السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اللى يشوف قانون التظاهر الأمريكى يهون عليه قانون التظاهر المصرى!

اللى يشوف قانون التظاهر الأمريكى يهون عليه قانون التظاهر المصرى!
اللى يشوف قانون التظاهر الأمريكى يهون عليه قانون التظاهر المصرى!


عندما سئل شرطى أمريكى: لماذا تضع حذاءك على رقبة المتظاهر بوسط الشارع فى أحداث وول ستريت؟ أجاب: عندما كان على الرصيف ولا يعيق الحركة كان يعتبر «متظاهرا»، عندما نزل إلى وسط الشارع أصبح «مجرما» يعيق حركة المارة ويجب أن أشل حركته بأى طريقة ممكنة! ..الغريب أن نفس دولة الشرطى الأمريكى الذى أجاب بذلك تنتقد اليوم مشروع قانون التظاهر المصرى الجديد، حيث هاجمت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية بشدة مشروع القانون الذى تنوى الحكومة المؤقتة فى مصر إقراره ولم تر فيه سوى أنه يعطى قوات الأمن الحق فى إنهاء المظاهرات بالقوة.
 
وأضافت الصحيفة فى تقرير لها أن مشروع القانون يقيد المصريين فى حقهم فى التعبير عن آرائهم، كما أنه يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، بالإضافة إلى أنه يمنع مظاهرات أنصار مرسى فقط، فى الوقت الذى يسمح فيه للمظاهرات التى تؤيد الحكومة الحالية بالنزول للشوارع.
 
وفقا للصحيفة يتضمن مشروع القانون الجديد قيودا تراها كثيرة على التظاهر، كما يفرض عقوبات على مخالفيه، وتنص أبرز مواده على حظر الاجتماع العام والمظاهرات فى أماكن العبادة، وحظر حمل أسلحة أو ارتداء أقنعة وأغطية تخفى ملامح الوجه، وحظر تعطيل مصالح المواطنين وحركة المرور. كما ينص على أنه يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص إلغاء الاجتماع العام أو المظاهرة أو إرجاءها أو نقلها إلى مكان آخر فى حال المخالفة. وأن يكون التظاهر من خلال إخطار كتابى لقسم أو مركز الشرطة الذى يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير المواكب أو المظاهرة السلمية، ويتم الإخطار قبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة السلمية بأربع وعشرين ساعة على الأقل، على أن يتضمن الإخطار معلومات عن خط سير المظاهرات وميعاد بدايتها ونهايتها وبيانا بموضوع التظاهر. ويشير مشروع القانون إلى أن فض المظاهرة يبدأ بتوجيه إنذار شفهى، ثم استخدام المياه المندفعة، ثم الغازات المسيلة للدموع، وأخيرا الهراوات. ويمنع على قوى الأمن استعمال قوة أكثر من ذلك إلا فيما سماه «حالات الدفاع الشرعى عن النفس».
ووفق مشروع القانون الجديد يحدد المحافظون أماكن تقع مسافة بين خمسين ومائة متر يحظر على المتظاهرين تجاوزها أمام المقار الرئاسية والتشريعية ومجلس الوزراء والوزارات والمحافظات ومقار الشرطة والسجون. وحدد المشروع عقوبة بالسجن والغرامة من مائة ألف جنيه إلى ثلاثمائة ألف لكل من عرض أو حصل على مبالغ نقدية لتنظيم المظاهرات أو الاعتصام دون إخطار، أو توسط فى ذلك. كما لا يجوز للمتظاهرين تجاوز مقار المجالس التشريعية أو مقار مجلس الوزراء والوزارات والمحافظات أو مقار المحاكم والنيابات والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية أو مقار أقسام ومراكز الشرطة ومديريات الأمن والسجون والأجهزة والجهات الأمنية والرقابية والأماكن الأثرية بأزيد من مائة متر من حرم تلك المقار.
 
لا شك أن التظاهر هو أحد حقوق الإنسان المعترف بها ودلالة على مناخ الحريات فى المجتمع.. لا يوجد أى آلية لحقوق الإنسان أو دستور يمنح الحق المطلق للتظاهر، إلا أن العديد من لوائح حقوق الإنسان والدساتير تنسب حق التظاهر إلى حرية التجمع أو حرية التنظيم وحرية الكلام والتى ينص عنها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والدساتير فى الكثير من الدول.
 
مشروع القانون المصرى لا يختلف كثيرا عن نفس القوانين فى الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا، فمثلا فى أمريكا التى تنتقد اليوم القانون المصرى للتظاهر يجب أن تكون أماكن المظاهرات فى الأماكن العامة، فلا يجوز أن يحتل المتظاهرون الأماكن الخاصة بحجة حرية التظاهر دون إذن كتابى من صاحبها. وكذلك يتعين إبلاغ الجهات ذات النفع العام التى تعمل فى الأماكن القريبة من المكان المزمع التظاهر فيه مثل مكاتب البريد والبنوك.
 
- يمنع منعا باتا التظاهر بالقرب من المدارس والمستشقيات والجامعات وأماكن الخدمة العامة للمواطنين كالوزارات والمطارات وأماكن تجمع وسائل النقل ومداخل محطات السكك الحديدية والمترو، ويمنع منعا باتا إغلاق الشوارع أثناء أو بعد أو قبل المظاهرات.
 
- يجب أن يحدد طالب التظاهرة الحد الأقصى المتوقع للتظاهرة حتى تتمكن السلطات الأمنية من تدبير العدد الكافى من الضباط للحماية والتأمين، ونقل العدد الكافى من الحواجز المتحركة لحماية المتظاهرين من الغير.
 
- يجب أن يتم إبلاغ الجهات الأمنية بمكان التظاهر حتى يتم تأمين المكان من الخارج، ولا يجوز للجهات الأمنية أن تتدخل فى توجيه المظاهرات سواء بالقول أو العمل، ولا يجوز أن يدخل أى من رجال الأمن داخل الحرم التظاهرى إلا بناء على استدعاء قانونى لأى سبب كان.
 
- يتم إخطار السلطات الصحية بمكان التظاهر كى تتعرف على طبيعة المكان الصحية وتقوم بهذا الإجراء السلطات الأمنية تليفونيا مع الجهة المختصة. قبل موعد المظاهرة بفترة 24 ساعة حتى يمكن تغيير المكان إذا لم توافق السلطات على ذلك، ويتم نشر خبر المظاهرة بوسائل الإعلام الخاصة بمنطقة التظاهر.
 
- يجب ألا يتم استعمال مكبرات الصوت العالية فى التظاهرات أو المهرجانات او الاحتفالات إلا بعد الحصول على تصريح خاص، ويسمح فقط باستعمال مكبرات الصوت المحمولة، وتمنع منعاً باتا أية مكبرات للصوت بعد الساعة السادسة مساء.
 
- يحق للمتظاهرين رفع أية لوحات وشعارات عدا الشعارات الممنوعة قانونا كشعار النازية مثلا، ويسمح للمتظاهرين باستعمال المناطيد الهوائية سعة من 2 إلى 10 أرطال فقط، ويجوز ربط المناطيد أثناء التظاهرة، ولا يسمح لأى متظاهر بالكتابة على السيارات أو جدران المنازل ويسمح بالملصقات الورقية فى أماكن محددة.
 
- يجب أن يتم الإخطار بموعد التظاهرة قبل موعدها بثلاثة أيام عن طريق الاتصال تليفونيا بأقرب جهة أمنية للمكان المزمع أو بالاتصال الشخصى المباشر، مع تحديد الموعد بالتحديد من حيث البداية والنهاية بالساعة، ولا يسمح باستمرار التظاهرة ليوم كامل.
 
- لا يسمح بالمبيت فى المكان المحدد للتظاهرة لأى سبب كان، وإذا كانت التظاهرة تحتاج إلى الاستمرار لأيام أخرى فإنه يجب أن يتم فض التظاهرة بعد السادسة مساء، والعودة فى اليوم التالى بعد العاشرة صباحا.
 
- تقوم الجهات الأمنية بحماية أماكن المظاهرات بسياج حديدية متنقلة، ويتم ترك فتحات فى هذا السياج للدخول والخروج الحر، ولا يسمح بالتظاهر خارج السياج المعد لذلك، ولا يسمح بدخول أية أسلحة أو مواد ضارة بالإنسان، ولا يحق للجهات الأمنية تفتيش الداخلين لمكان المظاهرة.
 
- يحق لوسائل الإعلام المختلفة الدخول بين المتظاهرين لمن يحمل رخصة مزاولة مهنة الإعلام فقط، ويسمح بالتصوير عن بعد، وكذلك يسمح بدخول كاميرات التصوير بين المتظاهرين، ولا يسمح باستخدام ألعاب نارية بين الحشود منعا لإيذاء أى من المتظاهرين.
 
- لا يسمح بإنشاء أماكن ثابتة فى أماكن التظاهر، ولكن فى حالة الاحتفالات والمهرجانات يسمح ببناء خيام متنقلة يتم فكها قبل نهاية الفترة المسموح بها، ويتعهد المنظمون للتظاهرة أو الاحتفال أو المهرجان بتنظيف المكان عقب الانتهاء من فعاليات التظاهرة أو الاحتفال أو المهرجان.
 
- يحق للجهات الأمنية فض التظاهرة أو المهرجان أو الاحتفال، إذا ما حدثت أعمال شغب تحول دون استمرار التظاهرة وذلك حفاظاً على الأرواح، ويحق للجهات الأمنية إلقاء القبض على مثيرى الشغب إذا ما استعمل العنف اليدوى.
 
- بالنسبة للتظاهرة السيارة (التى تسير فى الشوارع) فإنه يحق للمتظاهرين الانتقال من جهة إلى أخرى مستعملين الرصيف من الناحية اليمنى من الشارع فقط، ولا يسمح باستعمال مكبرات صوت عالية أثناء التنقل.
 
- لايسمح بالسير بالمركبات طوال فترة التظاهرة السيارة وإذا كانت هناك سيارات خاصة بالمتظاهرين فيمكن نقلها قبل أو بعد التظاهرة.
 
- يجب إبلاغ الجهات الأمنية والتى ستبلغ بدورها الجهات الصحية بخط سير التظاهرة من مكان تجمع إلى مكان آخر بحيث تكون مواعيد الانتقال بالشوارع محددة، ويتعين الالتزام بإشارات المرور عند الانتقال وعبور التقاطعات.
 
- يجوز للجهات الأمنية تحرير مخالفات للشخص أو الأشخاص المخالفين لإشارات المرور أثناء سير وعبور التظاهرة الراجلة.
 
- يحق للجهات الأمنية إغلاق شوارع معينة إذا ما تأكد لها كبر حجم التظاهرة ويكون ذلك بالتنسيق مع إدارات المرور المختلفة.
 
- يمنع منعا باتا مد أسلاك كهرباء أو اصطحاب قوارير غاز لمكان التظاهر، ويسمح بها فى أماكن الاحتفالات والمهرجانات وذلك تحت إشراف شركة الطاقة الخاصة بالمنطقة.
 
- يحق للشرطة اعتقال أى متظاهر يحاول الاعتداء على المنشآت الخاصة أو العامة، وكذلك إتلاف أى شىء مملوك للغير عن قصد أثناء التظاهر.
 
- يحق للشرطة منع دخول متظاهرين جدد لمكان التظاهر إذا تبين لها أن العدد قد زاد على الحد المسموح به فى هذه المنطقة، وذلك منعا للازدحام والتدافع الذى قد ينتج عنه حالات اختناق أو وفيات. ويتم فض التظاهرة والتنبيه عليهم بضرورة الانتقال إلى مكان أوسع.
 
 - يمنع منعا باتا التصريح يتنظيم المظاهرات فى درجات الحرارة أقل من 32 درجات فهرنهايت، وأعلى من 98درجة فهرنهايت، وكذلك فى الرياح التى تزيد سرعتها على 65 ميلا فى الساعة، وذلك حفاظا على حياة المتظاهرين.
 
هذه هى أهم ملاحظات على قوانين التظاهر المعمول بها فى الولايات المتحدة الأمريكية وسبل تنظيمها. وقد حددت السلطات الأمريكية أماكن مخصصة للتظاهر فى كل مدينة حتى لا يحتل المتظاهرون الأماكن العامة ويعيقوا حركة المواطنين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مكان أمام مبنى الأمم المتحدة عبارة عن حديقة يتم فيها نشر بعض الأعمال الفنية والتماثيل لجميع فنانى العالم. ويتم تنظيم أية تظاهرات هناك وتقوم شرطة نيويورك بتأمين المكان وتسييجه بحواجز متنقلة، وتتم توسعة الحواجز كلما استدعى الأمر ذلك.
 
قراءة قانون التظاهر الأمريكى ومقارنته بمسودة قانون التظاهر المصرى يكشف أن الأسس بينهما واحدة وطرق التنفيذ واحدة ولا فرق بينهما سوى القليل جدا ومع هذا بدأت الصحف الأمريكية فى انتقاد مسودة قانون التظاهر المصرى من قبل أن تتم مناقشته أو الموافقة عليه وخروجه إلى النور ودخوله حيز التنفيذ!
 
 لا يختلف الأمر نفسه فى بريطانيا أو فرنسا أو أى دولة أخرى أوروبية وحتى فى روسيا فقد وقع الرئيس الروسى فلاديمير بوتِن على قانون المظاهرات الجديد الذى أثار نقاشات شتى فى المجتمع الروسى، وينص القانون على مخالفات كبيرة وأعمال قسرية عقابا لمن يقوم بأعمال الشغب والفوضى أثناء المسيرات والمظاهرات، كما يمنع فيها من ارتداء الأقنعة، ويرى أغلب المحللين والخبراء أنه يتناسب مع المعايير الأوروبية، فهو لا يمنع المواطنين من حق التجمع والتعبير عن الرأى. وكان فلاديمير بوتِن قد صرح قائلا: «لقد وقعت على قانون المظاهرات، بعد أن درست الوثائق الخاصة به بدقة وكانت الدوما «البرلمان» قد أرسلتها لى مقارنا إياها بقوانين الدول الأوروبية كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا، وحسب هذه الوثائق لا يتضمن قانوننا أى إجراءات يمكن أن تعتبر أكثر قساوة من مثيلاتها فى تلك الدول، ولكنى أريد أن أنوه فى نفس الوقت إلى أن تطبيق هذا القانون يجب ألا يحد من حقوق المواطنين الديمقراطية فى التعبير عن آرائهم المتعلقة بجميع المسائل السياسية الداخلية والخارجية، بما فى ذلك المسيرات فى الشوارع والتجمعات والنشاطات الأخرى، ولكن كل ذلك يجب أن ينظم بحيث لا يلحق الضرر بالمواطنين الآخرين».
 
وكان قد أثار هذا القانون جدلا كبيرا فى المجتمع، فالمعارضة النظامية التى وصلت إلى البرلمان بعد الانتخابات الأخيرة حاولت أن تعيق إقرار هذا القانون فى الدوما، واقترحت حوالى 400 تعديل، ما جعل النقاش يستمر حوالى 11 ساعة لينتهى فى منتصف الليل، غير أن المعارضة لم تغير رأيها، فى حين امتنع حزب روسيا العادلة عن التصويت، وقد سمى رئيس الحزب هذا القانون بالمضاد للشعب، لكنه أقر فى قراءته الثالثة.
 
ويضم القانون الجديد مخالفات كبيرة إذا ما قام المتظاهرون بالخروج عن الطريق المعلنة للمسيرة ورمى الشرطة بالحجارة والزجاجات إذ على المشاغبين أن يدفعوا مبالغ تتراوح بين 10 آلاف و300 ألف روبل (300 - 10 آلاف دولار)، أما المنظمون فيدفعون فى حال انتهاك النظام 600 ألف روبل (20 ألف دولار)، هذا بالإضافة إلى الأعمال الاجتماعية الجبرية، هذا ويمنع القانون ارتداء الأقنعة أثناء المظاهرات، كا يضم القانون مخالفات للاحتجاجات والمسيرات العامة غير المخطط لها أو تحت اسم تجمعات ترفيهية ما قامت به المعارضة الروسية فى الفترة الأخيرة مرات عديدة، هذا إذا حصلت فيها انتهاكات للنظام الاجتماعى العام.
 
وأوضح دميترى بِسكوف المتحدث الصحفى باسم الرئيس الروسى موقف بوتِن من قانون المسيرات والمظاهرات مشيرا إلى أنه درسه بعناية، وأخذ بعين الاعتبار آراء مجموعات مختلفة من الخبراء، وأشار إلى أن روسيا تسعى لاتخاذ قوانين تتناسب مع مثيلاتها فى الغرب، وتتخذ دول أوروبا مثلا فى هذا المجال.
 
ويبدو واضحا من خلال المقارنات السابقة مع قوانين مختلفة من ديمقراطيات شتى أن مشروع القانون المصرى مخفف قياسا لديمقراطيات عريقة، والاحتجاج على القانون من منظمات حقوقية دولية ومحلية يفضحها ويضعها حقيقة تحت طائلة المساءلة الأخلاقية والسياسية، ولماذا تتجاهل التجارب والقوانين المنصوص عليها فى دول ديمقراطية؛ وسن القانون فى مصر، فى ظل الظروف التى تمر بها، حاجة ملحة تحمى الوطن والمواطنين، بالإضافة إلى قرب انتهاء العمل بقانون الطوارئ والمحدد بثلاثة شهور؛ فلابد من سن قانون جديد لحماية الدولة ومنشآتها وحماية المواطن والممتلكات العامة والخاصة لحين انتخاب مجلس شعب جديد عقب الاستفتاء على الدستور؛ ومن الممكن أن يأتى مجلس الشعب الجديد ويعيد مناقشة قانون التظاهر ويخفف منه أو يشدد من العقوبات به وفقا لما سيكون عليه الوضع فيما بعد.