يتمادى ويصر على الإدانة رغم البراءة القضائية، كما أن الهرولة وراء الترند تجعل البعض يجتهد فى كتابة تفاصيل الوقائع دون أن يكون لديه معلومات حقيقية، أيضًا الاستقطاب السياسى يؤدى أحيانًا إلى قيام البعض بتوجيه الاتهامات القاسية رغم أن المتهم لم يصدر ضده حكم، يحدث هذا رغم أن قواعد وأخلاقيات الإعلام تؤكد على عدم جواز إطلاق صفة مجرم أو غيرها من الألفاظ التى تفيد الإدانة على المتهم قبل صدور حكم قطعى ضده، وأن أى تهمة هو مجرد زعم حتى تثبتها المحكمة، أعرف أن المواطن يميل لتصديق الاتهامات خاصة فى حق المشاهير وأبنائهم، وأن بعض وسائل الإعلام تلعب دورًا فى ذلك خاصة فى القضايا السياسية أو التى تمس سياسيين، وقد ترسّخ ذلك على مدى سنوات طويلة حتى بتنا مجتمعا لا يفرّق بين المشتبه به والمتهم، والمدان والبرىء، فمجرد الاتهام هو إدانة.. لذلك كان جيدًا أن ينتبه الكثيرون إلى قاعدة المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى قضية ابن وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، والمتهم بالقتل فى أمريكا، وأن يذكروا الناس بها، كما أنه من المهم أن يعرف المواطن أن العقوبة شخصية وفى حق المدان وحده دون أن تمس أسرته، ولعل التعاطف الكبير من قبل الكثيرين مع الوزيرة يجعلنا نلتفت إلى ضرورة تطبيق هذا المبدأ على الجميع دون تفرقة مهما كانت الاتهامات الموجهة لهم أو موقفهم السياسى، وفى ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعى وكونها أصبحت مصدرًا أساسيًا للمعلومات حتى إنها قد تسبق فى هذا باقى وسائل الإعلام؛ أصبح ضروريًا ترسيخ ثقافة عدم الإدانة المسبقة لدى المواطنين، وتوعيتهم بالفرق بين الاتهام والإدانة، هو ما يحتاج إلى جهد كبير وخطة تشارك فيها جميع الجهات المعنية، وهناك دور مهم لوسائل الإعلام فى نشر هذه الثقافة من خلال التزامها بالقواعد المهنية، وهو دور يجب أن تقوم به ليس فقط مشاركة منها فى توعية المجتمع لكن أيضًا تطبيقًا لأخلاقيات المهنة.