السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قيم كرة القدم..  هل نراها فى ملاعبنا؟

قيم كرة القدم.. هل نراها فى ملاعبنا؟

 واقعتان رائعتان حدثتا منذ أيام وتعبران عن قيم كرة القدم وأخلاقياتها، وأتمنى أن أرى أفعالًا مماثلة لهما فى الملاعب المصرية.. الأولى جرت خلال مباراة فريقى تشيلسى وواتفورد فى الدورى الإنجليزى، بعد دقائق من بداية الشوط الأول لاحظ ماركوس ألونسو لاعب تشيلسى وموسى سيسوكو لاعب واتفورد وجود مشكلة ما فى المدرجات، فأشارا للحكم ونبهاه لما يحدث  من أجل التدخل سريعًا، وعندما عرف أن أحد المشجعين أصيب بأزمة قلبية أوقف المباراة وطلب من اللاعبين الدخول إلى غرف الملابس، وسارع الجهاز الطبى لكلا الفريقين بالمساعدة فى إنقاذ حياة  المشجع حتى تم نقله إلى المستشفى، ويزيد من  الإعجاب بالموقف أن اللاعبين رفضوا العودة للملعب واستكمال المباراة  إلا بعد الاطمئنان على المريض والتأكد أن حالته استقرت وتحسنت، وهكذا كان شعار اللاعبين وجهازى الناديين الفنى والطبى وحكم المباراة أن الإنسان قبل كل شيء، وأن حياة المتفرج الذى لم يعرف أحد هويته ولا إلى أى فريق ينتمى أهم من استكمال المباراة مهما كانت التكلفة، تكاتف الجميع من أجل إنقاذ مواطن تعرض للخطر، والتعاون بين الفريقين المتنافسين أكد أنه رغم وجود المتعصبين فى كرة القدم إلا أن اللاعبين يمكنهم أن يقودوا الجماهير نحو القيم السامية للرياضة، وأن يضربوا المثل فى الأخلاق التى يجب أن تسود الملاعب، فقد جاءت المبادرة من اللاعبين أولًا ثم الحكم فالجهاز الطبى والفنى وأخيرًا المشجعين.



الواقعة الثانية حدثت فى الملاعب التركية، كان الحكم التركى إمرى كارجى يدير مباراة بين فريقى كونيا سبور وفان سبور فى كأس تركيا، وفى الدقائق الأخيرة من الشوط الأول أصيب مهاجم فريق كونيا سبور خلال هجمة لفريقه، فأوقف مدافعو فريق فان سبور اللعب للاطمئنان عليه طبقًا لقواعد الروح الرياضية، لكن أحد لاعبى كونيا استغل الأمر لتسجيل الهدف الأول فى المباراة، واعترض لاعبو فريق فان سبور وشرحوا الموقف للحكم، الذى طلب من لاعبى كونيا سبور ترك لاعب من الفريق المنافس يسجل هدف التعادل، من أجل تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وضمان الالتزام بقوانين الأخلاق  الرياضية، وهو ما حدث بالفعل، ولم يعترض لاعبو كونيا ولم تحتج جماهير النادى فى المدرجات على تصرف الحكم الذى أثار جدلاً كبيرًا فى الأوساط الرياضية حول أحقيته فى اتخاذ هذا القرار، ولكنه نال إعجاب الجميع لأنه انتصر للمثل العليا وقيم الرياضة التى ترفض الانتصار على حساب الأخلاق، والفوز دون منافسة شريفة.

 

 هل يمكن أن نتصور حدوث واقعة مماثلة فى الدورى المصرى دون أن يتهم الحكم بالانحياز وربما بالرشوة؟ ودون أن يتم سن السكاكين لذبحه فى بعض البرامج الرياضية، وهل يستجيب لاعبو أى فريق للحكم إذا طلب منهم مثل هذا الأمر لإصلاح خطأ زميلهم وتجاوزه لقواعد الروح الرياضية؟ وهل يقبل الجهاز الفنى هذا التصرف الراقى أم يفرح بفوز مسروق؟ وهل تحتفى الجماهير بلاعبى فريقها لأنهم استجابوا لقواعد العدالة والمنافسة الشريفة أم يوبخونهم لأنهم أضاعوا فوزًا كان فى المتناول حتى ولو كان على حساب الأخلاق؟.. لا أستطيع الجزم بإجابة على الأسئلة السابقة، ولكنى متأكد أننا لو أردنا أن تسود مثل هذه الأخلاق، وأن نرى مثل هاتين الواقعتين فى ملاعبنا فيجب أن نوقف فورًا حالة شحن الجماهير، وجر المشجعين للتعصب، وحضهم على كراهية الآخر والتى تقوم بها بعض البرامج الرياضية، وأن ننشر مثل هذه الأحداث الإيجابية فى برامجنا وإعلامنا وعلى مواقع التواصل الاجتماعى باعتبارها نموذجًا يحتذى به، وأنها تمثل قيم كرة القدم الحقيقية والتى كدنا ننساها بسبب حماقات بعض المنتمين للإعلام والرياضة.