الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قبل عشرين عامًا..

«إيه يعنى غرامك ودّعنى إيه يعنى فارقنى ولا رجعلى».. يصدح الراديو بهذه الكلمات بصوت عالٍ فى سيارتى مغلقة النوافذ فى صباح شتوى قارس البرودة، لكنه بديع كصوت «شيرين» التى غنت هذه الأغنية بقوة قبل نحو عشرين عامًا كانت وقتها فتاة لطيفة خفيفة سرقت الأضواء بسرعة البرق ولمع نجمها حتى إن الناس أطلقوا عليها «شيرين آه ياليل» لشدة نجاح الأغنية.



كانت فى عشرينيات عمرها آنذاك وكنت أنا أهرول وراءها نحو العشرين بثقة، ذهب عقلى إلى حيث شيرين الآن، امرأة جريحة تائهة حليقة الرأس غارقة وسط فيضان مشاعر لا يدركه أحد سواها ربما حدث هذا بفعل الحب أو ربما الرجال ومحتمل يكون عدم النضج العاطفى هو السبب، آااه كم أكره أن أكتب هذا فلطالما لم أحتمل الأحكام على الآخرين، فأنا لست مكانها ولا أنت ولا أحد لكنها افتراضات محب.

أتوقف على جانب الطريق لأدون أفكارى قبل أن تفلت من يدى بعد أن أيقظنى من غفوتى الفكرية كلاكس سيارة كدت أن أصطدم بها فلسيارتى فرامل، أمّا عقلى فلا.

أنظر بجانبى فتقع عيناى على لعبة الطبق الطائر، فأنا بالمصادفة أمام دريم بارك تأخذنى اللعبة داخلها لأشعر فجأة أنها الحياة، نعم جميعنا داخل هذا الطبق الطائر أنا وأنت وشيرين والحياة تلعب بنا (حَبة فوق وحَبة تحت) نضحك ونبكى من فرط اللذة والخوف معًا.

ربما هذه المقاربة ليست بعيدة عنى أيضًا فكم من مَشاعر تغيرت داخلى خلال تلك العشرين عامًا، ليست شيرين وحدها التى تغيرت فأنا كذلك خضت غمار معارك جميلة وعنيفة، وربما مررت بمخاض الولادة عشرات المرّات لأتغير وأولد من جديد عسانى أصل إلى نفسى الحقيقية لكن ما أكثر ما يغيرنا هل اختياراتنا فى الحياة هل مشاعرنا أمْ القدر والظروف؟.

أسأل وأنا أسخر من نفسى ..ماذا حل بى؟ لقد سمعت هذه الأغنية عشرات بل مئات المرات إذن لماذا كل هذه الدوامة الفكرية مع صوت شيرين؟! ربما لأنى فى النهاية سيدة فأنا أشعر بمشاعر شيرين وأعرف طعم الخذلان وتذوقته وعندى ربما مخاوفها، فأى سيدة ماذا تريد؟ ربما فى قرارة نفسى أعرف أنه «الأمان»، لكنه كلمة فضفاضة لطالما نكررها ولا يجيد أحد تعريفها بشكل مجرد فهى كلمة متعددة الاستخدامات والأغراض، وربما أعرف أيضًا أنه محال أن يهبك أحدهم هذا «الشىء» فمن يعطى قادر على الأخذ!

ربما المعضلة التى تواجهها كل من افتقدن الإشباع العاطفى فى الطفولة وكل من عاندتهن الحياة وأخذت منهن كثيرًا وبخلت عليهن بأكثر ما احتجنه وظللن هن يبحثن عنه كان مجرد «التعويض» والذى أشيع أنه موجود لدى رجل لكنهن لم يجدنه.. ولن يجدنه، وستظلين جائعة للحب والأمان لأنه لن يعوضك أحد غيرك ولن يضىء طريقك سواك.. أنت من يصنع مشقته بيديه طالما انتظرتِ أن يعوضك أحدهم.

قليلات محظوظات من لديهن علاقات آمنة ليست من نصيب الجميع وبهذا فلنرضى، فالعلاقة الآمنة الأهم هى علاقتك بذاتك وعلاقتك بخالقك.. أصل لهذه النتيجة وأهم بأن أتحرك بسيارتى وأنا أردد بصوت عالٍ مع الراديو الذى لا يزال يصدح بصوت شيرين وهى تقول: «ليه فاكر إن الدنيا فى بُعدك مفيهاش ولا قبلك ولا بَعدك؛ قدامك أهو لسّه بغنى».. نعم غنّى يا شيرين ويا كل شيرين فى كل مكان.. غنّى فالتجارب تحدث لنتعلم ونعاود الغناء بَعدها.