
هناء فتحى
عكس الاتجاه.. عيد ميلاد «تونى موريسون»
احتفل الأمريكان الأسبوع الماضى بالعيد الـ91 لميلاد الكاتبة الروائية الإفريقية الأمريكية الأعظم فى التاريخ الأمريكى والإفريقى «تونى موريسون».. هل ماتت بالفعل «تونى موريسون» وشبعت موتًا منذ أعوامٍ ثلاثة فى 5 أغسطس عام 2019 عن عمر 88 عامًا؟
نعم ماتت ولا تزال حية.
دفنوا جسدها لكن صاحبة «محبوبة» و«العين الأكثر زرقة» و«نشيد سليمان» و«صولا» والحائزة على (نوبل) و(بوليتزر) وصاحبة الروايات الأكثر مبيعًا وشهرة وروعة وجمالًا وتأثيرًا فى حياة السود بأمريكا لا تزال تثير الجدل حيةً وميتةً: فقد احتفلوا بعيد ميلادها فى الثامن عشر من فبراير هذا الشهر بطريقتين؛ الأولى تهانى وورود ومقالات عظيمة على صفحتها بالفيسبوك، الصفحة المفتوحة لروحها وعشاقها لا تزال، والثانية حين هاجم المسيحيون المحافظون ثلاثةً من رواياتها وطالبوا بحذفها من مكتبات مدارس أولادهم لأن كتاباتها عنصرية وفاحشة وتتحدث عن معاناة السود الأمريكان القديمة والضاربة فى الجذور ولا تزال. وتساءلوا: أىّ تاريخ أمريكى تحاول تونى موريسون كشفَه؟ فى هذا السؤال تكمن مأساة الشعب الأمريكى الحقيقية، يكمن الانقسام والاستقطاب الذى لا يودون الاعتراف به، ويتأذى الأمريكى الأبيض أن أولاده يقرأون فى مدارسهم رواية (beloved) التى تحكى عن حادثة حقيقية قبل الحرب الأهلية لامرأة سوداء عام 1856 قَتلت ابنتَها خوفًا عليها من حياة العبودية. ويتساءل الأمريكان فى إنكار: أىّ تاريخ أمريكى تود «موريسون» أن تكشف عنه؟ والإجابة هى السؤال.
ليست هى المرة الأولى التى يتم فيها بالفعل حظر روايات الكاتبة الأعظم فى التاريخ الأمريكى؛ فقد حدث ذلك عشرات المرّات على مدار العشرين عامًا الأخيرة وفى حياتها تم حظر «نشيد سليمان» و«محبوبة» و«العين الأكثر زرقة» لأن الروايات الثلاث تحكى التاريخ الأسْوَد للرجل الأبيض، إذ تُعَد «تونى موريسون» واحدة ممن فضحوا التاريخ المزرى للكاوبوى، وهى واحدة من العظماء السود الذين ناضلوا من أجل الحقوق المدنية، وهى واحدة ممن مهدوا الطريق لثورة (حياة السود مهمة)، الثورة التى جاءت فى نهاية حُكم ترامب ومهدت لاختيار «كامالا هاريس» نائبة لـ«بايدن».. يبدو أن اختيارها المخاتل كان محاولة لقتل أو لإطفاء جذوة ثورة السود، ولكن هيهات فأمريكا ليست جمهورية موز، نعم كان اختيار كامالا هاريس مريبًا لتهدئة الأجواء، أجواء ثورة السود التى اجتاحت كل الولايات والتى هدأت بزوال الحقبة الترامبية وما خلفتها من هبوب رياح يمين شعبوى مقيت أعاد للأذهان وللقلوب أجواء ما قبل الحرب الأهلية بسنوات..
أين كمالا هاريس؟ لا صوت لها الآن ولا حِسْ ولا خبر ولا عمل ولا وعد قالته قبل الانتخابات الرئاسية 2020 مع بايدن قد تحقق.
هل كانت كمالا هى الرصاصة التى أطلقوها على ثورة السود؟
هل كانت هى الكذبة الكبرى للسود والجائزة الكبرى للبيض؟
ماذا لو كانت لا تزال «تونى موريسون» حية الآن؟ كانت ستحتفل يوم 16 فبراير بعيد مولدها الـ91، وكانت ستكتب رواية مهمة عن «كمالا هاريس» تستكمل بها «نشيد سليمان».