الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
التوازنات الجديدة للشرق الأوسط فى ظل الصراع العالمى هنا القاهرة.. عاصمة الأمن القومى العربى

التوازنات الجديدة للشرق الأوسط فى ظل الصراع العالمى هنا القاهرة.. عاصمة الأمن القومى العربى

لا حديث يفرض نفسه اليوم على دوائر السياسة الدولية إلا وتجد له رابطًا فيما يجرى هناك فى منطقة البلطيق والمنطقة المتاخمة لها وخاصة آسيا الوسطى والتى كانت سابقًا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتى ومن أفلت كان يدور فى فلك الاتحاد السوفيتى ومن بعد ذلك كان ميدان الحرب الباردة والتى تطل اليوم من جديد بتوازنات ومفاهيم وتقديرات دولية مختلفة تمامًا.



هذه السطور جزء من السياق الجغرافى والتاريخى لميدان الشد والجذب الآن لما يُعرف بأزمة (أوكرانيا) مجازًا أو أزمة الغرب وروسيا واقعيًا.

السياق الجغرافى والتاريخى والواقع أيضًا يقول أن الشرق الأوسط ليس بعيدًا على الإطلاق من هذة الأزمة .. جغرافيًا جنوب آسيا الوسطى هى المنطقة المتاخمة للإقليم العربى والتداعيات بداخلها لها تبعاتها على الدول العربية الشقيقة وخاصة دول المشرق العربى (العراق – سوريا – لبنان – فلسطين – الأردن) ولوحة التنشين تستهدف منطقة الثراء والنفط فى منظومة الأمن الإقليمى العربى وهم الأشقاء فى دول مجلس التعاون الخليجى.

كل متدبر لخطوات مصر الداخلية والخارجية يرى بوضوح أن القاهرة تعمل وفق مخطط استراتيجى ثابت ومعلن منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية الذى صنع لمصر سياقًا واضحًا إقليميًا وخارجيًا بأنها الدولة العربية المركزية التى لا تقف فى خندق واحد مع داعمى الإرهاب لأنها دولة تُنشد السلام والاستقرار والتنمية لشعبها ولإقليمها.

ومن هنا كانت هذة المحددات هى نقطة التقاء من يريد أن يلتقى مصر.. التى تجاهلت الكثير من رسائل الود المعلنة وغير المعلنة من كيانات إقليمية تسعى لخطب رضائها ومرجع التجاهل فى تقديرى أن كل الرسائل تأتى مخالفة للثوابت المصرية ومبادئ الدولة المصرية ومنظومة القيم التى باتت عنوانًا للتحركات المصرية.

منظومة القيم تلك التى تظهر بوضوح فى خطابات الرئيس السيسى أمام المحافل الدولية أو فى حديثه وشرحه وردوده وتعليقه على الأحداث الدولية، ويكفى هنا أن تستعيد حديث الرئيس مع ممثلى الصحف والوكالات الأجنبية خلال فعاليات منتدى شباب العالم لتدرك أن مصر لا تتاجر بمبادئها.

لحظة صمت.. يتبعها استرجاع للمشهد الإقليمى بعد الفوضى والسيولة التى تسبب فيها الخراب العربى والذى روج كذبًا على كونه ربيعًا.. ستجد الآن أن مصر هى الناجى الوحيد من هذا الخراب.

هذه النجاة لم تكن صدفة أو منحة وإن حاوطتنا الطاف الله فهى رحمة بأمة مخلصة لنفسها ولإقليمها.. منذ اللحظة الأولى لتحمل الرئيس السيسى مسئولية مصر وضع الأمن القومى العربى أولوية مصرية رغم كل التحديات التى تواجه مصر.

تمثل ذلك فى الدعم المعلن لمفهوم الدولة الوطنية والجيوش الوطنية فى المنطقة ورفض تغيير الجغرافيا السياسية للدول العربية التى تُعانى من محن وجودية ورفض أن يكون الإرهاب جزءًا من واقعها ومستقبلها.

هذه المبادئ المصرية لم تكن محل ترحيب إقليمى فى بدايتها.. كانت نغمًا سياسيًا غريبًا على منطقة تأكل نفسها وتسلم مقدراتها إلى المجهول، ثم أثبتت الأيام صحة وسلامة الرؤية المصرية وأصبح الدور المصرى هو الدور المرحب به دائمًا إقليميًا ودوليًا.

رسمت القيادة السياسية محددات واضحة بحتمية تصفية الأجواء العربية العربية ودعم كل ما يجعل العمل العربى المشترك ذا قيمة فاعلة فى أتون صراع دولى متعدد الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمؤكد أيضًا الاستراتيجية بعيدة المدى التى تسعى من جديد لإعادة صياغة المنطقة وفق محددات تظهر ملامحها يومًا بعد يوم. من هنا تجد الدعم المصرى لضرورة أن يعود العراق بكل ما يمثله من ثقل لممارسة دوره فى منظومة العمل العربى المشترك، وكذلك استجابة القاهرة لتنقية الأجواء العربية وفق مقررات قمة العلا وتستشرف الإنقاذ المصرى للقضية الفلسطينية وإعادتها مرة أخرى إلى الواجهة باعتبارها القضية المركزية للعالم العربى من المشرق العربى إلى مغربه بدعم الاستقرار فى ليبيا وتونس ثم لحظة التقاء حتمية مع الجزائر الغالى على كل وطنى مصرى.

الرقعة الدولية الآن فى خضم هذا التشنج بين الغرب وروسيا تجعلنا ننظر بالكثير من الاعتزاز للحكمة التى تتمتع بها القيادة السياسية المصرية واستشرافها المبكر لما يحدث الآن والمؤكد ما سيحدث غدًا.

المشهد الدولى الراهن ألقى بظلاله على العديد من الملفات المعلن منها الأمن المباشر للدول العربية وكان أول من تأثر العراق بمحاولات تنظيم داعش هز استقرار دولة المؤسسات التى يسترد دورها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى، ثم التطورات الفوضوية على الساحة السورية وكلها تصب فى خانة استخدام الإرهاب كأداة، ثم الاستهداف المباشر لأمن دولة الإمارات العربية الشقيقة وكانت زيارة الرئيس السيسى صباح الأربعاء الماضى مفادها أن الأمن القومى للإمارات جزء من الأمن القومى المصرى وجاءت هذه الزيارة بعد ساعات من القمة المصرية الجزائرية بين الرئيس السيسى والرئيس عبدالمجيد تبون وكنت أتابع مجريات هذه القمة وأردد عنوان هذا المقال (هنا القاهرة.. عاصمة الأمن القومى العربى).

الملف الآخر والذى سيفرض توازنات وصياغات مختلفة هو ملف الطاقة لأنه جزء رئيسى من الصراع الدائر بين الغرب وروسيا، وهنا علينا أن نقرأ فى الأيام المقبلة مصالح استراتيجية قد تجمع بين عواصم كان بينها برود أو حتى خصومة، وكذلك قد نرى اختلافًا بين عواصم ظهر التقارب بينها بالأمس ولكن طبيعة السياسة الدولية اليوم أصبحت لا تعرف صيغة المطلق أو التطابق فيما ندر؛ ولكن تعرف اتفاق واختلاف فى نفس الوقت لأن هدف كل دولة تحقيق مصالحها الاستراتيجية.

وللحديث بقية.