الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلام مبارك  الذى رفض مفيد فوزى إذاعته

كلام مبارك الذى رفض مفيد فوزى إذاعته

 «سألتُ الرئيس مبارك ماذا فيما يتعلق بمسيرة المرأة؟ قال: يعنى عاوزين نوصل بمسيرة المرأة زى الأميرة ديانا اللى اعترفت على شاشات التليفزيون بخيانتها للزوج؟ ده كلام فارغ وأنا لا أحبه».. هذا الكلام قاله الرئيس الأسبق فى حوار أجراه معه الكاتب الكبير والإعلامى الشهير مفيد فوزى للتليفزيون المصرى، ولكن تم حذفه قبل الإذاعة، ولهذا حكاية يرويها المحاور البارع فى كتابه «كواليس» الصادر مؤخرًا عن سلسلة «أخبار اليوم»، يقول الأستاذ مفيد: «فى نهاية الحوار أبديتُ رأيًا شخصيًا؛ حيث قلت: يا ريس حضرتك اتكلمت عن خيانة الأميرة ديانا ويمكن أن يعتبر هذا جذابًا للمُشاهدين الذين سيحصرون البرنامج كله فى حادث الخيانة، فقال لصفوت الشريف إيه رأيك، ورَدّ الأخير: يا فندم مفيد بيتكلم صح وتم حذفه».. الواقعة السابقة واحدة من حكايات كثيرة قرر مفيد فوزى البوحَ بها والكشفَ عن كواليس حواراته وأعماله التليفزيونية والصحفية، وكل حكاية فى الكتاب لها مغزى ومعنى، مثلاً ما تم حذفه من حوار مبارك يكشف جوانب خفية للرئيس الأسبق، فإجابته قد يراها البعض تحمل عدم التروّى والتفكير، ويراها آخرون عفوية وتلقائية تُعبر عن شخصيته البسيطة، ولكن فى كل الأحوال فإن كلامه لو أذيع وقتها لأثار ضجة كبيرة فى العالم كله، ولهذا الحوار بقية من الأسرار، فقد سأله المحاور الذكى: يا ريس نحن لا نعرف مَن هو والدك أو والدتك؟ ولكن مبارك قال: «لا تسأل أسئلة شخصية»، وهى إجابة تكشف عن رفض مبارك الإشارة إلى والديه وحرصه على عدم نشر أى معلومات عنهما رغم ظهور زوجته وأولاده فى الحياة العامة.



فى حوارات مفيد فوزى كواليس كثيرة، يحكى عمّا دار خلف الكاميرا فى حواره مع المشير طنطاوى، «عرفتُ أن المشير معجب بشِعْر المتنبى فاشتريتُ كل دواوينه وخلال الحوار قلت له: «إنك مغرَم بالمتنبى وهذه هدية لكم، واستكملنا باقى الحوار، إلا أن مدير المخابرات اعترض على الفقرة وطلب حذفها، فقلت أنا أخاطب فى برنامجى المثقفين والكتّيبة والناس فى الشارع، وفخر أن يكون الأدب جزءًا من اهتمامات وزير الدفاع، فكتب مدير المخابرات يذاع البرنامج دون حذف».. ما حدث مع مبارك وطنطاوى دروس مهمة للصحفيين والإعلاميين، فى حوار مبارك لم يَجرِ المُحاور والصحفى وراء السبق والترند ولكنه قدّم مصلحة البلد وصورة رئيسها على نسب المُشاهدة والتعليقات، ومع المشير قدّم درسًا فى كيفية التعامل مع الرقابة.

يحكى مفيد كواليس إلغاء برنامج حديث المدينة: «فى زمن محمد مرسى طلب أحدهم من مخرج البرنامج أحمد معوض أن يخبرنى بإيجاد راعى للبرنامج يصرف عليه، فقلت له هذا البرنامج رفض صفوت الشريف أن يضع فيه إعلانًا واحدًا لأنه برنامج فيه رئيس الدولة، فرد قائلاً: يبقى البرنامج لن يذاع، وتوقف حديث المدينة وعرفت أن وزير الإعلام الإخوانى وراء ذلك».. ومثلما كان إنهاء البرنامج له كواليس فإن ظهوره إلى النور كانت له كواليس، يقول المؤلف: «تم تجديد رئاستى لتحرير صباح الخير خمس مرّات والمدة الواحدة ثلاث سنوات، وكان يسألنى الرئيس مبارك هل بلغت الستين، وأقول له نعم، فيقول أنت لسّه معانا. وفى سن الواحد والستين سألنى أنت بقيت كام؟ قلت واحد وستين، قال عايز تمشى ولّا إيه؟ أجبت هذا قرارك يا فندم، قال لى أنت لسّه معانا وأنا قررت أن حُسن شاه ووجدى قنديل يستريّحوا، وفى عمر الثالثة والستين حدث نفس الشىء، وفيما بَعد قال ما اقدرش أزوّد أكتر من كده ولا بُد أن تعمل عمل كبير وتكون موجودًا فى مصر، وكان برنامج حديث المدينة وصاحب اقتراح العنوان هو صفوت الشريف».. هذه الحكاية تبين كيف كان يتم اختيار رؤساء التحرير ومَن هو صاحب قرار استمرارهم أو استبعادهم.

دروس الكواليس ليست فقط فى البرامج على كثرة وقائعها فى الكتاب ولكنها تمتد إلى الصحافة، يحكى المؤلف: «كلفنى الأستاذ فتحى غانم وكان رئيسًا لتحرير صباح الخير، بإجراء مقابلة صحفية مع عبدالله النجمى رئيس حديقة الحيوان وكتبتُ الحوار فقال لى فتحى غانم أعد الكتابة على أن تكون بها معلومات، فذهبتُ إلى دار الكتُب واستطعت أن أجمع معلومات وذهبت بها إلى فتحى غانم، وقال لى الحوار جميل لكنه مكتوب بالصيغة التقريرية وأنا أريدك أن تفتح الكلمات كما لو كانت زهورًا، وقمت بإعادة كتابة الموضوع، ومرّة ثالثة قال لى غانم قرأت الحوار ولم يجذبنى لأنك لم تبدأ الحوار بحدوتة وعليك أن تبدأ حواراتك فى بعض سطور بحدوتة، وكتبت هذا المعنى فى الحوار فما كان من فتحى غانم إلا أن شطب اسمى من التوقيع فى نهاية الموضوع وكتب فى صدر الصفحة مفيد فوزى يحاور رئيس حديقة الحيوان».. الحكاية تحمل نصيحة للصحفيين؛ خصوصًا المبتدئين أنه عليهم الصبر والتعلم من ذوى الخبرة.

الكتاب به عدد كبير من الوقائع عن الشخصيات العامة السياسية والفنية والصحفية، وهو مهم لكل المهتمين بالصحافة والإعلام، وسعادتى به كبيرة لثلاثة أسباب؛ ما يقدمه من معلومات وحكايات ممتعة، وبسبب الإهداء الذى كتبه الأستاذ مفيد فى النسخة التى اهدانى إياها، وقال أنى صاحب فكرة الكتاب ووالده الروحى، وخاتمة الكتاب التى كتب فيها «حين كنتُ أحكى لأصدقائى فى روزاليوسف عاصم حنفى وأسامة سلامة بعض ما يجول فى رأسى من خواطر حول السياسة والأدب والفن كان أسامة يقول لى يا ريس لازم تجمعهم فى كتاب بعنوان كواليس، وها أنذا ألتزم بما قاله الصديق العزيز أسامة أمام عاصم حنفى وألبّى نداءه بهذا الكتاب وأرجع الفضل لصاحبه».. هذا الكلام درس آخر فى الأخلاق والصحافة والإعلام، ومع خالص الشكر للأستاذ مفيد ولكنى فى انتظار مزيد من الكواليس التى لا يزال فى جعبته الكثير منها.