الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية التى راح ضحيتها خمسون شهيدًا عيـــد الشرطــة 70 عامًا على معركة الصمود

يحل يوم الثلاثاء المقبل الذكرى الـ 70 لعيد الشرطة المصرية الذى يوافق يوم 25 يناير.. وهو ذكرى واحدة من المعارك البطولية لرجال الداخلية البواسل الذين لا تتوقف تضحياتهم عند هذا اليوم فقط، ولكنها مستمرة كل يوم للحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين كتفًا بكتف مع أجهزة الدولة الأخرى.



ليس تكرارًا.. أن نستعرض سويًا ونستعيد أسباب اختيار 25 يناير عيدًا للشرطة..ولكن الأمر يأتى تأكيدًا على ضرورة أن تكون مثل تلك البطولات محفورة فى قلوب ووجدان جميع الأجيال.. لأنه تاريخ يجب علينا جميعًا أن نفخر به، فهذا اليوم جاء تخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية التى راح ضحيتها خمسون شهيدًا وثمانون جريحًا من رجال الشرطة المصرية على يد الاحتلال الإنجليزى فى 25 يناير عام 1952 بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى.

 معركة النضال الوطنى

مثلت معركة الإسماعيلية أحد فصول النضال الوطنى الذى ثار كالبركان إثر إلغاء معاهدة‏ 1936‏ التى كانت قد فرضت على مصر أن تتخذ من المحتل وليًا لها، ليُفرض عليها عبء الدفاع عن مصالح بريطانيا، وتعانى غارات الجيش المحتل التى هدمت الموانئ وهجرت المدن.

وما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى ثارت الحركة الوطنية مطالبة بإلغاء المعاهدة وتحقيق الاستقلال، وما كان من حكومة الوفد إلا أن استجابت لهذا المطلب الشعبى‏،‏ وفى الثامن من أكتوبر ‏1951‏ أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس إلغاء المعاهدة أمام مجلس النواب.

وفى غضون أيام قليلة نهض شباب مصر إلى منطقة القناة لضرب المعسكرات البريطانية فى مدن القناة،‏ ودارت معارك ساخنة بين الفدائيين وبين جيوش الاحتلال.

فى الوقت الذى ترك أكثر من (91572) عاملاً مصريًا معسكرات البريطانيين للمساهمة فى حركة الكفاح الوطنى، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.

 التهديد باحتلال القاهرة

الأمر الذى أزعج حكومة لندن فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، ولم يعبأ الشباب بهذه التهديدات ومضوا فى خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطانى واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏

شهدت المعركة تحالف قوات الشرطة مع أهالى القناة‏،‏ وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة‏،‏ فعملوا على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الانفراد بالمدنيين وتجريدهم من أى غطاء أمنى، ورفضت قوات الشرطة تسليم المحافظة، رغم أن أسلحتهم وتدريبهم  لا يسمح لهم بمواجهة جيوش مسلحة بالمدافع‏.‏

إنذار تسليم  قسم الشرطة

وفى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 قام القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام» واستدعى ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.

وما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

اشتد غضب القائد البريطانى فى القناة وأفقده قرار الرفض أعصابه، فأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية وأطلق البريطانيون نيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، فى الوقت الذى لم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع.

 7 آلاف جندى

حاصر أكثر من 7 آلاف جندى بريطانى مبنى محافظة الإسماعيلية والثكنات والذى كان يدافع عنهما 850 جنديًا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التى دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت حتى سقط منهم خمسون شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم.

لم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة تابعة للمحافظة، لاعتقادهم أنها مقر يتخفى خلاله الفدائيون، مما أثار الغضب فى قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق جميع شوارع القاهرة مليئة بجماهير غاضبة تنادى بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم.

 بطولات محاربة الإرهاب

ومنذ هذا التاريخ الذى سطر فيه رجال الشرطة واحدة من المعارك التى شهد لهم فيها العالم كله بالبسالة، والتضحيات مستمرة لا تتوقف يومًا، وكان أشدها هى محاربة  قوى الإرهاب خلال فترات الثمانينيات والتسعينيات حتى عاد الاستقرار فى محافظات مصر المختلفة، وهناك أيضًا المعركة الأكبر ضد التطرف وجماعة الإخوان الإرهابية وأعوانهم فى الفترة من 2011 والتى استمرت لسنوات، ونجحت الشرطة المصرية فى قطع أذرع تلك الجماعات بكل شبر بمصر بالتعاون مع قواتنا المسلحة، حتى إن بعض الجهات أكدت أن شهداء وضحايا الشرطة تعدى الـ5 آلاف ضابط وجندى فى حربها على الإرهاب بعد  ما يسمى بالربيع العربى.

 تقدير الرئيس السيسى  لرجال الشرطة

القيادة السياسية تعى جيدًا قيمة وتضحيات رجال الشرطة وهو ما يؤكده بشكل مستمر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أغلب المحافل، وبشكل عملى فقد حرص الرئيس السيسى على تطوير جميع قطاعات وزارة الداخلية لتقوم بدورها بأفضل صورة، ويظهر ذلك جليًا فى تطوير أقسام الشرطة وإدارات وقطاعات مكافحة الجريمة والإرهاب وكذلك تسهيل استخراج المواطنين للأوراق الرسمية.. وغير ذلك.

الرئيس السيسى دائمًا ما يوجه العديد من الرسائل فى هذا اليوم وكان من أبرزها تأكيده على أن معركة الإسماعيلية المجيدة تجسدت خلالها بطولات رجال الشرطة دفاعًا عن تراب الوطن، وكانت ملحمة كفاح ونضال ستظل على مر العصور شاهدة على نبل البطولة وشرف الصمود، وأن الاحتفال بعيد الشرطة يعتبر مناسبة نستدعى فيها من ذاكرة الوطن المعانى والقيم التى ضحى الأبطال من أجلها بأرواحهم، ومن أسمى تلك القيم قيمة الكبرياء الوطنى، ولنتذكر شهداء الشرطة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حماية الوطن فى الاسماعيلية، وتصدوا للعدوان الغاشم.