الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قيادة نسائية للمترو فى مختلف دول العالم: سيدة القطار قريبًا فى «مصر»

كشفت شركة RATP الفرنسية العالمية لإدارة وتشغيل وصيانة الخط الثالث للمترو «العتبة - عدلى منصور»، مؤخرًا عن مفاجأة كبرى بشأن وجود وظائف شاغرة للفتيات للعمل سائقات قطارات المترو، مؤكدة أنّها ستوفر وظائف أخرى للسيدات داخل الخط الثالث للمترو، ومنها نظراء محطات.



وذكرت الشركة الفرنسية العالمية أنه سيكون هناك شروط يجب توافرها فى الفتيات قبل التقدم لشغل وظيفة سائقة قطار، وأن الوظائف ستبدأ أولاً بتدريب الفتيات الراغبات فى الوظيفة لمدة لا تقل عن 6 أشهُر، وعقب اجتياز الفتيات فترة التدريب بامتياز سيتم تعيينهن فورًا.

 

ربما ينتاب البعض شعور بالقلق عندما يعلم أن من تقود عربة المترو التى يقلها «سائقة»، ولكن فى الواقع أثبتت تجارب بلدان عديدة أن النساء أكثر التزامًا وحرصًا وكفاءة وعلى مستوى عالٍ فى التركيز من الرجال.

وقد ساهمت التكنولوچيا بشكل كبير فى تسهيل مهن كان يصعب على النساء التفكير فيها، من ضمن هذه المهن «سائقة مترو»؛ نظرًا لما يحتاجه القطار من قوة بدنية وعضلية.

وعلى المستوى العالمى، بدأت دول كثيرة فتح باب هذا المجال أمام النساء مثل موسكو والهند والصين وفرنسا وغيرها، سنتعرف على تجاربها فى السطور التالية.

 للمرّة الأولى فى موسكو

تُعَد موافقة إدارة مترو الأنفاق فى العاصمة الروسية موسكو على توظيف إناث لقيادة قطارات المترو انتصارًا جديدًا للمرأة على القيود والممنوعات التى واجهتها لسنوات، فقد حصلت المرأة الروسية على فرصة جديدة للعمل فى قطاع حرمت من مزاولته لسنوات، بعدما كانت المرأة مستثناة من قيادته بحسب قوانين روسية؛ حيث أعلنت إدارة مترو موسكو، أنها وظفت سائقات للمرّة الأولى فى تاريخها الحديث.

جاء القرار بعد إجراء تعديلات على القوانين الروسية التى كانت تحرم النساء من ممارسة بعض المهن، ومن بينها قيادة مترو الأنفاق.

وأوضحت هيئة النقل العام الروسية، التى تتولى تشغيل شبكة خطوط مترو الأنفاق الواسعة فى العاصمة، أن أولى سائقات القطارات الكهربائية فى التاريخ الحديث بدأن العمل فى مترو موسكو.

يُشار إلى أن قيادة مترو موسكو كانت مقصورة، منذ الحقبة السوفيتية، على الرجال؛ لأن هذا العمل كان من ضمن قائمة المهن التى تعتبرها السُّلطات ضارة بصحة المرأة.

وأثار حظر مزاولة النساء عددًا من المهن انتقادات، الأمْرُ الذى أدى إلى إجراء تعديلات على بعض القوانين والتشريعات، وبالتالى أصدرت وزارة العمل الروسية فى سبتمبر الماضى مرسومًا خفضت فيه عدد المهن المخصصة حصرًا للرجال من 456 إلى نحو مائة مهنة.

ووجهت انتقادات إلى اعتبار قيادة المترو خطيرة على النساء؛ لأنها تتطلب ساعات عمل طويلة تحت الأرض، وهو الأمر الذى دحضه المنتقدون الذين أشاروا إلى أن مترو الأنفاق يوظف نساء أيضًا للتنظيف وفى أكشاك الدفع ومراقبة السلالم المتحركة.

وأوضحت هيئة النقل العام فى موسكو، أن قيادة المترو لم تعد مرتبطة بمجهود بدنى شاق بفضل التطور التكنولوچى للقطارات.

وكانت القائمة السابقة، التى تم إقرارها عام 2000، استبعدت النساء من قطاعَىْ المناجم وصناعة المعادن، ومنعتهن من العمل فى مجموعة وظائف أخرى، فلم يكن بإمكانهن، على سبيل المثال، العمل فى قيادة الحافلات أو فى مجال ميكانيكا السيارات، لكن أصبح عددٌ من المهن، التى كانت مدرجة فى قائمة عام 2000، متاحًا للنساء اليوم، بموجب مرسوم وزارة العمل.

 وظيفة الأحلام فى سويسرا

وفى سويسرا، يعد الجلوس فى مقعد السائق فى أحد القطارات السويسرية وظيفة الأحلام بالنسبة للسيدات. ليس لدى النساء مجال لمغادرة مقعدهن أمام أجهزة التحكم فى قمرة القيادة بِمُجرد أن يبدأ القطار بالحركة.

تقول إحدى السائقات فى سويسرا: «الوضع هنا مُختلف عن الطائرة؛ حيث ينقل الطيار المهام لمُساعِده، أو يقوم بتشغيل الطيار الآلى».

وتضيف: «إنّه شعور لا يوصف... أن تكون قادرًا على قيادة القطار، وأن تكون لديك السيطرة على سرعته وقوته، وأن تشاهد الناس وهم يهمون بركوبه بالمئات فى ساعة الذروة»! مع تزايد سرعة القطار، تجذب أنظارى معالم مدهشة: خطوط سكك حديدية تتجه صوب اليسار واليمين، وإشارات لتنظيم المرور، وغيرها من العلامات التى لم أنتبه إليها من قبل أبدًا، حتى قطرات المطر القليلة التى بدأت بالانزلاق على الزجاج الأمامى لقمرة القيادة.

وعن كيفية تشغيل القطار تقول السائقة السويسرية: «يمكنك التحكم بهذا القطار العملاق من خلال عدد قليل من حركات اليد الخفيفة. إنه أمر مدهش، وعمل مُرضٍ للغاية».

 الصين.. فتيات يقدن «فائق السرعة»

ومع انطلاق حركة التنقل السنوية خلال عيد الربيع الصينى، جذبت بعض الفتيات اللاتى يرتدين بذلات زرقاء أنظار المسافرين. إن هؤلاء الفتيات يعتبرن الدفعة الأولى من سائقات قطارات فائقة السرعة فى الصين.

تلقت الفتيات التدريبات المكثفة بعد توظيفهن فى مشروع لتشكيل أول فريق من سائقى قطارات الرصاصة من الإناث الذى أطلقته الصين فى مايو عام 2019، واللاتى معظمهن من جيل ما وُلد بعد التسعينيات للقرن الماضى، واشتركن فى العمل كمساعدة السائق على متن قطارات الرصاصة فائقة السرعة، التى يمكن أن تبلغ السرعة 300 كيلو متر فى الساعة على الأكثر.

وستشكل هؤلاء الفتيات الدفعة الأولى من سائقات قطارات الرصاصة فى الصين إلى صفوف فريق السائقين الحالى المكون من 4000 سائق رجل، بعد تلقيهن التدريب المتخصص على مدار 3 سنوات.

وقالت إحدى المتدربات، فتاة تبلغ من العمر 24 عامًا، إنها كانت ترغب فى أن تصبح سائقة قطار لسنوات طولية، ما إن سمعت خبر التوظيف تقدمت «چين» بطلب لهذا المنصب، فاغتنمت هذه الفرصة لتغيير مصيرها.

يتعين على سائقات القطار التغلب على التحديات التى قد تتطلب تدخلات جسدية مثل تغيير السرعة وإشراك القابض مثل السائقين الرجال، إضافة إلى إتقان المعلومات المتعلقة بقاطرة والمصطلحات الفنية الخاصة.

كما عليهن أن يتحملن مسئولية بعض المهام المتعلقة بتشغيل القطار، مثل أعمال الإصلاحات والصيانة والتفتيش.قالت چين: «أثناء تغيير السرعة، يجب أن يكون السائق مُركزًا تمامًا على القيادة والاستجابة لمختلف علامات الطرُق، التأكد من الإشارة، النداء وسرعة الاستجابة، تغيير السرعة عند المَعابر، كل هذا يتطلب من السائق الحفاظ على مستوى عالٍ من التركيز».

رُغم أن القطارات المتطورة تتطلب منها قليلاً من القدرات البدنية؛ فإن القدرات الشاملة التى تستدعيها أخافت المتدربات الخمس الأخريات اللاتى تدربن مع چين.أثناء الرحلة التى تنطلق من نانتشانغ إلى شيامن، كانت چين تجلس فى كابينة السائق مع مدربها، وهذه الرحلة مكنتها من وصول مسافتها التجريبية إلى 200 ألف كيلو متر التى تعتبر المسافة الضرورية لتصبح سائقة قطار مؤهلة.

وفى الماضى، كان الرجال يهيمنون على منصب سائقى القطارات عندما كانت هذه الوظيفة تحتاج إلى مجهود بدنى. غير أنه فى الوقت الحديث وبدعم من التكنولوچيا، تتطلب الوظيفة قوة أقل وخبرة أكثر.

فى فيديو أصدرته دائرة السكك الحديدية لنانتشانغ على منصة التواصل الصينية ويبو، وعند إجابة الفتيات على سؤال «لماذا اخترن أن يصبحن سائقات قطار فائق السرعة؟» أجابت متدربة «لِمَ لا؟» «كنت أنا وزوجى زميلين أثناء فترة الجامعة. لقد تعلمنا عن معلومات عربات القطار والقاطرات. لقد عملنا فى نفس القطار لسنوات، هو سائق وأنا مضيفة. ما أحتاج إليه الآن هو فرصة لأكون زميلته فى مجال قيادة القطار».

بالنسبة إلى النساء الصغيرات سنًا مواليد بعد عام 1995 من القرن الماضى؛ فإن الحب والتعلم المستمر والإعجاب بوظيفة صعبة هى قوة تدفعهن لاختيار هذه المهنة.

وتمتلك الصين أكبر شبكة سكك حديدية فائقة السرعة فى العالم؛ حيث يتجاوز عدد الكيلو مترات التشغيلية 35 ألف كم بحلول نهاية عام 2019، فلا يوجد سبب يمنع النساء من المشاركة فى ذلك.

وقال لوى شيانغ يانغ، وهو سائق قطارات مخضرم يبلغ من العمر 48 عامًا إن «النساء أكثر دقة وصبرًا، مما يمنحهن ميزة خاصة كسائقات لقطارات الرصاصة».

وقد قام لوى بتدريب أكثر من 600 سائق فى حياته المهنية، لكنها المرة الأولى التى يكون لديه فيها متدربات. وقال لوى إنه لا بُدّ أن يكون صارمًا مع طالباته لأنهن لم يُمنحن سوى 3 سنوات فقط لاجتياز جميع الاختبارات فى ظل مسارعة الصين لتوسيع شبكة السكك الحديدية عالية السرعة؛ حيث تواجه البلاد حاجة شديدة لمزيد من السائقين.

المغرب.. قصة أول سائقة قطار فى الوطن العربى

وفى المغرب تُعَد «سعيدة عباد» أول سائقة قطار فى المغرب والوطن العربى، وهى من مواليد عام 1965، قضت سنوات الدراسة الإعدادية والثانوية بإحدى المدارس الداخلية بمدينة إفران، لم تنجح «سعيدة» فى اختراق العالم الخارجى، فقررت الانقطاع عن الدراسة بعد أن أرهقتها الحافلة المتوجهة للجامعة، فى تلك اللحظة تخلت عن حياتها المستقلة لتتزوج فى سن مبكرة لم تتجاوز 22 عامًا.

قررت «سعيدة» فى عام 1999، أن تتسلم مقود القطار بعد والدها وتواصل مشوار رحلته، لتصبح بذلك أول سائقة قطار فى المغرب والوطن العربى.

وتقول «دخلتُ عالم السكك الحديدية من بابه الواسع؛ حيث كنت موظفة بقطاع السكك الحديدية فى القسم التقنى»، ما جعلها تتابع سياقة القطارات عن كثب، رُغم عدم تفكيرها فى الأمر من قبل، فلم تكن تتصور أن تبحث إدارة السكك الحديدية عن طاقات نسوية لسياقة القطارات.. اجتازت كل الاختبارات والإجراءات التى اتخذتها معها الإدارة، ثم أجرت تأهيلاً لمدة عام معظمه فى الجانب التطبيقى التخصصى على يد مؤطرين مغاربة أكْفاء.

اشتغلت سائقة للقطار بتعيين مَلكى منذ سنة 1999، وكان اختيارها المكتب المغربى للسكك الحديد؛ حيث عمل والدها، وهذا ما أتاح لها فرصة جادة للعمل بالنظر إلى الأسبقية التى حظيت بها والسمعة الطيبة التى خلفها والدُها لدى العاملين فى الإدارة.

لقبت «سعيدة عباد» بالمرأة الحديدية التى صنعت الاستثناء فى تاريخ المرأة المغربية والعربية، فهى أول امرأة مغربية، مغاربية وعربية، تسوق قطارًا.. وواجهت الكثير من التهكم من الناس؛ خصوصًا بعض السائقين زملائها، أمّا فى حالة وقوع عطل تقنى وتوقف القطار فيصل الأمر إلى السب من طرف الركاب؛ فقط لأنها «امرأة، وفى البداية لم يأخذ سائقو القطارات الأمر بجدية واستبعدوا إمكانية تحمُّل المرأة مسئولية سياقة القطار باعتبار أن هذه المهنة لم يزاولها سوى الرجال فى العالم؛ لكونها متعبة، وتتطلب قدرات خاصة، إلا أنهم بعد ذلك أخذوا يتراجعون عن أفكارهم وعن مواقفهم المتعصبة أثناء فترة التأهيل لما لمسوه من استعداد وجدّيّة وتأهب من «سعيدة».

وأكدت «سعيدة» فى لقاء صحفى لها، أنها منذ اللحظة الأولى وهى تشعر بأهمية وخطورة الأمر؛ لأن الأرواح الآدمية أصعب ما يؤتمن عليه المرء فهى أكثر أهمية من المال.

ومرت بمواقف ومحطات صعبة فى هذه المهنة كان أبرزها، تلك الحادثة المشئومة، كما تصفها، والتى أدت إلى وفاة طفلة فى ربيعها الثالث عشر، وبتلك الصورة البشعة التى تطايرت معها شظايا آدمية فى السماء، حينها دخلت «سيدة القطار الأولى» فى حالة نفسية صعبة لم تخرج منها إلا بعد شهرين من المتابعة الطبية.

واستطاعت «سعيدة عباد»، بعد مرور عشر سنوات على قيادتها القطار لأول مرّة، أن تصمد فى هذه المهنة التى كانت حكرًا على الرجال، وهى الأمّ لطفلين، وبرهنت طوال هذه السنوات، ومن خلال مسارها المهنى المتميز فى هذه المهنة التى تتطلب الكثير من الصبر والجَلَد والتحلى بروح المسئولية؛ على قدرة المرأة على مواجهة جميع التحديات، ومزاولة أصعب المهن وأكثرها خطورة؛ فقد فتحت الباب أمام المرأة العربية عامة والمغربية تحديدًا من أجل ولوج عالم السكك الحديدية؛ حيث لم تصبح اليوم وحيدة فى هذا الميدان، بعد أن انخرطت سبع سيدات أخريات فى ميدان قيادة القطارات.

 مواجهات فى فرنسا

يعمل عدد ليس بالقليل فى فرنسا من النساء سائقات مترو انطلاقًا من مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة، انتشر مقطع فيديو تظهر فيه سائقة مترو، وهى تتعرض لمضايقات من جانب المضربين، بينما كانت فى طريقها إلى عملها فى الصباح، مما أثار موجة من الغضب فى البلاد.

وقالت شركة النقل الباريسية «آر.إيه.تى.بى» فى تغريدة: «تعرّضت سائقة مترو للترويع من جانب المضربين بينما كانت تستعد للبدء فى عملها.. هذا موقف غير مقبول، وسوف يتم إجراء تحقيق فى الواقعة».