السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وثائق كشــف أكاذيب الإخوان الباقورى يفضح انتهازية البنا

وثائق كشــف أكاذيب الإخوان الباقورى يفضح انتهازية البنا

الباقورى صديق مؤسس الإرهابية  الذى فضح انتهازيته



 

من الصعب أن يخطئ أحد اسم الشيخ أحمد حسن الباقورى، الذى شغل منصب وزير الأوقاف بين العامين 1952 و1959، لكن يخطئ من يعتقد أن قيمة الرجل كان يستمدها من منصبه الرسمى، فهو جزء من تاريخ مصر بوجهيه الهادئ والصاخب، وأحد الفقهاء الذين مارسوا اجتهادًا فى قضايا العصر، بما جعله قريبًا من المسلمين الذين يثقون بأن دينهم جاء ليحييهم لا ليميتهم.

 

مبكرا جدا انضم الشيخ الباقورى إلى جماعة الإخوان الإرهابية، وكان صديقًا مقرّبًا من حسن البنا مؤسسها ومرشدها الأول، وهو القرب الذى جعله يميل إليه حتى موته، فلم ينتقده أبدًا، بل انتقد من عملوا معه وحمَّلهم مسئولية انحراف الجماعة، بل وصل الأمر به إلى أنه كان يبررّ له أخطاءه، حتى لو كانت هذه الأخطاء فى حجم الكبائر التى لا يمكن أن تغتفر أو يسامح فيها الناس، وهو موقف عاطفى جدًا يمكننى أن أتفهمه من الشيخ الباقورى لكننى أمنع نفسى تمامًا من أن أقدرّه عليه.

لقد اجتهد الإخوان فى تشويه صورة الشيخ الباقورى، رسموا له صورة على أنه الرجل الطامع فى السلطة، حتى لو كان ذلك على حساب مبادئه ومبادئ جماعته، بل وصل بهم الأمر إلى التعامل معه على أنه شخص لا قيمه له، رغم أنهم يعرفون جيدًا أن مؤسس جماعتهم الإرهابية كان يستأمنه، بل طلب منه قبل موته أن يعتنى بأمر الجماعة.

حكى الشيخ الباقورى هذه الحكاية التى كان الإخوان يعرفونها جيدًا، بل يصدقونها أيضًا، يقول الباقورى فى حواره المطوَّل مع الكاتبة الكبيرة «نعم الباز»، وهو الحوار الذى نشرته فى كتابها «ثائر تحت العمامة»: «كنت عضوا بمكتب الإرشاد، وأنا أصلًا كنت نائبًا لحسن البنا، وكنت أمارس النيابة والإخوان فى ذلك الحين، وقبل مقتل حسن البنا أرسل يستدعينى عن طريق أحد الأصدقاء، وذهبت إليه فى داره فى حارة سنجر بالحلمية الجديدة.

قال البنا للباقورى: أحب أن أخبرك خبرًا وأنت عليه أمين.

فردَّ الباقورى: أنا تحت أمرك.

قال البنا: أنا سأختفى.

تساءل الباقورى: ماذا تعنى؟

بدأ البنا فى سرد الحكاية التى حاول فيما يبدو أن تكون درامية ومؤثرة.

قال للباقورى: «أنا رجل أرى المنام ومنَّ الله علىَّ بأن يحدث كما أراه، 

لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب ناقة ومعه أبوبكر على الناقة، وأنا أقودها من زمامها، وإذا هذا الزمام ينقطع من يدى فجأة ويأخذه مَن لا أعلم، فأوَّلت ذلك أننى لن أتابع الوصول إلى الغاية التى أريدها بالدعوة، ولكننى أخذت على نفسى عهدًا بأن نظل فى هذه الدعوة نتوارثها واحدًا عن واحد حتى نلقى الله بحيث لا تنحلُّ الدعوة، فإذا أنا اختفيت فأنت مكانى ارعَ الإخوان واصنع ما يرغبون مما يقيم حياتهم، ولكن على أن يبقى لك هذا الوضع إلى أن يخرج الإخوان من معتقل الطور، فإذا خرجوا فهم أحرار عند ذلك أن يختاروا لهم مرشدًا عامَّا، وهذا هو القدر الذى أريد أن أصرح به وآمرك أن تنفذه، فمن هنا بدأت فى مباشرة منصب المرشد العام للإخوان».

وعندما اعترض مكتب الإرشاد على دخولى الوزارة، وذهبت إلى المرشد أردت أن ألفت نظره إلى أننى أحق بعضوية المكتب، بل وبالمرشد العام للإخوان المسلمين، ذلك لأن حسن البنا أوصانى أن أعتنى بأسر الإخوان المعتقلين، وهذه وصية كان لابدَّ أن أنفذها، وأى واحد يغالبنى عليها لابدَّ أن أغالبه».

ضع جانبًا ما يمكن أن تكون لاحظته أنت كما لاحظت أنا، فالرؤيا التى رآها حسن البنا لو صحَّت لتأكد لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن راضيًا أبدًا عن الجماعة ولا عن مسلكها، وأن عملها انقطع تمامًا، وهو ما كان يجب أن ينتبه له البنا، لكنه وبطريقته المعتادة فى التدليس قلب الرؤيا لصالحه ولصالح جماعته، وللأسف الشديد صدَّقه الشيخ الباقورى فيما قاله، ويبدو أنه لم يناقشه فيه. هذه المكانة التى كان يراها الباقورى لنفسه، جرَّده منها الإخوان لأنه اختلف معهم وانحاز إلى مجلس قيادة الثورة، وأصبح وزيرًا فى الحكومة على غير مرادهم وخروجًاَ على رغبتهم، وهو ما يمكن أن نجده عند عباس السيسى فى كتابه «فى قافلة الإخوان».

يقول: «فى هذه الفترة (يشير إلى العام 1952) طلبت الحكومة من جماعة الإخوان أن يشاركوا بثلاثة وزراء واشترطوا أن يكون الشيخ الباقورى واحدا منهم، ويقال إن الإخوان رشَّحوا المستشار منير دلة والمستشار حسن محمد العشماوى، ولكنهم لم يرشحوا الشيخ أحمد حسن الباقورى، ورأى آخر يقول إنهم رشحوه، وإن الذى اقترح هذه الأسماء هو الأستاذ المرشد نفسه، ثم بعد أن استشار أعضاء مكتب الإرشاد عدل عن رأيه ورفض أن يشارك الإخوان المسلمون فى الحكم».

حاول الإخوان أن يشوهوا مجلس قيادة الثورة، فأسرعوا إلى الطريقة المعتادة التى يسلكونها فى مثل هذه الظروف، باتهام مجلس قيادة الثورة بأنه يعمل ضد الإسلام.

يقول عباس السيسى: «أهم المبررات التى بنى عليها هذا القرار هو عدم توافر الثقة بين الإخوان ورجال الجيش والحذر من المستقبل على الجماعة، كذا فإن الإخوان يرفضون أن يكونوا قلة لا أثر لها فى إصدار القرارات، وأيضا فإن دعوة الإخوان ورسالتهم لا تتواءم مع الأفكار والاتجاهات التى تخالف الاتجاه الإسلامى، فرجال الدعوة الإسلامية يعتبرون أن الإصلاح وحدة لا تتجزأ، فلا يمكن أن تصدر قرارات تميع الفكرة الإسلامية، ويخشى الإخوان أن تفشل الحكومة فى تحقيق أهدافها الاجتماعية والسياسية، فيسند ذلك إلى الجماعة وهى منه براء، وفى حالة فشل الحكومة سيكون ذلك فى نظر الشعوب الإسلامية هو فشل لدعوة الإخوان، وحين يرسخ هذا المعنى فى ذهن هذا الجيل فإنه من الخطورة الكبيرة على مستقبل الدعوة، وقد يتأخر بزوغها من جديد بعد ذلك أجيالاً وأجيالاً، وإذا كان ولابدَّ من أن يحكم الإخوان فليكن بحكومة إسلامية عقيدة ومنهاجًا وأمة، فلاشريك للإسلام فى الحكم، وهكذا رفض الإخوان الاشتراك مع الحكومة».

ما قاله صاحب «فى قافلة الإخوان» يقودنا إلى أى مدى كانت تمارس هذه الجماعة تضليلها الكامل فلأنها لم تمكَّن من مشاركة رجال الثورة فى الحكم، سعت إلى إخراجهم من حمى الإسلام، وأنهم لا يعملون من أجله، واحتكرت الأمر كله لنفسها، فهى وحدها التى تعمل من أجل الإسلام.

شيء آخر لابد أن يستوقفنا هنا وهو أن هذه الجماعة طوال تاريخها تمارس أعلى درجات الانتهازية السياسية، فكل حرصها على الجماعة، أنها - فيما تقول - تمتنع عن المشاركة فى الحكم، لأن الفشل سيضرها ويضر مستقبلها، بصرف النظر عن مصالح الناس، واستقرار الوطن الذى يمكن أن يكون نتيجة الاتفاق، لكن الجماعة قررّت أن ترفض وتصرَّ على الرفض حفاظًا فقط على مصالحها التى لا يمكن أن تقارن بمصالح الوطن العليا.

وعندما تدقق فى هذا الموقف ستكتشف أنه لا يختلف فى قليل أو كثير عن موقفها فى 30 يونيو، فقد رفضت الجماعة تماما أن تنزل على إرادة الشعب المصرى انتصارًا لنفسها، وحتى لا تعترف بالفشل الذى أحاط بها من كل جانب.. بل راحت تتحدى هذا الشعب وتمارس ضده إرهابًا مركَّبا، اعتقادًا منها أنها يمكن أن تجبره على القبول بها مرة ثانية.

نصل إلى ما قاله عباس السيسى عن الباقورى، مجرِّدًا إياه من كل فضل لمجرد أنه اختلف مع الجماعة، ومشوِّها صورته بما لم يحدث، وهى سمة إخوانية وضع بذورها حسن البنا، وسار أعضاء جماعته عليها، فكل من يخرج عليهم لابدَّ من الحطِّ من كرامته والإساءة إليه.

يقول عباس السيسى: «لكن الشيخ أحمد حسن الباقورى أسرع موافقًا على الاشتراك فى حكومة يوليو، وعلى أثر قبوله وزارة الأوقاف اعتبره الإخوان مخالفًا أمر قيادتهم، فاجتمع مكتب الإرشاد وأصدر قرارًا بفصله من الجماعة، ولم يكن قرار فصل الشيخ الباقورى ذا قيمة بالنسبة لجماعة الإخوان التى لا تؤمن بالأشخاص، إذ الولاء لله ورسوله، إلا أن قرار الفصل قد وضع حدا فاصلًا وكشف عن مفاصلة صريحة وواضحة بين رجال الجيش وجماعة الإخوان المسلمين، وكانت هذه أول خيوط الخلاف».

كان الشيخ الباقورى وديعًا جدًا وهو يسرد قصة خروجه من الإخوان.

كتب الباقورى: السيد المستشار حسن الهضيبى المرشد العام للإخوان المسلمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإننى أرجو أن تقبل استقالتى من مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين.

قاطعه الهضيبى، وقال له قبل أن يوقع: لا مش بس كده.

سأله الباقورى: وماذا تريد إذن؟

قال: أضف إلى الاستقالة هذه الجملة: ومن جميع تشكيلات الإخوان المسلمين فى الشعب والأقاليم.

قال الباقورى: حاضر. وأضفت هذه الجملة «ومن جميع مؤسسات الإخوان المسلمين فى مختلف الشعب وسائر المؤسسات التى فيها مراكز للإخوان».

لقد بدا لى فى هذا الموقف عنف الجماعة وقسوتها وأنانيتها وادعاءها أيضًا.

وبدا لى الشيخ أحمد حسن الباقورى كإخوانى رومانسى مخدوع فى جماعته، فلمجرد أنه اختلف معهم، قرروا أن يقطعوا كل صلة لهم به، والغريب أنهم لم يقطعوا كل الصلات التنظيمية به فحسب، بل قطعوا أيضا كل الصلات الشخصية، فتجنبوه وهاجموه واجتهدوا فى تشويه سمعته، واتهموه بأنه باع الجماعة من أجل الوزارة، رغم أنه كان نقيا جدا فى دوافعه، فقد أراد أن يشترك فى حكومة الثورة من أجل الإصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

حدث هذا من الإخوان رغم أن الباقورى ظل حريصًا على وده معهم.

سألته نعم الباز: هل انقطعت صلتك بهم بعد أن كتبت استقالتك للمرشد العام حسن الهضيبى؟

قال: لا.. بل على العكس كنت ألقاهم، فقد كنت قد استأجرت دارا فى 10 شارع فاروق، بل كانت حجرة واحدة أخذتها منذ اعتقال الإخوان، وكنا نلتقى بها ونساعد الذين يدخلون الانتخابات مثل سيد جلال فقد كان من أفضل الناس الذين يقدمون مساعدات مالية لأسر الإخوان المسلمين المعتقلين، وهذا رجل لا أجحد فضله إلا إذا كنت جاحدا.

عادت لتسأله: هل ظللت على علاقة وثيقة بهم؟

قال: إلى يوم يقوم الناس.. كنت على علاقة بهم إن لم تكن علاقة رسمية فإنها علاقة مودة وعاطفة لا يجرؤ الزمن على أن ينال منها. هنا يظهر لنا الفارق الكبير بين أحمد حسن الباقورى والجماعة القاسية العنيدة، فهو يحمل لهم ودا، وهم يحملون له جحودا، ومع احترامى الشديد لموقف الباقورى من الجماعة، فإنه لم يكن موفقا فى حكمه عليها.

لقد حاولت الجماعة أن تظهر الباقورى بصورة من خرج على الجماعة واجتهد فى تشويهها، وهو ما قاله عباس السيسى فى كتابه «فى قافلة الإخوان»: «ومن هنا بدأ الشيخ الباقورى يغمز الإخوان وقادتهم فى تصريحاته وفى خطبه ومقالاته، ولعل أول موقف ظهرت فيه هذه المشاعر السيئة كان فى خطبته فى حفل افتتاح مسجد الجمعية الشرعية بجوار نفق شبرا، حيث هاجم الإخوان بطريقة فيها خبث والتواء، وقد رد عليه الإخوان فى المسجد بهتافات الإخوان المسلمين وشعاراتهم».

عندما نفتح كتاب الشيخ الباقورى «مجرد ذكريات» الصادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر فى العام 1988، سنجد ما يكذِّب عباس السيسى تماما فيما قاله عن إساءة الباقورى للجماعة وعن هتاف شباب الإخوان ضده.

يقول الشيخ الباقورى: «على الرغم من اختلاف الرأى بين الإخوان مضيت على ما كنت رسمته لخير الشعب وخير الإسلام، فكنت أحرص على إلقاء خطبة الجمعة فى عواصم المديريات والمراكز والقرى فى مختلف أنحاء القطر، وكان أغلب شباب الإخوان فى كثير من البلاد يحرصون على أن يصاحبونى إلى البلد الذى نشرت الصحف أننى سألقى الجمعة فيه».

 

لقد جرى لأحمد حسن الباقورى فى أول أيام التحاقه بالجماعة ما كان يجب أن يجعله ينفر منها، لكنه استمر معها ربما بسبب انبهاره بشخصية حسن البنا.

جاء الباقورى إلى القاهرة فى العام 1929، وفى بداية الثلاثينيات قابل حسن البنا، وهو ما جرى له بالصدفة البحتة.

يقول عن ذلك: «كنت أسير فى شارع محمد على مع مجموعة من الأصدقاء، فقال لنا قائل منهم لعله من الإخوان المسلمين، هنا تلقى محاضرة فى عمارة الشماشرجى وفيها رجل يتحدث حديثا طيبا عن الإسلام، فهيا بنا نستمع إليه، وسرنا معه إلى هناك وإذا بنا أمام حسن البنا».

بعد أن أنهى حسن البنا حديثه، سأل الباقورى: ما الذى أفدته من حديثى؟

فأجابه بأنه استفاد منه كلاما كثيرا.

فقال حسن: أتستطيع أن تذكر كلمة عما استفدت؟

فرد الباقورى: إن الأرض تقاتل مع أهلها فى دخول بنى إسرائيل إلى بيت المقدس.

فعلَّق البنا: هذا دليل على أنك حاضر الذهن.

ويستكمل الباقورى حكايته، يقول: سألنى: لو كنت تريد أن تعمل شيئًا لوطنك ماذا يكون ذلك الشىء؟

قلت له: أفكر فى أن أتعلم.

قال: هذا طريق طويل.. وستيأس وأنت فيه وحدك لأنك لن تجد ظهرا، وعندما يسير المرء فى طريق سيمله، فلابد لكى تسير فى هذا الطريق إلى نهايته أن يكون لك زملاء، هناك زملاء فى جماعة الإخوان المسلمين وغرضها طرد الأجانب من بلادنا وتربية الشعب تربية صحيحة.

كان يجب أن ينصرف الباقورى عن حسن البنا عندما يسمع منه هذا الكلام، فهو يقوم بتجنيده بشكل مباشر دون أن يلتفت إلى ما أبداه من رغبة فى أنه يريد أن يتعلم، على اعتبار أن طريق التعلم طويل، فهو يفضل العمل الحركى والتغيير بالقوة، لكن لم يفطن الباقورى إلى ذلك، خاصة أن حسن البنا زين له الأمر بأهداف تبدو براقة مثل تربية الشعب وطرد الإنجليز.

كانت هذه - ولاتزال - طريقة جماعة الإخوان الإرهابية فى تجنيد الشباب الجدد، فهى تخدعهم بالشعارات اللامعة البراقة، وتخفى عنهم أهدافها الأساسية، ولا ينجو من شباك الجماعة إلا من يكتشفون أهدافها الحقيقية بعد ذلك.

إعجاب الشيخ الباقورى بحسن البنا جعله يتعامل معه على أنه كان رجلا نبيلا فى دعوته، لكن من جاءوا بعده أفسدوا الجماعة، وهذا الكلام فيه نظر، بل فيه من الزيف الكثير ومفارقة الحقيقة التى كانت على الأرض، إلا أننى سأثبت هنا ما قاله الباقورى من باب الأمانة العلمية، ومن باب حق الشيخ الباقورى علينا.

يقول: «كان إقبال الشباب على جماعة الإخوان المسلمين إقبالا لا نظير له، ولو أن الإخوان المسلمين مضوا بهدوء على الطريق الذى كان المرشد حسن البنا قد رسمه لبلغوا ما أرادوا من أيسر طريق، ولكن دائما الشباب يستعجل الأمور ويؤثر الوقوف موقف الضحية أكثر مما يؤثر الوقوف فى موقف الحجة والأناة والصبر، ومن هنا أتعب الإخوان المسلمين من أنفسهم وأتعبوا الذين اتصلوا بهم ممن لا يفكرون مثل تفكيرهم».

لا أخفى عليكم أننى كلما قرأت ما يقوله الشيخ الباقورى عن الإخوان وجماعتهم الإرهابية ومرشدهم الأول أتحير فى أمره.. فقد قال ما أثبت لنا به أن هذه الجماعة مراوغة ومخادعة وكاذبة وملفقة وتسعى إلى مصلحتها فقط دون مصلحة الإسلام، لكنه كان منساقا تماما لهم.

وهنا يكشف الباقورى عما يمكننا اعتباره فلسفة جماعة الإخوان الإرهابية، وهى فلسفة ظلت تعمل بها طوال عمرها منذ تأسيسها على يد حسن البنا وحتى الآن. استمع إلى الباقورى وهو يقول: «كنا نفتعل حلقات الذكر تحت ظل الشاذلية حتى يستعصى الأمر على الذين يراقبوننا، وكان الشيخ حسن البنا شاذليا أخذ الطريقة عن سيدنا عبدالوهاب الحصافى الشاذلى، وقال لنا وأشار إلى أن هذه المؤتمرات مراقبة مراقبةً شديدةً من الداخل والخارج، فكنا نتكلف التصوف والذكر ونتجنب كلمات السياسة وما يتصل بها».

تعلق هنا نعم الباز التى أدارت معه حوارا مطولا، تقول له: ولكنكم فعلا كنتم مشاركين فى السياسة ومهتمين بها.

فيرد عليها: «وكنا حريصين على هذا فى ذلك العصر، وكنا متفقين مع الإدارة العليا على أننا لابد أن نظهر للناس بوجه وأن يكون فى صدورنا وجه آخر لا يعرفه أحد سوانا».

هنا يكشف لنا الشيخ الباقورى عار الجماعة الإرهابية الكبير، فهى تخدع الناس، تمنحهم وجها ليس حقيقيا، وتحتفظ بالوجه الحقيقى للوقت المناسب، وهو الوقت الذى كانت الجماعة تحدده بنفسها.

وقد يقول أحدهم: وما فى ذلك؟! فإن الغاية تبرر الوسيلة.

وإلى هؤلاء أقول: بئست الغاية وبئست الوسيلة معا، فقد خدعت الجماعة الشعب المصرى طوال تاريخها بأنها جماعة تعمل من أجل الإسلام، وهى بالفعل لا تعمل إلا من أجل نفسها وتحقيق مصالحها التى تخاصم تماما مصالح الناس.. ومصالح الوطن.