السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مفهوم القوة الناعمة.. وسر نجاح «بشرة خير» و«تسلم الأيادى»

عندما وصف «جوزيف ناى» أستاذ العلوم السياسية فى جامعة هارفارد مفهوم القوة الناعمة فى كتابه «مُقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية» الصادر عام 1990، ثم طوره فى كتابه الصادر عام 2004 بعنوان «القوة الناعمة: وسائل النجاح فى السياسة الدولية» بأنه القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع كان يقصد هذا فى مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة، وأحيانًا الفن، حتى أصبح هذا المصطلح يتردد كثيرًا فى شتى بقاع الأرض، حتى أننا فى مصر نستمع إليه بشكل يومى فى برامج الـ«توك شو»، حتى أصبح «كليشيه» وفقد معناه الحقيقى.



 

قبل تدشين مصطلح «القوة الناعمة» المتعارف عليه حاليًا، كانت الدولة المصرية فى عهد الرئيس «جمال عبدالناصر» تستخدم الفن أفضل استخدام، فالشعب تجاوب مع أهداف ثورة 23 يوليو بفضل الأغنيات والاستعراضات التى صنعت خصيصًا لهذا الغرض، وأيضًا الأفلام السينمائية كان لها واقع السحر على عقول المواطنين.

ولكن هذا حدث بتدخل مباشر من الدولة مع الفنانين وبتنسيق مشترك بينهما فى هذه الفترة، وكانت الوسائل الإعلامية محدودة للغاية، وبالتالى من يسمح له بالتواجد على إذاعات الراديو، وبعد ذلك الظهور على القنوات المحدودة فى التليفزيون المصرى فقد ضمن النجاح والانتشار الجماهيرى.

أما الآن مع تعدد الوسائل الإعلامية، وكثرة عدد الفنانين، واكتساح مواقع التواصل الاجتماعى للعالم بأجمعه، وتواجد منصات رقمية متخصصة فى عرض المحتوى الفنى سواء غنائى أو سينمائى، أصبح تحقيق النجاح يحتاج إلى مجهود شاق.

ولذلك عندما نسترجع الأغانى المصاحبة لفترة عزل الجماعة الإرهابية من قبل الشعب المصرى بكافة أطيافة، سنجد أن هناك الكثير من الأغنيات التى صنعت خصيصًا بشكل غير منظم للتعبير عن هذه الأجواء وتسجيل ورصد وأرشفة الأحداث.

عدد هذه الأغنيات تجاوز الـ 50 أغنية، لكبار الفنانين فى الوطن العربى بمختلف جنسياته، ولكن من بقى منهم واستطاع تحقيق النجاح ولا يزال قادرًا على الصمود ومواجهة الزمن والبقاء برغم تغير الأجواء واستقرار الوضع الداخلى، لا يتعدى الخمسة أغنيات فقط، بل إن أكثرها نجاحًا هما أغنيتان فقط «تسلم الأيادى»، و«بشرة خير»، والأغنيتان فيهما العديد من العوامل المشتركة.

أولًا، الروح الجماعية، «تسلم الأيادى» قام بها مجموعة من الفنانين، لكل فنان منهج غنائى خاص به، فمنهم من ينتمى الى فئة الـ«بوب»، ومنهم من ينتمى إلى الفئة التى يطلق عليها «شعبية»، وهذا تعبير حقيقي عن المجتمع وقتها ووحدته بمختلف فئاته الاجتماعية، أما «بشرة خير»، وإن كانت أغنية فردية، ولكنها تخاطب الجماعة، ورصدت أسماء المحافظات المختلفة وتحدثت عن أبنائها بنفس الجمل اللحنية والتوزيع الموسيقى، وهو أيضًا ما يدعو إلى مفهوم الوحدة حتى وان كان هناك بعض الاختلافات.

ثانياً، الأغنيتان تجاوزتا الغرض الذى صنعتا من أجله، لدرجة أن الجمهور استخدمها فى مناسبات أخرى غير وطنية مثل الأفراح وأعياد الميلاد والتجمعات الأسرية وافتتاح المحلات، إلخ.

ثالثًا، حالة البهجة المسيطرة عليهما كانت سببًا رئيسيًا فى النجاح الجماهيرى الكبير الذى لاحقهما، خاصة وأن الدولة المصرية بدت وكأنها «مخطوفة» من قبل مجموعة من المتشددين، والمتعصبين، الذين يرفضون ويحرمون كل مظاهر الحياة، فما كان من الشعب المصرى إلا أن يرد عليهم بالإيقاعات الموسيقية المبهجة، وبالرقصات الاستعراضية العفوية التلقائية.