الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العالم مرتبك والحرب مستمرة  وكل الاحتمالات واردة

العالم مرتبك والحرب مستمرة وكل الاحتمالات واردة

يرفض غالبية المحللين السياسيين فى العالم وصف المشهد الدولى الراهن بالحرب العالمية الثالثة.. ما زالت حتى اللحظة تُصنَّف على كونها «الحرب الأوكرانية» رغم تعدد أطراف الحرب المباشرة حتى إن كان ميدان القتال لم يخرج عن الحدود الأوكرانية على الرغم من تأثر كل دول العالم اقتصاديا بفعل الحرب.



العالم مرتبك لا سياق حاكمًا لتحرك دولى واضح فى الأفق.. المشهد كله خاضع لتفاعلات لحظية.. (فعل ورد فعل).

 

بوتين ومن خلفه الإعلام الروسى يقول إن العملية العسكرية – وهو التوصيف الروسى للحرب – يعتبرون أن السياق يمضى وفقًا لما هو مخطط له وأن الهدف لم يكن من البداية احتلال أوكرانيا ولكن تقليم أظافرها وتحطيم بنيتها العسكرية وإرغامها على الحياد السياسى وأن تبتعد عن الناتو مع وجود نطاق جغرافى عازل.

هذه النغمة تهيئ لقيام الرئيس الروسى بإعلان الانتصار يوم 9 مايو القادم بالتزامن مع أعياد النصر الروسية حسب ما تفيد معظم التقارير الإعلامية الروسية.

ولكن فى الإعلام الغربى.. القراءة مختلفة وهناك رواية أخرى.

الإعلام الغربى يتحدث عن حرب ممتدة.. طويلة الأمد.. هدفها الاستراتيجى معلن وهو عزل روسيا والتخلص من «بوتين» بل إن بعض السيناريوهات بدأت تتحدث عن تقسيم الاتحاد الروسى نفسه.

الولايات المتحدة تمضى فى إمداد أوكرانيا بأسلحة نوعية بعضها يخرج من الأراضى الأمريكية للمرة الأولى.. إدارة بايدن تتحمل انهيار الشعبية وارتفاع التضخم والتردى الاقتصادى ولم تتراجع قيد أنملة، غير عابئة بانتخابات التجديد النصفى للكونجرس، هكذا يبدو المشهد.

هذا وإن دل فإن دلالته أن هناك قرارا استراتيجيا مؤسسيا أمريكيا بحرب طويلة الأمد.

لكن الأمر مختلف داخل الاتحاد الأوروبى الرئة الأخرى من حلف الناتو.. الوضع الاقتصادى بالغ التردى والوضع السياسى أيضا مرتبك.. السخط الشعبى على حكومات حديثة نسبيا بدأ يفرض تأثيره على الخطاب الدبلوماسى لمختلف العواصم.

أزمات فى توافر السلع وأزمات فى الطاقة.. والكل يعانى من ارتفاع الأسعار، بينما الدول النامية تواجه مصيرا قاسيا وتدفع فواتير صراع إرادات دولية قد ينجم عنه واحدة من أكبر أزمات الغذاء فى التاريخ الإنسانى.

بين ساعة وأخرى تظهر احتمالات تطور المشهد عسكريا ثم تتراجع.. لا أحد يتحكم بوتيرة الصراع بشكل منضبط أو محدد.

وهى الميزة التى كان يتمتع بها بوتين فى بداية المعارك، أنه متحكم بوتيرة الصراع صعودا وهبوطا.. الآن الأمر لم يعد كذلك.. الصراع وتفاعلاته تقود الجميع وهذا مكمن الخطورة وهذا ما يجعل كل الاحتمالات مفتوحة.

الآن جرت عملية (شرعنة) للتنظيمات الإرهابية وتسميتهم مقاتلين من أجل دفعهم إلى المعترك فى أوكرانيا بغرض تحويلها إلى بؤرة صراع ممتدة.. تستنزف بوتين إلى حد الهلاك.. هكذا يحلم الغرب.. هكذا تريد واشنطن.

الحرب الإعلامية بين الجانبين أولى ضحاياها كانت «الحقيقة» نفسها.. فوضى الأرقام والمعلومات حول خسائر كل طرف.

فى مراكز الأبحاث الأمر أكثر عمقا والنوايا أكثر وضوحا.. الحديث عن تقسيم الاتحاد الروسى بات مادة بحثية تتصدر أوراقًا وتدور حولها حلقات نقاش.

حالة تشبه لعبة المقاعد الموسيقية، هكذا تتبدل مواقع الأطراف على نغم الحرب وصخبها.. بدأ الأمر بتخوف بوتين من تمدد الناتو، وبعد المعارك أصبح التخوف من تمدد بوتين باتجاه الاتحاد الأوروبى ثم بدأ الحديث عن المستنقع الذى دُفع ببوتين إليه والآن تظهر حالة جر أطراف جديدة إلى الاشتباك المباشر.

الأيام القادمة ليست سهلة.. النظام العالمى الجديد يولد من رحم هذه الأزمة وهى أزمة كبرى.. لن يعود النظام الدولى مثلما كان قبل هذه الحرب.. لن تعود روسيا كما كانت، إما أن تعود منتصرة أو مهزومة.. ولكل نتيجة تبعاتها.

نحن نعيش زمن الحرب العالمية الثالثة، وإن رفض الإعلام العالمى والمحللون السياسيون الدوليون الاعتراف بالأمر الواقع. 

 

وللحديث بقية..