الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين الرابح والخاسر سيناريوهات الحرب «الممكنة» بين «بوتين» والغرب

«هذه حرب بوتين وليست حرب الشعب الروسى» بهذه الجملة جاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين لتعكس وجهة النظر الغربية لما يدور على الأراضى الأوكرانية، فالعملية العسكرية التى بدأتها روسيا منذ أيام يراها الغرب بجناحيه الأوروبى والأمريكى أنها حرب تتمثل فى شخص «بوتين» وحده، هذا الدب الروسى الذى مازال يقاوم عقوبات أعدائه بجميع السبل الممكنة، مؤكدًا أن النصر الروسى قريب.. وأوكرانيا التى «منحتها روسيا حريتها» ستعود مرة أخرى تحت مظلة موسكو وسيستسلم الغرب كله أمام قوة بوتين.



ومع استمرار العملية العسكرية وعمليات الكر والفر بين القوتين الأوكرانية والروسية اتجه العديد من المحللون لرسم صورة لمستقبل هذه المعركة الشرسة.. البعض رأى أن بوتين استطاع أن يقوى أمام شعبه والعالم وهذه المعركة كانت نقطة تحول كبرى رسمها الرئيس الروسى لتغيير القوى العالمية وظهور قوات أخرى جديدة، والبعض الآخر يرى أن الغرب استطاع أن يجذب بوتين لمستنقع الحرب ليضع نهاية لحكمه.. ولكن من يدفع فاتورة أى من الاحتمالين هو أكثر من مليون ونصف لاجئ أوكرانى وغيرهم من مئات الضحايا سواء من الجانب الروسى أو الجانب الأوكرانى.. ومازالت المعركة مستمرة والنهاية مازالت ضبابية.

 الخروج من المشهد.. خطة الغرب

وفق تقرير لمؤسسة «راندا» للدراسات الأمريكية وصناع القرار، يرى الباحث سامويل شاراب، أن تغييرا للنظام فى روسيا يبدو المخرج الوحيد من هذه المأساة. (...) لكنه قد يؤدى إلى تحسّن الوضع بقدر ما قد يتسبب بتدهوره».

وأوضح الباحث الأمريكى، أن فكرة وصول شخص آخر غير بوتين، لحكم روسيا، يكون ليبراليًا إصلاحيًا.. هو الحل الأمثل لحل الأزمات العالمية التى تسبب فيها سياسة الرئيس الروسى.

وأضاف شاراب، فى حال العثور على حاكم روسى آخر، فيجب عليه فى البداية «أن يطلب المغفرة عن خطايا وضحايا بوتين».

ويعتبر الغربيون أن فكرة خروج بوتين من المشهد السياسى هدف يجب السعى نحوه، فوفق دراسة المؤسسة الأمريكية، فإن استهداف الاقتصاد الروسى بعقوبات وضعت منذ نوفمبر الماضى، مع التخطيط لسلسلة أخرى من العقوبات يجرى إعدادها، هدفه الأساسى، إضعاف موقع فلاديمير بوتين، وسعيا فى نهاية المطاف لإسقاط

العقوبات وشعبية بوتين

من جهة أخرى، أوضح أندرى كوليسنيكوف من مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يتمتع بشعبية فائقة، وفق ما أظهرته آخر التحليلات الإعلامية المستقلة، وأشار إلى أن السيناريو الذى يتمنى قادة الغرب تنفيذه لن يكون واقعيًا فى ظل الظروف الراهنة، حيث أوضح الباحث كوليسنيكوف، أن فكرة زعزعة شعبية بوتين أمر مستبعد وغير منطقى.

كما أوضح الباحث، أن مع استمرار ضغط العقوبات الغربية حوّل الطبقة السياسية الروسية المعروفة باسم طبقة «الأوليجارشيين» ستزيد شعبية الرئيس الروسى بل سيتحول إلى بطل قومى آخر، وهو الأمر الذى ربما توقعه بوتين واستغله بصورة قوية خلال العملية العسكرية الأوكرانية، مما يجعل فكرة سقوط الرئيس أو حتى تغيير نظرية الشعب أو الطبقات السياسية له أمر مستبعد.

الرضوخ 

«رضوخ أوكرانيا» هذا هو السيناريو الذى وضعه بوتين لعمليته العسكرية فى أوكرانيا، وهو رضوخ حكومة كييف مع أول صاروخ روسى، فالجيش الروسى متفوق على القوات الأوكرانية وبإمكانه إرغام هذا البلد على الرضوخ. غير أن هذا الاحتمال يواجه عقبات يرى العديدون أنه لا يمكن التغلب عليها.

أوضح المؤرخ البريطانى لورنس فريدمان من معهد «كينجز كولدج» فى لندن «إنها حرب لا يمكن لفلاديمير بوتين الانتصار فيها، أيا كانت مدتها ووحشية وسائله» مضيفا «دخول مدينة يختلف عن إبقائها تحت السيطرة».

وعلق برونو تيرتريه، المحلل الفرنسى ومساعد مدير معهد «البحث الإستراتيجى»، على عدة احتمالات مطروحة، حيث أوضح أن احتمالية ضم كييف إلى «إمبراطوية روسيا» لا يمكن أن يتحقق، وقال «هذا يكاد لا يحظى بأى فرصة بأن يتحقق». وعن تقسيم أوكرانيا على غرار كوريا أو ألمانيا عام 1945 أنه أمر غير ممكن كذلك. يبقى خيار أن «تتمكن روسيا من دحر القوات الأوكرانية وتنصيب نظام دمية فى كييف».

 الصمود الأوكرانى

فاجأ الأوكرانيون الروس والغربيين، وفاجأوا أنفسهم ربما، بتعبئتهم الشديدة بالرغم من الدمار الهائل والخسائر الفادحة.

وأشار دبلوماسى غربى إلى أن «الدولة والجيش والإدارة لم تنهر» وخلافا لخطاب بوتين فإن «الشعب لا يستقبل الروس على أنهم محررون»، لافتا إلى «صعوبات على الأرجح فى السلسلة العسكرية الروسية، ما زال الوقت مبكرا لتوصيفها».

وبإمكان القوات الأوكرانية بدعم من أجهزة الاستخبارات الغربية وبفضل إمدادات بالأسلحة، أن تجر العدو الروسى إلى حرب شوارع مدمرة، تكون فيها معرفة الميدان حاسمة. وأظهرت التجربة أنه نادرا ما حققت دولة «محتلة» انتصارا فى حرب شوارع.

توسع النزاع

تتقاسم أوكرانيا حدودا مع أربع دول أعضاء فى الحلف الأطلسى كانت سابقا جزءا من الكتلة السوفيتية التى لا يخفى بوتين «حنينه إليها»، وبعد أن استطاعت روسيا أن تضم لحلفها بيلاروسيا، وكذلك عمليتها العسكرية فى أوكرانيا يبقى الشرق الأوروبى وحلفاؤه أمام تساؤل واحد.. هل تتجه أنظار موسكو نحو مولدافيا، الدولة الصغيرة الواقعة بين أوكرانيا ورومانيا، وصولا ربما إلى جورجيا على الساحل الشرقى للبحر الأسود؟

رأى برونو تيرتريه، المحلل السياسى الفرنسى، أن موسكو قد تحاول إسقاط التوازنات الأمنية الأوروبية والأطلسية من خلال «إثارة حوادث على حدود أوروبا» أو ربما من خلال هجمات إلكترونية، لكنها لن تستطيع أن تقدم على خطوة تحدى حلف الناتو ودوله الأعضاء.

واتفق مع تيرتريه، الأميرال السابق باسكال أوسور، مدير المعهد المتوسطى للدراسات الاستراتيجية، الذى أوضح من خلال كتاباته، أن بوتين أذكى من أن يقدم على هذه الخطوة، موضحًا أن الطرفين الناتو وموسكو سيعملان على تجنب هذا الصدام.

لكنه أضاف متحدثا لوكالة الأنباء الفرنسية أن «دخول قوات روسية إلى أحد بلدان الحلف الأطلسى، ليتوانيا على سبيل المثال، لربط كالينينجراد ببيلاروسيا يبقى احتمالا قائما».

وتابع «من الممكن أيضا وقوع هفوة أو اشتباك على حدود أوكرانيا أو فى البحر الأسود، حيث تنتشر العديد من السفن والبوارج الحربية.. لكنه سيظل اشتباكا فى مساحة محدودة».

أما فيما يتعلق بقوات الردع النووية الروسية والتى وضعها الرئيس الروسى «فى حال تأهب خاصة، فقد انقسمت آراء المحللين حول هذه الخطوة، حيث رأى البعض أن روسيا ربما تتخذ خطوة «غاضبة» لكنها لن تكون «حرب نووية»، وقد أوضح كريستوفر تشيفيس من معهد كارنيجى، أن موسكو قد تستخدم قنبلة قد تكون «تكتيكية» وبالتالى محدودة الوطأة.. كما أن تخطى العتبة النووية لن يعنى بالضرورة حربا فورية، لكنها ستشكل منعطفا فى غاية الخطورة فى تاريخ العالم».

فى المقابل، يبدى آخرون موقفا مطمئنا أكثر، وفى طليعتهم جوستاف جريسيل، من المجلس الأوروبى للعلاقات الدولية، حيث رأى أنه «ليس هناك تحضير من الجانب الروسى لضربة نووية» معتبرا أن تصريحات بوتين «موجهة بصورة أساسية إلى الجماهير الغربية لإثارة الخوف».