الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
جرائم ليست  رياضية فقط

جرائم ليست رياضية فقط

شهدت الساحة الرياضية فى الآونة الأخيرة عدة وقائع تصل إلى حد الجرائم، دلالاتها أكبر من أن تقتصر على الرياضة، وهى كاشفة عن اختلالات كبيرة، وتأثيرها وتداعياتها ستكون على المجتمع كله.



1 - فى الوقت الذى كان فيه الرياضيون فى الدورة الأوليمبية فى جميع المسابقات يتبادلون التهانى ويصفقون للفائزين ويشجعون منافسيهم أحيانا لتحقيق الإنجازات، كان التعصب والشحن الجماهيرى بين الأهلى والزمالك يتزايد، ولعب الإعلام وخاصة البرامج الرياضية فى القنوات الفضائية دورًا كبيرًا فى حالة الاحتقان، وعمل بعض مقدمى البرامج وضيوفهم على بث الفرقة والتعصب المقيت من خلال نشر الأكاذيب -أحيانا-، والإدلاء بآراء غير علمية ومغلوطة، واتهام التحكيم بالتحيز وترصد أخطائه بالحق والباطل، والتهكم على المنافسين والسخرية منهم، ما جعل الجماهير فى حالة احتقان وغضب، والحمد لله أنه لا توجد جماهير تُشاهد المباريات فى الملاعب وإلا شهدنا كارثة لا تقل عما حدث فى استادى بورسعيد عام 2012 والدفاع الجوى 2015، المؤسف أنه لم تتحرك الجهات المعنية لوقف هذه الجريمة والتى قد يكون وراءها أياد خفية تريد أن تقسم المصريين وتفتتهم وتلهيهم عن القضايا الحقيقية، الأمر يبدو خاصًا بالرياضة ولكن الحقيقة أنها أكبر من ذلك، حالة الاحتقان تزداد فى المجتمع كله وفى مجالات عديدة وكأن هناك من يغذيها، ولكنها فى الرياضة أكثر وضوحًا، فهل يتحرك المسئولون لدراسة هذا الوضع الخطير ووقف تداعياته، ومحاسبة المتسببين فيه؟ 

2 - المشهد الثانى غير بعيد عن الأول فى نتيجته النهائية، وهى عدم محاسبة المخطئين والمقصرين، فقد انتهت الدورة الأوليمبية وأقمنا الأفراح والليالى الملاح لفوزنا بذهبية وفضية وأربع برونزيات، رغم أن الميداليتين الذهبية والفضية فزنا بهما دون تخطيط وقادتنا إليهما الصدفة واجتهاد البطلين، وعلى سبيل المثال الكاراتيه أصلا ليست رياضة أوليمبية، وجاء وجودها لظرف استثنائى قد لا يتكرر وهو أنه من حق الدولة المنظمة اختيار بعض اللعبات للانضمام إلى المنافسات، ومن حسن حظنا أن الكاراتيه كان ضمن اختيارات اليابان، ولو تخيلنا أن الاختيار لم يقع على هذه الرياضة فى دورة طوكيو فإن ميدالياتنا كانت ستخفض ذهبية وبرونزية، ومن المعروف الآن للجميع أن فريال خاضت المسابقات دون اهتمام من اتحاد اللعبة، ولم تكن ضمن ترشيحات اللجنة الأوليمبية للتنافس على ميدالية، وهو ما يعنى أن فوزها لا فضل لأحد فيه إلا لأسرتها ومدربها واجتهادها، وهو نفس ما حدث مع البطل كيشو الحائز على الميدالية البرونزية فى المصارعة، والذى نشر «بوست» على صفحته فى الفيس بوك قبل الأوليمبياد يحذر فيه مما يحدث، ويقول إنه غير مسئول عن النتيجة لأنه لا يجد معسكرًا يعده للبطولة، ولولا تدخل وزير الرياضة الذى دبر له معسكرًا تدريبيًا ما كان حصل على الميدالية، والأخطر مما سبق هو ترك مسئولى اتحاد حمل الأثقال يديرون اللعبة حتى الآن رغم أنهم سبب الفضيحة التى أدت إلى استبعاد الرباعين المصريين من البطولة بعد اتهام الاتحاد الدولى للأثقال للاتحاد المصرى بأنه وراء إعطاء الرباعين المصريين منشطات، وهو ما أضاع علينا عدة ميداليات أوليمبية مضمونة، الكارثة أن أحدًا لم يحاسب هؤلاء المسئولين على جريمتهم، كما أن أحدًا حتى الآن لم يفتح ملف البطولة الأوليمبية لمحاسبة الاتحادات الفاشلة، الأمر يبدو رياضيًا ولكن فى الحقيقة له تداعياته الخطيرة على المجتمع لأنه يعطى إيحاء بأن المخطئ لا يُحاسب والمقصر فى أمان.

3 - على نفس النهج لا أحد يحاسب المسئولين عن كرة القدم على تخبطهم وعشوائيتهم، فمواعيد المسابقات الأفريقية معروفة ولكننا ظللنا ندير اللعبة بمنطق «ربنا يسهل» حتى أرغمنا الاتحاد الإفريقى على إرسال أسماء الفرق التى ستشارك فى البطولات الأفريقية، وحددتها بالأربعة الأوائل فى جدول المسابقة وقت إرسال الأسماء وليس عند انتهاء المسابقة، وهو ما قد يؤدى إلى وضع شاذ هو أن يُشارك فريق رغم أنه فى المركز الخامس أو السادس بينما يُحرم آخر وهو فى المركز الرابع ولا أدرى كيف كان سيتصرف الاتحاد لو أن الأهلى أو الزمالك كان أحدهما سيحرم من اللعب فى هذه البطولات بسبب هذا التخبط؟، هذه العشوائية هى إحدى نتاج عدم التخطيط واتخاذ القرارات دون دراسة، وما أخطر استمرار هذا المنهج على مجتمعنا ومستقبلنا.

4 - لو هبط فريق أسوان -لا قدر الله- فى نهاية هذا الموسم إلى دورى الدرجة الثانية فإن الصعيد لن يكون ممثلا فى الدورى الممتاز، رغم وجود فرق محسوبة عليه اسما مثل البنك الأهلى والشرقية للدخان الصاعد حديثا إلى دورى الأضواء,وكليهما يلعب مبارياته فى الجيزة أو القاهرة الكبرى أى لا علاقة له بالصعيد على أرض الواقع، كما أن فريقى بيراميدز ومصر المقاصة رغم أنهما محسوبان على الصعيد، فإن الحقيقة تخالف هذا الأمر الصورى، والفرق الأربعة انتقوا مجموعة الصعيد للاشتراك فيها فى قسم الدرجة الأولى على مدى سنوات سابقة لأنها أسهل فى الصعود للممتاز، وكان من الواجب طالما اختاروا أن يكونوا من أندية الصعيد أن يلعبوا على ملاعب فى الجنوب، هذا التلاعب والبحث عن الثغرات هو الأسلوب الذى يفلت به المجرمون من العقاب أمام المحاكم والنيابة ويتهربون من خلاله عن دفع الضرائب وأداء الواجبات العامة، وهو منهج لا نريده أن يستشرى فى مجتمعنا، صحيح أن الرياضة لم تخترعه ولكن هناك من استعانوا به تحت بصر المسئولين، ولهذا يجب إغلاق هذه الثغرات التى يتسلل منها المغامرون والمتربحون فى كل المجالات.