الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الخلافة الرقمية (8) : عمر متين لم يكن «مثلى».. داعش يروى قصة صناعة هجوم أورلاندو «أونلاين» وينسف الرواية الأمريكية

عملت داعش منذ اللحظة الأولى لإعلان دولتها على أرض الواقع على عمل نسخة احتياطية منها على الإنترنت وكأنها buckup للخلافة فى حال تم محوها من الواقع لتستمر بشكل افتراضى، وهو ما حدث.



فرغم تمكن التحالف الدولى من تحرير جميع الأراضى التى احتلها التنظيم فى العراق وسوريا والقضاء على %90 من قوته، فإنها لاتزال موجودة كدولة بأركانها الأساسية، ولكن «إلكترونية»، اتخذت من الإنترنت أرضًا للخلافة الموازية.. ومن متابعى حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعى شعبًا.. وصنعت جيشًا من الكتائب الإلكترونية ونظامًا ماليًا وسلطة افتراضية تدير كل ذلك.

وفى هذه الحلقات «روزاليوسف» تنشر لكم تحقيقًا عن تفاصيل وأسرار خطة للتنظيم لضمان بقاء دولتهم الدموية «افتراضيًا» رغم كل ما تعرضوا له من هزائم.

 

«كان الأخ متين رحمه الله نموذجًا مثاليًا لرجل المدينة، فهو يجيد التعامل مع الأسلحة النارية، ولديه كفاءة بدنية وقتالية، وخطط جيدًا لعمليته، وقام بمفرده بعمل لا يقوى عليه سوى خلية مكتملة، فجمع المعلومات بنفسه، وجهز أسلحته وأدواته بنفسه، وأدار العملية وخطط لها، ونجح ببراعة فى خداع الأعداء، ثم نفذ عمليته بنجاح، وقتل العشرات».

 

بهذه الكلمات بدأ منشور من خمس صفحات كتبه «أبو وقار الغريب»، وهو اسم مستعار لأحد عناصر تنظيم داعش، وأحد أبرز المهتمين بتأريخ عمليات الذئاب المنفردة من وجهة نظر التنظيم، يحكى فيه قصة تجنيد الإرهابى الأمريكى عمر متين، الذى ارتبط اسمه بواحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية فى تاريخ الولايات المتحدة الحديث.

«عمر صديقى متين»، شاب أمريكى من أصول أفغانية، 30 عامًا، نفذ فى يوم الأحد 12 يونيو 2016، عملية إطلاق نار واحتجاز رهائن داخل نادٍ ليلى للمثليين فى أورلاندو بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، فيما عرف إعلاميًا وقتها بهجوم أورلاندو، وقتل 50 شخصًا وأصاب 53 بجروح.

ولقى متين مصرعه بعد تنفيذ العملية على يد الشرطة الأمريكية التى تمكنت من السيطرة على الملهى وإنقاذ باقى الرهائن. 

التحقيقات التى أجرتها أجهزة الأمن الأمريكية لأسابيع بعد الهجوم، لم تتمكن من الوصول لطبيعة العلاقة بين متين وتنظيم داعش، الذى أعلن مسئوليته عن الهجمة بعدها بساعات، كما شهدت أيضًا تضاربًا فى الأقوال والشهادات حول شخصية متين وأفكاره وميوله وطبيعته، وقدمت فى النهاية رواية رسمية مليئة بالعديد من علامات الاستفهام.

فى 2017 ظهرت رواية داعش حول «عمر متين» وهجومه الإرهابى على لسان أبو وقار الغريب عبر موقع «أخبار المسلمين» التابع لداعش على الإنترنت المظلم، لتزيح الغموض عن بعض الجوانب غير الواضحة وتكمل النواقص فى الرواية الأمريكية الرسمية، وتنفى فى الوقت نفسه بعض الأمور التى استقرت عليها التحقيقات، أبرزها ميول متين الجنسية.

حيث أكدت الرواية الرسمية أن متين كان شخصًا غريب الأطوار وميوله الجنسية مثلية، وهو ما نفاه مؤرخ داعش مؤكدًا أن عمر متين لم يكن مثلى الجنس، وأن المعلومات التى أدلى بها أحد أصدقائه المثليين حول ترددهما سويًّا أكثر من مرة على نادٍ للشواذ ولمدة عام يسبق الحادث الإرهابى، ليست سوى جزء من خطة محكمة، وضعها متين قبل عام وبضعة أشهر من تاريخ العملية، بالاتفاق مع أحد عناصر داعش عبر التطبيقات الهاتفية المشفرة، حيث تضمنت الخطة افتعال علاقات عبر الإنترنت مع مثليين جنسيًّا، والاقتراب منهم ومن عالمهم «الكفرى» على حد تعبير «الغريب»، لتسهيل تنفيذ العملية دون إثارة الشكوك. 

 المرحلة الأولى من خطة التنفيذ وفقًا للغريب- استهدفت دخول متين إلى عالم المثليين والتردد على أماكنه، والاندماج مع أصحابه دون أن يمارس الشذوذ الجنسى بشكل فعلى، حتى يستطيع تنفيذ مهمته بنجاح. 

سنسرد القصة منذ البداية من واقع ما ذكره أبو وقار الغريب فى منشوره، ونقاط الخلاف والاتفاق بينها وبين الرواية الرسمية الأمريكية حول عملية متين الإرهابية.

الاتصال الأول

فى مطلع العام 2015 حينما كان تنظيم داعش يحقق انتصارات كبيرة على الأرض ويسيطر على عدد من المناطق داخل العراق وسوريا، ويوسع دولته المزعومة، ويكثف نشاطه على شبكة الإنترنت، كان عمر متين الأمريكى ذو الأصول الأفغانية يفتش بنهم عن أخبار داعش وتحركاته على الأرض، ويغوص داخل الإنترنت بحثًا عن طريقة للتواصل مع عناصر التنظيم، وبعد بحث لفترة قصيرة عثر متين على أحد المواقع التابعة للتنظيم، وأسفل أحد الفيديوهات التى تحث المجاهدين داخل دول التحالف الدولى على الثأر للمسلمين من شعوبهم وحكوماتهم، ترك متين تعليقًا صغيرًا بالإنجليزية: «أريد التواصل مع الدولة الإسلامية.. أنا عمر أعيش فى أمريكا»، وترك بريده الإلكترونى.

لم يفوت «أبو البراء» الفرصة، وأبو البراء هو اسم وهمى لخلية إعلامية نشطة للتنظيم على الإنترنت، ومعروف بقدراته المذهلة - وفقًا لأبو وقار الغريب - على اصطياد الذئاب المنفردة حول العالم عبر الشبكة العنكبوتية.

كان اللقاء الأول بين أبو البراء ومتين عبر تطبيق تليجرام حذرًا نوعًا ما، تحدثا عن دولة الخلافة، وجرائم الولايات المتحدة ضد المسلمين فى العراق وسوريا، وعن المسلمين وأوضاعهم فى أمريكا، ثم عن حياة عمر متين نفسه وأفكاره ونظرته للمجتمع الأمريكى، حتى وصل بهم الحديث إلى مسألة انحلال المجتمع الأمريكى وتطرقا إلى قضية الشذوذ الجنسى وانتشارها فى أمريكا، وهنا أبدى متين كراهيته الشديدة للمثليين جنسيًّا دون ذكر تفاصيل.

ذلك يتوافق جدًّا مع ما قاله والد متين خلال التحقيقات، مؤكدًا أن ابنه يكره المثليين جنسيًا وأنه يستبعد ما يتردد حول مثليته الجنسية، وسرد الأب واقعة تعود لشهور قبل تنفيذ العملية، عندما كان عمر بصحبة ابنه الصغير فى مركز ميامى، يستمعان إلى الموسيقى فى سعادة، وفجأة وجدا أمامهما رجلين يتبادلان القبلات، ما أثار غضب متين بشدة.

بعد ذلك انتقل الحوار بين أبو البراء ومتين من تليجرام إلى تطبيق مشفر آخر- تحفظ الغريب عن ذكر اسمه لظروف أمنية- وهنا أبلغ متين أبو البراء عن إعجابه بداعش ورغبته فى الانضمام لصفوفه والهجرة لأراضيه، وبعد أن هنأه أبو البراء بحسن الاختيار، أبلغه أن تنفيذ عملية فى الولايات المتحدة الأمريكية ضد الكفار خير وأبقى عند التنظيم من الهجرة، لكن متين كان متمسكًا بالهجرة لأرض الخلافة، وعلى مضض أقنعه أبوالبراء بتنفيذ عملية فردية فى فلوريدا بالولايات المتحدة، وإذا حالفه النجاح فى تنفيذ العملية وتمكن من الهرب، يمكن وقتها أن يحقق حلمه بالهجرة لسوريا، مؤكدًا له أن التنظيم لديه خلايا نائمة فى الولايات المتحدة يمكن أن تساعده فى إتمام هجرته بعد تنفيذ عمليته.

بعد ذلك، تعددت اللقاءات بين أبوالبراء ومتين، وحرص أبوالبراء على إمداد متين بمجموعة من الفيديوهات والمقالات والكتب الإلكترونية حول الجهاد، وحقيقة الدولة الإسلامية، وكان متين دائم السؤال عن المجتمع الداعشى فى العراق وسوريا، وكان مبهورًا بهذا المجتمع لحد كبير، واعتبره جنة الله على الأرض، وحرص على معرفة كل ما هو جديد حوله، وأبدى إعجابه الشديد بشخصية أبو بكر البغدادى وقدراته فى محاربة قوى عظمى دون أن يهتز له جفن.

طلب أبوالبراء من متين إعلان البيعة لأبوبكر البغدادى، وفعلها متين، وأرسل بيعته لأبوالبراء عبر التطبيق المشفر المجهول.

بعد البيعة بدأت مرحلة جديدة، حيث تم تسليم ملف متين إلى القيادى الداعشى «أبوأسامة» المسئول عن العمليات الخارجية للتنظيم. تواصل متين مع أبو أسامة عبر التطبيق المشفر، وبدآ يخططان معًا للعملية.

 أبو أسامة

 طلب أبوأسامة من متين إبلاغه بعدد من الأهداف التى يقترحها لتنفيذ عملية فردية ناجحة تزلزل عروش الأعداء، وأسباب اختيار هذه الأهداف، والإمكانيات المتاحة لديه لتنفيذ العملية من أسلحة وخلافه، وتقدير عدد الضحايا مع كل هدف مقترح، ودعم كل ما سبق بالمعلومات والخرائط حتى يتمكنا من اتخاذ القرار السليم.

بعد أقل من شهر كان اللقاء الثانى وعرض متين كل ما لديه من اقتراحات مدعومة بمعلومات مفصلة، وكان يميل متين لتنفيذ عمليته فى ملهى للمثليين يقع فى المدينة التى يعيش بها، ووافقه أبو أسامة على ذلك، وتحدثا حول السلاح المقترح استخدامه، فأكد متين أنه قادر على الحصول على سلاح نارى، وأنه يجيد التعامل معه بحكم عمله السابق كرجل أمن.

لم يتبق سوى وضع خطة محكمة لتنفيذ الهجوم على الملهى المستهدف، وهذا الأمر كان يحتاج وقتًا طويلًا نوعًا ما لدراسته من كل الجوانب، ويتطلب معاينات دقيقة للمكان المستهدف، ويتطلب أيضًا قصة مختلقة يرويها المنفذ عن نفسه للأخرين – يسمونها فى حروب العصابات قصة التغطية- ليدخل بها متين الملهى الليلى دون إثارة الشك فيه لحظة التنفيذ.

هنا قرر متين أن يبدأ فى العمل على كل هذه الأمور، ووضع مع أبو أسامة سقفًا زمنيًّا للتخطيط يتراوح بين 6 شهور إلى عام واحد فقط.

ترك متين العالم الافتراضى مؤقتًا وبدأ فى جمع المعلومات ودراسة الهدف جيدًا والانغماس داخل عالم المثليين جنسيًّا. 

نعود للتحقيقات الأمريكية وشهادات الشهود وهى كافية جدًا لنرسم صورة كاملة لما فعله متين فى مرحلة التخطيط، التى لم تذكر رواية الغريب تفاصيلها الكاملة.

فى مقابلة مع قناة «Univision» الأمريكية، ادعى رجل اسمه ميجيل أنه كان عشيقًا لعمر متين منفذ الهجوم على ناد للمثليين، وأن الأخير كان مثليًّا مئة بالمئة، وأقدم على جريمته لينتقم من المثليين ذوى الأصول اللاتينية الأمريكية وليس من أجل الإرهاب، وقال إن متين حكى له أنه أصيب بالخيبة والغضب بعد أن اعترف له أحد عشاقه «اللاتينيين» بأنه كان مصابًا بالإيدز.

وأضاف أنه تعرف على متين قبل الواقعة بعام عبر موقع إلكترونى مخصص للتعارف بين المثليين، وبدأ علاقة عاطفية معه عبر الإنترنت. ووصف ميجيل متين بأنه كان «شابًا لطيفًا جدًّا» لم يظهر جانبًا عنيفًا أبدًا. وكان يسعى لإيجاد الحب الحقيقى.

نلاحظ هنا أن التوقيت الذى التقى فيه ميجيل بمتين عبر الإنترنت، هو تقريبًا نفس التوقيت الذى بدأ فيه متين خطته بتوطيد علاقاته بالمثليين بعد أن اتفق على ذلك مع «أبو أسامة» تمهيدًا لتنفيذ عمليته الإرهابية الكبرى.

شهادة ميجيل لم توضح درجة العلاقة بينه وبين متين، لكن من الواضح أنها كانت علاقة افتراضية، عبر الإنترنت فقط، مع لقاءات محدودة وجهًا لوجه، ولم تصل لدرجة اللقاء داخل إحدى الغرف المغلقة لممارسة الشذوذ الجنسى، فليس من المعقول أن يمارس ميجيل الشذوذ مع شخص اعترف له أنه مصاب بالإيدز أو حتى يشك فى ذلك.

والواضح أيضًا أن متين استخدم ميجيل كمحطة أولية للتعرف على طبيعة هذا العالم، وإثبات وجوده داخل هذه الدائرة، ليسهل لنفسه تنفيذ مخططه المتفق عليه مسبقًا مع عضو التنظيم عبر الإنترنت.

مسئولون بوكالات إنفاذ القانون الأمريكية، أكدوا أثناء التحقيقات أن عمر متين سبق أن زار غرف محادثة إلكترونية للمثليين.

وأضاف المسئولون، أن المحققين لا يعرفون بعد إذا كان زار غرف المحادثة من أجل أسباب شخصية أم من أجل المراقبة قبل تنفيذ الاعتداء على النادى الليلى.

شهود عيان قالوا إن عمر متين، كان يستخدم تطبيقًا ذكيًّا للمواعدة بين المثليين، كما شاهده آخرون عشرات المرات وهو يرتاد الملهى الذى هاجمه.

وقال شخص يدعى كيفن ويست إنه التقى متين قبل عام من تنفيذ عمليته بعد أن تواعدا عبر تطبيق يستخدمه المثليون للمواعدة عبر الإنترنت.

كما أكد كورد سيدينو (23 عامًا)، وهو من أورلاندو، أنه تواصل مع متين عبر التطبيق ذاته قبل عام على الأقل، مشيرًا إلى أنه كان من السهل التعرف عليه بكل وضوح. وقال 4 زبائن على الأقل من رواد الملهى، إنهم شاهدوا متين مرات عدة داخل المكان وهو يحتسى الخمر بمفرده دون أن يصاحبه أحد، وهذا شىء غريب على مكان كهذا على حد تعبير الشهود، وفى أحيان أخرى يشرب حتى الثمالة ويأخذ فى الهذيان بينما يتحدث إلى رواد المكان.

العديد من مثليى الجنس تقدموا للإدلاء بمعلوماتهم حول متين لمكتب التحقيقات، ولم يذكر أحدهم أنه مارس الجنس مع متين أو جمعتهم به غرفة مغلقة، الكل يتحدث عن إيحاءات وتصرفات من الخارج فقط.

كما أن بعضهم تجنب التحدث معه بسبب تصرفاته الغريبة، وهذا يؤكد أن بعضهم كان يشك فى تصرفاته ولا يصدقها.

خطة مكتملة

نعود لرواية أبوالوقار الغريب، الذى أكد أن متين نجح بامتياز فى اقتحام هذا العالم، وتمكن من الإيحاء لكل من حوله بأنه مثلى الجنس، فداعب الرجال دون أن يتورط فى علاقة بعينها، وشرب الخمور دون أن يفقد صوابه، ورقص وغنى ليحبك دوره جيدًا. بعد أقل من عام، كان متين قد استقر على خطة مكتملة لتنفيذ هجوم ضد نادى «بلس» الليلى للشواذ جنسيًّا بمدينة أورلاندو والذى اعتاد التردد عليه، معتمدًا على تكتيك حرب العصابات الذى تعلمه على يد أبو أسامة، ووصل فيه لمرحلة متقدمة، أهلته للحصول على لقب «رجل المدينة»، الذى يستخدمه تنظيم داعش لوصف البارعين فى حروب العصابات داخل المدن.

تردد متين على الملهى أسبوعيًا فى أيام العطلات دون أن يشك فيه أحد، ولم يتبق له سوى الاستقرار مع أبو أسامة على نوع السلاح الذى سوف يستخدمه لتنفيذ العملية. 

استغل متين أنه رجل أمن بالأساس، ويمارس هذا العمل منذ 2007 فى فرع شركة جى فور إس للخدمات الأمنية فى جوبيتر بولاية فلوريدا، وحتى مقتله، ويحمل ترخيصًا رسميًا بحمل أنواع عدة من السلاح، ليبدأ فى التخطيط مع أبو أسامة من أجل شراء أسلحة متقدمة من المتاجر المخصصة لذلك. وعندما أثار أبو أسامة مسألة قدرته على التعامل مع الأسلحة المختلفة، طمأنه متين مؤكدًا أنه يستطيع استخدام أى سلاح بكفاءة عالية، حيث إنه تدرب خلال سنوات مبكرة من عمره على استخدام الأسلحة النارية بأنواع مختلفة.

قبل أسبوعين من العملية تواصل متين مع أبو أسامة عبر التطبيق الهاتفى المشفر وأخبره أنه استقر على تنفيذ عمليته مساء السبت وصبيحة يوم الأحد بتاريخ 12 يونيو حيث العطلة الأسبوعية، وهو التوقيت الذى يمتلئ فيه النادى بالرواد مما يضمن حصد أكبر عدد من الأرواح، ووافقه أبو البراء، واتفقا على تنفيذ عملية إطلاق نار، واحتجاز رهائن للضغط على حكومة الولايات المتحدة والمطالبة بتسهيل هروبه من فلوريدا إلى سوريا بطائرة خاصة، لينضم بشكل كامل للتنظيم كما كان يحلم دائمًا.

ذكرت التحقيقات الأمريكية أن متين توجه إلى متجر بنادق فى بورت سانت لوسى قبل أسبوعين من إطلاق النار واستغل كونه يعمل رجل أمن لشراء بندقية نصف آلية من نوع SIG عيار Soir MCX ومسدس جلوك Glock 9 ملم عيار بشكل قانونى، لأنه يمتلك ترخيصين لحيازة أنواع مختلفة من السلاح بحكم عمله. 

كما أنه حاول شراء دروع واقية للبدن من نفس المتجر لكنه لم يجد.

سعى متين لشراء دروع واقية يؤكد رواية داعش حول رغبة متين فى الهرب لسوريا بعد تنفيذ العملية، وأن العملية لم تكن انتحارية. كان آخر لقاء افتراضى بين متين وأبو أسامة عبر التطبيق المشفر قبل العملية بليلة واحدة، وأخبره أبوأسامة فيها أن التنظيم فخور به، ويعترف بجهاده، والقادة يبلغونه تحياتهم ومباركاتهم ودعواتهم.

 يوم التنفيذ

وصل عمر متين لمحيط الملهى فيما بعد الثانية عشرة صباحًا من يوم التنفيذ، حيث أكد شاهد عيان وحيد أنه رآه وألقى التحية عليه عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الأحد، أى قبل ساعة فقط من تنفيذ جريمته.

فى الساعة الثانية صباحًا قال شاهد عيان آخر، يدعى كريستوفر هانسن إنه رأى جثثًا تتساقط على الأرض، مضيفًا أن عملية إطلاق النار «يمكن أن تكون قد استمرت مدة أغنية كاملة»، أى حوالى خمس دقائق من إطلاق النار بشكل عشوائى.

فى الثانية وعشرين دقيقة اتصل متين بالشرطة وأعلن ولاءه لداعش وأنه يحتجز رهائن داخل الملهى الليلى.

وقال شخص كان فى النادى الليلى خلال إطلاق النار، أنهم اضطروا للقفز من فوق سياج يُقدر ارتفاعه بحوالى مترين ليتمكنوا من الفرار، لأن ذلك كان سبيلهم الوحيد للخروج، إذ قال شاهد العيان إن الباب الأمامى كان الطريق الوحيد للدخول أو الخروج من الملهى الليلى وأمامه كان يقف متين محتجزًا الرهائن.

وفقًا لرواية داعش كان متين ينتظر تحول الحادث لرأى عام كى يطلب من الشرطة تسهيل هروبه خارج البلاد، وتحديدًا إلى سوريا، مقابل الإفراج عن الرهائن، لكنه لم يتمكن من فعل ذلك دون ذكر السبب.

أفاد قائد شرطة أورلاندو (جون مينا) عن تحول الوضع إلى احتجاز رهائن حوالى الساعة الخامسة صباحًا وتم اتخاذ قرار بإنقاذ الرهائن المحتجزين.

فى الساعة الخامسة صباحًا اتخذت الشرطة القرار وحطمت عربة مدرعة الباب والجدار للسماح للشرطة بدخول النادى، وقالت الشرطة إنه خلال تلك المداهمة قتل الضباط متين بإطلاق النار عليه لتنتهى قصته للأبد.