المتأسلمون يحتمون بـ«النصارى» لإنقاذ أحزابهم «الدينية»!

محمد تمساح
تصوروا أن الأحزاب الدينية التى كانت تشجع على حرق الكنائس ومطاردة المسيحيين، هم أنفسهم الذين يحتمون فى الأعضاء المسيحيين الذين يدعون وجودهم أعضاء فيها لإيهام السذج أنها أحزاب مدنية والأغرب أنهم يقولون إنهم «نصارى» لا مسيحيين!.. وهذه التخاريف التى يصدقها البعض زادت خلال الأيام الأخيرة بعد المخاوف التى تبلورت بإقرار الظهير الدستورى لحظر الأحزاب الدينية الذى اتفقت عليه كل طوائف الشعب المصرى!
النكتة التى أطلقها المتأسلمون أنهم ليسوا أحزابًا دينية بل مدنية، وفى مقدمة هؤلاء الكاذبين حزب «مصر القوية» الذى يدعى المدنية بل النور والبناء والتنمية.. فتصوروا أن السلفيين والإسلاميين يتحولون لمدنيين فجأة، وتمادوا فى ادعاءاتهم أنهم فى حماية المادة الثانية للدستور، ورغم استخفافنا بهذه الأكاذيب يجب أن نجهز الرد عليهم ولا نكتفى بالتهكم عليها فقط، خاصة أن حزب البناء والتنمية تم إشهاره بحكم محكمة من القضاء الإدارى!
د.«طلعت مرزوق» عضو الهيئة العليا لحزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية يرى أن مسألة إقرار لجنة تعديل الدستور على عدم جواز إنشاء الأحزاب على أساس دينى لا تمثل مشكلة للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، لأن أعلى محكمة إدارية فى مصر خاصة بحل الأحزاب أو إنشائها وهى المحكمة الإدارية العليا، قالت إن هذه الأحزاب ليست أحزابًا دينية، مثلما حدث مع حزب الوسط.
وقال إنه لن تواجه مشكلة حزب النور بعد إقرار حظر الأحزاب على أساس دينى.. مضيفًا إن «النور» ليس حزبًا دينيًا، بمعنى أن كل أعضائه من فئة معينة فالحزب أعضاؤه من جميع طوائف الشعب المسلمين والأقباط، ولديهم من المؤسسين للحزب ما يزيد على «40» قبطيًا بالإضافة إلى الأعضاء، وأيضا حزب الحرية والعدالة نائب رئيسه رفيق حبيب «بروتستانت».
د.حسام كمال عضو الهيئة العليا لحزب الشعب الذراع السياسية للجبهة السلفية قال: إن الجبهة السلفية وحزب الشعب مقاطعون وسائل الإعلام الانقلابية وطبعًا «روزاليوسف» على رأسها رافضًا الحديث معنا.. وهذا يدل على أنهم يقومون بإقصاء أنفسهم بأنفسهم، ولا تقوم الدولة أو الإعلام بإقصائهم كما يروجون.
وأوضح د. «محمد عثمان» عضو المكتب السياسى لحزب مصر القوية أن حزبه لا يصنف كحزب إسلامى، ولكنه حزب مدنى يحمل هوية مصر الإسلامية طبقا للمادة الثانية من الدستور، ويميل الحزب إلى منطقة يسار الوسط، بمعنى أنه حزب ديمقراطى اجتماعى، كما أن مواقف الحزب السياسية خلال الفترة الماضية لم تستدع الخطاب الدينى فى أى لحظة، ولم تقم بأى ممارسات دينية واستغلالها فى العملية الانتخابية.. مضيفا: إن الحزب ليس لديه أى أزمة قانونية مع حظر الأحزاب على أساس دينى.
و«جمال سمك» - الأمين العام المساعد لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية - قال إن الأحزاب كلها - بالأخص حزب البناء والتنمية - لن يصادف أى مشكلة فى نص الدستور الجديد على حظر قيام الأحزاب على أساس دينى، لأنه لا توجد فى مصر أحزاب دينية، فالأحزاب الدينية تعنى ألا ينتمى إليها إلا عنصرية معينة أو طائفية معينة، وهذا غير موجود فى برنامج أى حزب من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، سواء فى حزب البناء والتنمية أو حزب الحرية والعدالة أو حزب النور أو غيرها من الأحزاب، كما أن حزب البناء والتنمية عندما تقدم بأوراق نشأته إلى لجنة شئون الأحزاب تم رفضه بحجة أنه حزب دينى، وعندما تم تحويله للقضاء حكمت المحكمة الإدارية العليا بأن هذا الحزب برنامجه لا يحتوى على تمييز دينى أو عنصرية دينية، فالحزب من ضمن المؤسسين له خمسة من النصارى بالإضافة إلى «45» عضوًا من النصارى من العاملين، وأيضا بالحزب عدد كبير من السيدات، لدرجة أنه فى الصعيد فى أسيوط فازت امرأة بأمانة المركز متقدمة على كل الرجال المنافسين أمامها، ومن المؤسسين للحزب عدد «300» امرأة، وحتى فى الانتخابات السابقة كانت المرأة تمثل فى التيارات الإسلامية أكثر من تمثيل المرأة فى التيارات المدنية.
وعلى الجانب الآخر استنكر عبدالله المغازى القيادى بجبهة الإنقاذ كلام قيادات أحزاب الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية والوسط ومصر القوية أنهم ليسوا أحزابًا دينية، لان أفعالهم وممارساتهم وتصريحاتهم تكشف أن تلك الأحزاب دينية بامتياز، ولكن المشكلة أنهم وفقا للوائح والقوانين ليسوا أحزابا دينية، لذلك يجب التعامل معهم على أساس أفعالهم وممارساتهم ليمكن حل هذه الأحزاب.. مقترحا أن يضاف فى الدستور « إذا ثبت من اللوائح أو الأفعال أو الممارسات أو التصريحات أنها ذات مرجعية دينية يتم حل الحزب » لسد الثغرة القانونية التى تنفذ منها الأحزاب الدينية.
ومن جانبه أكد أحمد دراج وكيل مؤسس حزب الدستور وعضو الجمعية الوطنية للتغيير أنه يتخوف من بعض الأحزاب التى تنتمى للتيار الإسلامى وتكيف مرجعيتها الدينية بحيث تبدو أنها ليست دينية وتعلن أنها مدنية، مثل حزب الوسط الذى يعتبر أحد أذرع الإخوان وممكن ينزل الانتخابات كغطاء لجماعة الإخوان بدل حزب الحرية والعدالة، ويرشحه التابعون للجماعة .
وأشار دراج إلى أنه يجب حل الأحزاب الدينية لتكون هناك عملية سياسية سليمة فى مصر، خصوصا أن الانتخابات تقترب، وربما تكون بالنظام بالفردى، والفردى مضر جدا، وهذه الأحزاب ستستغل المال السياسى والدعاية الدينية ويمكن أن يستغلوا البسطاء.
كما أكد حسام الخولى سكرتير عام مساعد حزب الوفد أنه طبيعى أن تنفى الأحزاب الدينية أنها دينية، ولكن أفعالها تكشف أنهم دينية، ولكن القانون لا يطبق، فرغم أن القانون ينص على عدم استخدام الأحزاب لدور العبادة، وكانوا يستخدمون دور العبادة فى الدعاية، وكان لا يتم شطب هؤلاء المرشحين أو تجميد الحزب، فالعبرة ليست فى القوانين، إنما العبرة فى تطبيق القوانين، والتقصير فى تطبيق القانون كان سببه المصالح والاتفاقيات من الحزب الحاكم السابق.. متخوفا من عدم حل هذه الأحزاب وتخفيها ودخولها الانتخابات بالفردى، وإذا دخلوا الانتخابات فردى سوف يكسبون ويدخلون إعادة، وسيعلنون أمام العالم كله أنهم فى الجولة الأولى عندهم ما لا يقل عن 70٪ دخلوا الإعادة، فإذا ما سقطوا فى الانتخابات يبقى الانتخابات تظهر أنه تم تزويرها.
فى حين أشار محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة إلى أن الدستور يجب أن يحرص على حظر إنشاء الأحزاب الدينية أو ممارسة الحزب لنشاطه على أساس دينى يتم حله، وينص صراحة على ذلك ليكون شرط وجوده واستمراره.. مضيفا إن ما ورد فى قرار رئيس الجمهورية فى تشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور بضرورة تمثيل اللجنة للتيارات الإسلامية خطأ، لأن ذلك فى حد ذاته لم يكن يلائم، لأن معناه الاعتراف بأن هناك تيارات إسلامية، وحتى إن كانت موجودة يجب ألا أتعامل معها على هذا الأساس، لأن هذا اعتراف بوجودها الدينى،