الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فصل جديد من التاريخ بتوقيع السيسى الاستراتيجية الوطنية.. فلسفة حقوق الإنسان  فى الجمهورية الجديدة

فصل جديد من التاريخ بتوقيع السيسى الاستراتيجية الوطنية.. فلسفة حقوق الإنسان فى الجمهورية الجديدة

يواصل الرئيس عبدالفتاح السيسى كتابة التاريخ بإطلاق أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان فى تاريخ مصر، ليرسم خطًا أحمر بقوة دولة القانون لحماية المواطن المصرى من أى انتهاك أو اعتداء على حقوقه المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، ويستكمل مساره الإصلاحى بتحديد شكل وفلسفة العلاقة التكاملية بين أجهزة الدولة ومؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان فى الجمهورية الجديدة، وكانت الإشارة إليها واضحة باختيار العاصمة الإدارية مكانًا للإطلاق.



 

لا تخطئ العين المنصفة انحياز الرئيس السيسى للإنسان المصرى منذ اليوم الأول لتوليه مسئولية قيادة الدولة المصرية فى مسارها نحو قرن جديد، وبنفس طريقة تعامله الجادة مع الأزمات السياسية والاقتصادية واختياره الطريق الصعب باجتثاثها من جذورها، والتوقف عن التعامل   مع الأزمات الحقوقية بالمسكنات، وقرر وضع حد فاصل لانتهاكات حقوق الإنسان وأن تتعامل كل أجهزة الدولة مع المواطن باحترام، وأن تصبح الكرامة الإنسانية منهج عمل ومسارًا مستدامًا للدولة المصرية.

والحقيقة أن الدولة المصرية لم تكن فى خصومة مع حركة حقوق الإنسان طوال السنوات الماضية، لكنها كانت رافضة للمساس بسيادتها الوطنية ومنهج التشويه الذى اتبعه عدد من المنظمات الدولية المسيسة والمخترقة بعناصر إخوانية تستهدف الدولة المصرية وتسعى لمحاصرتها وإضعافها خلال مواجهتها للجماعات الإرهابية، كما تصدت لاستقواء بعض المنظمات بالخارج واستهجنت محاولات التدخل فى شئونها الداخلية عبر غطاء انتهاكات حقوق الإنسان.

لم تتهرب الدولة المصرية من حقيقة وجود انتهاكات لحقوق الإنسان وتعاملت معها بشكل مباشر وأسست لجنة عليا دائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية للتعامل مع الملف، وانتصرت لمنهج الحوار الداخلى والرؤية الوطنية لوضع خارطة طريق من أجل تحقيق تقدم على المسار الحقوقى يتوازى مع التقدم فى منهج التنمية الشاملة الطموح الموجود فى استراتيجية مصر 2030. 

إرث الإرهاب

والحقيقة أن حالة حقوق الإنسان فى مصر لم تنفصل عما تعرضت له الدولة من ‏مخاطر وتحديات خلال السنوات العشر الماضية، وما طرأ عليها من ‏تحولات كبيرة طالت بناء الدولة المصرية ذاتها، عقب سلسلة من ‏الأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية التى واكبت حكم جماعة ‏الإخوان الإرهابية.

وتقاس حالة حقوق الإنسان وفق عدد من المؤشرات التى تبدأ بتقبل ‏المجتمع للمواطنة وسيادة روح المساواة بين المواطنين أمام القانون ‏وعدم مخالفة التشريعات الصادرة لمصفوفة قيم ومبادئ حقوق ‏الإنسان الواردة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهدين ‏الدوليين، ومدى تعاون الدولة مع مؤسسات المجتمع المدنى وحقوق ‏الإنسان لنشر ثقافة حقوق الإنسان بين المواطنين، وأُضيف إليها ‏قبول ملاحظات الدول الأعضاء فى مجلس حقوق الإنسان التابع ‏للأمم المتحدة خلال آلية الاستعراض الدورى الشامل لحالة حقوق ‏الإنسان فى الدولة المعنية‎.

هدد وجود جماعة دينية متطرفة فى سدة الحكم فى الصميم ‏المكاسب الحقوقية التى حققتها المرأة المصرية، فقد تبنت الجماعة ‏رؤية متشددة تجاه حقوق المرأة، وخاصة التى تضمنتها تعديلات ‏قانون الأحوال الشخصية، وكانت مشاركة المرأة سياسيًا وبرلمانيًا ‏هى الأدنى فى كل البرلمانات المتعاقبة عقب ثورة 23 يوليو. ‏وتعرضت النساء للعنف علنًا على يد المنتمين للجماعة خلال ‏المظاهرات الرافضة أو المنتقدة لقراراتها‎.‎

وتعرض الأقباط لأزمات عديدة بسبب إيمان الجماعة ‏بإقصاء الأقباط تمامًا من المشاركة السياسية، والتعنت ضد بناء ‏الكنائس، وزراعتها لأفكار إقصاء الآخر الدينى لدى أتباعها، وهو ما ‏نتج عنه مظاهر الانتقام من الكنائس بهدمها وحرقها عقب نجاح ثورة ‏‏30 يونيو التى أقصت الجماعة الإرهابية من حكم مصر‎.‎

وتعرض استقلال القضاء للخطر والحصار من جانب أتباع الجماعة فى محاولة ‏لإرهاب رجال القضاء والقانون عن ملاحقة الجماعة، ونفس الرسالة ‏حاولت الجماعة وأنصارها توجيهها للإعلام والصحافة بمحاصرة ‏مدينة الإنتاج الإعلامى فى تهديد صريح ومباشر لحرية الرأى ‏والتعبير‎.‎

وتعرض الحق فى الحياة لتهديد خطير بعدما ظهرت روابط وصلات ‏عديدة بين الجماعة وبين الجماعات الإرهابية المنتشرة فى سيناء، ‏وأن الجماعة دعمت وجود تلك الجماعات حتى تهدد بها الدولة فى ‏حال تعرض حكمهم للخطر، وهو ما تحقق بالفعل فور إسقاط ‏حكمهم‎.‎

هذه الاعتداءات المتتالية على حالة حقوق الإنسان والتراجع المنهجى ‏عما حققته من مكتسبات تحولت إلى عبء وتحدٍ واجهته دولة 30 ‏يونيو بهدوء وحسم رغم حجم التشويه الذى تعرضت له بسبب ‏التقارير الحقوقية المسيسة التى حاولت كثيرًا تغيير الحقائق، ودعم ‏الإخوان عبر تقاريرها بشكل غير مباشر‎.‎

فلسفة جديدة

القراءة المتأنية للاستراتيجية الوطنية تؤكد أننا أمام شكل لبنية تحتية تشريعية جديدة تعزز حقوق الإنسان المصرى بشكل يتماشى مع تعهدات مصر الدولية وثوابتها الاجتماعية وتمسكها بملامح هويتها المتفردة ومكوناتها الثقافية والدينية، ثم جاء إعلان الرئيس عن ‏تخصيص عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى ليؤكد على استمرارية انفتاح الدولة ‏المصرية على التعاون والشراكة مع منظمات المجتمع المدنى، وعزم الدولة على استدامة حالة التشاور والحوار بينها وبين منظمات ‏حقوق الإنسان الوطنية والدولية أثبت نجاحه بصدور تلك ‏الاستراتيجية، وهو ما يمكن البناء عليه لتحقيق آمال وطموحات الشعب ‏المصرى‎.‎

وحتى نفهم فلسفة الدولة الجديدة فى التعامل مع حقوق الإنسان يجب أن نقرأ التعهدات التى انطلقت منها الرؤية المصرية لحقوق الإنسان ‏ومبادئها الأساسية وأبرزها‎:‎

‏-‏ اهتمام الدولة المصرية بالارتباط الوثيق بين الديمقراطية وحقوق ‏الإنسان، وإعلان حرصها على تحقيق التوازن بين الحقوق ‏والواجبات فى التشريعات الوطنية، وضرورة مكافحة الفساد ‏لضمان التمتع بالحقوق والحريات‎.‎

‏-‏ إعلان التزامها بصون الحقوق والحريات وتعزيز احترامها من خلال التشريعات والسياسات العامة واحترام الدستور المصرى ‏الذى رسخت مواده مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة فى الحقوق ‏والواجبات دون أى تمييز وجعل تكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع‎.‎

‏-‏‏ الحرص على استقلال السلطة القضائية باعتبارها وسيلة الإنصاف ‏الأساسية التى تضمن الإنفاذ الفعلى لجميع الحقوق وتعزيز واحترام ‏حقوق الإنسان.‏

‏-‏ إعلان الدولة المصرية عن التزامها باحترام وحماية الحق فى ‏السلامة الجسدية والحرية الشخصية والممارسة السياسية وحرية ‏التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية، والحق فى التقاضى.

‏-‏ تبنى الدولة لحرية الفكر والإبداع والتعبير والعمل على تعزيز قيم ‏المواطنة والتسامح والحوار ومكافحة التحريض على العنف ‏والتمييز‎.‎

‏-‏ إعلان الدولة  عن شراكتها مع المجتمع المدنى فى عملية تعزيز ‏وحماية حقوق الإنسان بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية ‏والاجتماعية، ونشر الوعى بحقوق الإنسان فى المجتمع، وتشجيع ‏ثقافة العمل التطوعى والإسهام فى جهود مكافحة التطرف.

‏-‏ اهتمام الدولة بشكل خاص بتدابير الحماية الاجتماعية لدى تنفيذ ‏برنامج الإصلاح الاقتصادى بهدف تخفيف أثره على محدودى الدخل ‏والفئات الأكثر احتياجًا، وذلك من خلال تبنى العديد من السياسات ‏والبرامج والمبادرات أبرزها مبادرة «تكافل وكرامة»، ومبادرة ‏‏«حياة كريمة» لتنمية وتطوير قرى الريف المصرى الذى يسكنه ‏أكثر من نصف تعداد مصر.

من المهم فى ذلك السياق الوقوف أمام حديث الرئيس السيسى عن الفرق بين ما هو نظرى وما هو عملى، وهو المدخل لنقد أو رفض أى تحرك يمكن أن تقدم عليه الدولة فى ذلك المجال، لكن الواقع يعكس وجود إرادة سياسية عازمة على تحقيق تلك الاستراتيجية وتنفيذها بنفس معدل إنجاز المشروعات الكبرى، والشاهد على ذلك اهتمام الرئيس بتمكين المرأة والشباب ووضع ذلك أولوية ضمن أولويات إدارته للدولة وتقدمت مصر على مؤشرات تمكين المرأة والشباب، حيث حصلت المرأة على 128 مقعدًا من مقاعد ‏مجلس ‏النواب فى انتخابات عام 2021 بنسبة تجاوزت 28 ٪، بل أضحت ‏المرأة ‏المصرية قاضية ووزيرة بمجموع ثمانى وزيرات فى الحكومة ‏الحالية ‏بنسبة تقترب من «25 ٪»، فضلًا عن مساواة المرأة بالرجل فى ‏الأجر دون ‏تمييز على أساس النوع‎.‎

المبادرات الرئاسية

وعلى مسار الحقوق المدنية والسياسية انتهج الرئيس السيسى مسارًا غير تقليدى لإحداث انفراجات متتالية فى الحالة، حيث توسع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى استخدام حقه المقرر بمقتضى ‏المادة 155 من ‏الدستور فى العفو عن بعض العقوبات السالبة للحرية ‏فى المناسبات ‏والأعياد القومية، فى استجابة لمطالبات من المجلس ‏القومى لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية، فأطلق سراح 56 ألف ‏سجين بموجب عفو رئاسى ‏منذ 2015، وهو ما يعكس فلسفة جديدة ‏من الدولة فى التعامل مع المسجونين، والتزامًا بسياسة عقابية جديدة ‏تعتمد على فكرة الفرصة الثانية فى الحياة وفتح طريق العودة ‏للمجتمع لمن لم يتورط فى جرائم تمس أمن وسلامة البلاد.

وأطلق رئيس الجمهورية مبادرة «سجون بلا غارمين» بالتعاون مع ‏المجتمع المدنى لسداد المبالغ المستحقة على المساجين فى الجرائم ‏البسيطة للعجز عن سداد مستحقات مالية، والإفراج عنهم.

‏100 مليون صحة

اهتمت الدولة المصرية بالحق فى الصحة ومد مظلة الحماية الصحية ‏لمجمل سكان مصر، وهى التجربة الرائدة فى الشرق الأوسط والعالم ‏وربما أكبر حملة للكشف على الصحة العامة يشهدها العالم.‏

وخرجت إلى النور التجربة المصرية فى القضاء على فيروس سى ‏عبر توفير العلاج المحلى بتكلفة زهيدة تحملتها الدولة ونجحت فى ‏علاج الملايين من المصابين، وهى التجربة التى أسهمت فى إعلان ‏مصر خالية من فيروس سى عام 2018، وهو ما أشادت به منظمة ‏الصحة العالمية.‏

وشملت الحملة أيضًا توفير العلاج المجانى للأمراض ‏الثلاثة الأولى، وتوفير المشورة الصحية للمصابين بالسمنة، وإجراء ‏الجراحات العاجلة لغير القادرين وإنهاء قوائم الانتظار، وامتدت ‏مبادرة 100 مليون صحة لعلاج اللاجئين والأشقاء الأفارقة المقيمين ‏فى مصر.‏ كما بدأت الدولة فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل والتى ‏تضمنت تحديث المستشفيات والكشف عن الأمراض وتوفير ‏الخدمات الصحية لكل الأسرة ودخل حيز التجربة بعدد من ‏المحافظات.‏

شبكات الأمان الاجتماعى

طورت الدولة شــبكات الأمـان الاجتماعى، وحصل ‏برنامج تكافل وكرامة على إشادة البنك الدولى بنجاح المشروع فى تحقيق أهدافه ‏بتغطيته لجميع المحافظات؛ وقد شجع البرنامج الأسر على إبقاء أطفالها فى المدرسة وتقديم ‏الرعاية الصحية لهم، ووفر حماية غير مشروطة للمواطنين الفقراء ‏فوق سن 65 عامًا والمصابين بإعاقات شديدة والأرامل وربط ‏المستفيدين بخدمات الحماية الاجتماعية الأخرى من توظيف وتدريب ‏ومحو للأمية.‏

وعلى مستوى الحق فى التنمية المستدامة اهتم الرئيس بمكافحة ‏الفساد ووفر القرار السياسى لملاحقة الفاسدين أيًا كان مركزهم أو ‏موقعهم فى الجهاز الإدارى للدولة، ووضع استراتيجية شاملة لتطهير ‏الجهاز الحكومى من الفساد.‏

المواطنة ومكافحة التمييز  ‏

شهد عهد الرئيس السيسى انفراجة كبيرة فى ملف المواطنة، وكان الرئيس أول حاكم مصرى يذهب بنفسه ‏إلى قداس عيد الميلاد لتهنئة الأقباط بالعيد من داخل الكاتدرائية، ‏وثانى رئيس جمهورية يتبرع من ماله الخاص لبناء أول كاتدرائية ‏فى العاصمة الإدارية الجديدة بعد الرئيس جمال عبدالناصر الذى ‏تبرع لبناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وفى المقابل ضرب البابا ‏تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المثل ‏فى الانتماء للوطن وتقدير حجم المخاطر، التى تحيق به بقوله: (وطن ‏بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن) لافتًا إلى أن حال الوطن لا ‏يمكن أن يستقيم إلا بمشاركة كل أبنائه فى البناء، وأن عهد الرئيس ‏عبدالفتاح السيسى يشهد تمكينًا وتأسيسًا حقيقيًّا لدولة المواطنة.‏

انتهى الجدل حول مسألة بناء الكنائس بصدور قانون ينظم بناءها ‏بشكل صريح وواضح لأول مرة فى التاريخ، حيث صدر القانون رقم ‏‏80 لسنة 2016 والذى أسقط للأبد الخط الهمايونى، وأصبحت هناك ‏قواعد محددة لبناء الكنائس، وقد رحبت به الكنيسة المصرية ‏الأرثوذكسية وكل الطوائف المسيحية، كما أنشأت ‏الحكومة لجنة لتقنين أوضاع الكنائس فى مصر، كما أطلق الرئيس نداءً للمؤسسات الدينية لتجديد ‏الخطاب الدينى وزيادة التوعية فيما يخص مواجهة الأفكار ‏المتطرفة، وتم إصدار وثيقة القاهرة للمواطنة ‏وتجديد الخطاب الدينى، وشملت الوثيقة التأكيد على مشروعية الدولة ‏الوطنية وترسيخ مفهوم المواطنة المتكافئة، وبيان أن مصالح ‏الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان وتعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية، ‏تنظيرًا وتطبيقًا وتحويلها إلى واقع وثقافة مجتمعية راسخة، والتأكيد ‏على احترام الآخر المختلف عقائديًا، أو فكريًا، وعلى ترسيخ أسس ‏العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، والعمل على نشر السلام ‏العالمى.‏

منتدى شباب العالم

جاء قرار لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للمجلس الاقتصادى ‏والاجتماعى، الصادر عن الدورة الـ59 متضمنًا إشارة خاصة للنسخ ‏الثلاث من منتدى شباب العالم الذى انطلق فى شرم الشيخ عام ‏‏2017 بوصفه منصة دولية ليؤكد اعتماد الأمم المتحدة للتجربة ‏المصرية فى تمكين الشباب ونجاح المنتدى فى أن يقدم أصوات ‏الشباب للمنظمة الأممية وقادة العالم.‏

لقد عدّت الأمم المتحدة نجاح المنتدى ودورية انعقاده وما انتهت إليه ‏توصياته السابقة جزءًا من استراتيجيتها لتمكين الشباب كأحد أهداف ‏تحقيق أجندة التنمية المستدامة، خاصة أن أجندة المؤتمرات الثلاثة ‏تناولت القضايا المعاصرة الخاصة بالشباب ودورهم، وهو ما دفعها ‏إلى تبنيه ودعمه ووضعه على خريطة الأنشطة الشبابية العالمية. ‏وهى شهادة نجاح دولية، واعتراف أممى بالتجربة المصرية فى ‏تمكين الشباب وتحقيق مصر أحد أهداف استراتيجية التنمية ‏المستدامة 2030.‏

ويُعد منتدى شباب العالم أحد أهم مخرجات استراتيجية تمكين الشباب ‏التى اتضحت معالمها مع إعلان الرئيس السيسى عام ‏‏2016 عامًا للشباب المصرى، وسبقها عمل البرنامج الرئاسى ‏لتأهيل الشباب للقيادة ‏PLP، وإنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب ثم اختيار الرئيس لبعض خريجيها ليكونوا مساعدين ‏للوزراء والمحافظين، وظهر أن هناك إرادة سياسية قوية لدى ‏الرئيس وأجهزة الدولة وربما بشكل غير مسبوق فى تاريخ مصر ‏المعاصر لتمكين الشباب فى مختلف قطاعات الدولة.‏

ثم جاءت توصية الرئيس السيسى بتصنيف الحق فى مكافحة ‏الإرهاب ضمن حقوق الإنسان، وهى التوصية التى أخذت بها الأمم ‏المتحدة وصدر بها قرار أممى يدعم جهود مصر وباقى دول العالم ‏فى مكافحة الإرهاب، وهو ما أضفى بعدًا مهمًا، للمنتدى خاصة أنه ‏ساهم بفاعلية فى تطوير استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.‏

حياة كريمة 

ربما لم تشهد إفريقيا مشروعًا تنمويًا بضخامة وحجم المبادرة ‏الرئاسية حياة كريمة التى تتحدث التقديرات عن تكلفة ضخمة تتجاوز ‏‏900 مليار جنيه، حيث يستهدف المشروع قرى الريف المصرى عبر ‏مشروعات تنمية مستدامة تضع الإنسان محورًا مركزيًا لكل ‏تحركاتها، وتدور حوله كل جهود الدولة فى جميع المجالات، ‏ووضعت المبادرة الرئاسية على عاتق الشباب وأعادت لفضيلة ‏التطوع زخمها، من خلال شراكة واسعة بين أجهزة الدولة والمجتمع ‏المدنى والجمعيات التنموية والخيرية، لتنفيذ المبادرة الأضخم فى ‏تاريخ الشرق الأوسط، وتستهدف تحسين نمط حياة وإعادة صياغة ‏قرى الريف المصرى، وسد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى ‏وتوابعها وتصل بالتنمية إلى أقصى صعيد مصر.‏

التناغم الكبير بين أجهزة الدولة والمجتمع المدنى فى تنفيذ مشروع حياة كريمة، يعطى إشارات ‏قوية على نمط عمل الدولة المصرية، فهناك خطة واضحة ومحددة، ‏تسير وفق جدول زمنى يضمن الانتهاء من أهدافها فى توقيتات ‏زمنية قريبة مع المتابعة الدورية للتغلب على أى عقبات، فضلاً عن أنه يحفر معانى الانتماء ‏والولاء الوطنى، ويعيد صياغتها فى قلوب وعقول الأجيال الجديدة، ‏عبر توطين مفهوم التنمية المستدامة فى القرى المصرية، لتتحول ‏مع الوقت إلى قرى منتجة تساهم فى تنمية قطاعات الزراعة ‏والصناعة، وهو ما يعزز القدرات الاقتصادية للدولة، فضلاً عن سد ‏ثغرة التهميش التى تتسلل عبرها الجماعات الإرهابية، وهو ما ‏يعكس رغبة حقيقية من الدولة المصرية، لإنهاء مشاكل المواطن ‏المصرى بشكل جذرى وحاسم، وأن يستعيد الريف رونقه، وتتوقف ‏موجات الهجرة الداخلية، ويصبح الريف جاذباً لأبنائه مع توفر سبل الحياة ‏الكريمة من مسكن وعمل ملائم للشباب يسمح بارتفاع مستوى ‏المعيشة.‏

هذه التطورات جاءت انعكاسًا لاستجابة الدولة المصرية لمجمل ‏التوصيات التى وافقت عليها خلال مناقشة ملفها أمام آلية المراجعة ‏الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهو ما يشير ‏إلى احترام الدولة المصرية لتعهداتها الدولية واحترامها للآليات ‏الأممية ومنظومة حقوق الإنسان‎.‎

لقد تخلصت مصر بالفعل من كثير من المظاهر السلبية التى كانت ‏ترصدها المنظمات الحقوقية الدولية، فلم يعد هناك أى حالات اعتقال ‏أو احتجاز خارج إطار القانون أو تعذيب فى السجون أو اختفاء ‏قسرى، وظهر بشكل قوى التعامل القانونى المباشر مع ظهور تلك ‏الحالات فور الإبلاغ عنها، وفتحت النيابة العامة تحقيقات فورية ‏وقدمت المتورطين إلى المحاكمة‎.‎

هذه التطورات تعكس فلسفة جديدة لتعامل الدولة المصرية مع ‏منظومة حقوق الإنسان وتوافر الإرادة السياسية لتحسينها لصالح ‏المواطن المصرى وليس استجابة لضغوط خارجية مبنية على فهم ‏خاطئ لمسألة عالمية حقوق الإنسان أو أن حقوق الإنسان أداة سياسية ‏للضغط على الدول، وهو ما تواجهه مصر بشكل متكرر‎.‎

وتدحض هذه التطورات على أرض الواقع كل محاولات التشويه ‏المتعمد والمنهجى الذى تنتهجه كثير من المنظمات الدولية المسيسة ‏أو التابعة للتنظيم الدولة للإخوان المسلمين الإرهابية عبر نشر ‏تقارير مغلوطة ومعلومات غير دقيقة تحاول استخدام حقوق الإنسان ‏كسلاح لتشويه الدولة المصرية لدى دول العالم مستندة على ظواهر ‏سابقة اختفت من الواقع المصرى فى الجمهورية الجديدة.‏