السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
من هنا بدأت شرارة الثورة

من هنا بدأت شرارة الثورة

تستحق الصحافة أن تجرى عنها أبحاث ودراسات علمية متعمقة عن دورها فى ثورة 30 يونيو، فقد كان دورها كبيرًا وتأثيرها عظيمًا، وهى التى قادت الرأى العام ووجهته نحو الرفض ثم الغضب فالاحتجاج وصولًا إلى الثورة، وذلك عندما كشفت خطايا الإخوان وسلطت الضوء على ما فعلوه فى حق الشعب وضد ثورة يناير، منذ البداية وبعد تنحى مبارك كان هدف الجماعة وقادتها الاستيلاء على ثورة يناير واحتكارها لأنفسهم وتأميم مكاسبها لهم وحدهم دون باقى الشعب، ولعبت الصحافة ومعها وسائل الإعلام المختلفة الدور الأساسى فى كشف الزيف والكذب، فقد قام الإخوان ومن أجل تحقيق أهدافهم بإقصاء كل الجماعات السياسية الأخرى من المشهد وإبعادهم عن الحكم، مارسوا كل أنواع النفاق التى نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال فى حديثه الشريف «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان»، وقد فعلها الإخوان قالوا إنهم لن يرشحوا أحدًا فى انتخابات رئاسة الجمهورية ثم رشحوا اثنين «أصلى وبديل»، وعدوا أنهم لن يستحوذوا على أغلبية البرلمان ثم أخلفوا وعدهم وحرصوا على أن تكون لهم الأغلبية المطلقة فى مجلسى الشعب والشورى، أعلنوا أنهم سيشكلون حكومة ثورة تضم كل الاتجاهات السياسية ثم جاءوا بحكومة إخوانية خالصة.



وعندما استولوا على كل المجالس والمناصب كان يمكنهم الحفاظ على الثورة، ولكنهم خانوا الأمانة ولعبوا ضد الثورة وأهدافها من أجل تمكينهم من الحكم، وفى سبيل ذلك تحالفوا مع كل الشياطين، وعندما ظهرت نواياهم لم تقف الصحافة خاصة القومية مكتوفة الأيدى وهاجمت الجماعة وقادتها بضراوة، وهو ما أغضب الإخوان حتى أن مرشدهم قال عن الصحفيين أنهم سحرة فرعون ظنًا منه أنه وصف سيئ، وهو ما يدل على جهله بالدين والقرآن، فمن المعروف أن سحرة فرعون آمنوا بربهم وتحملوا فى سبيل إيمانهم عذابًا لا يُطاق، والحكاية كما جاءت فى القرآن أن فرعون استعان بالسحرة لمواجهة معجزات النبى موسى عليه السلام وطلب موسى عليه السلام أن يبدأوا هم، فألقوا عصيهم، فخيل إليه من سحرهم أنها حيات تسعى!، فأوجس فى نفسه خيفة موسى، ولكن الله طمأنه، فألقى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون، وهنا أعلن السحرة إيمانهم، وقالوا آمنا برب موسى وهارون، وهو ما أغضب فرعون الذى هددهم: «آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم فى جذوع النخل»، ولكن السحرة لم يرهبهم التهديد لما عرفوا الحق وأصروا على إيمانهم مهما بلغ بهم تعذيب فرعون وجنده.

ولهذا فإن الصحفيين الحقيقيين يفخرون بأنهم مثل سحرة فرعون الذين عرفوا الحق ولم يتنازلوا عنه، ولهذا كانت الصحافة خاصة القومية تمثل مأزقًا لهم، وحاولوا الاستيلاء عليها وتطويعها لخدمتهم، ولكنهم فشلوا، وكان لـ«روزاليوسف» الدور الأول فى هذا، فهى لم تُخدع أبدًا فى هذه الجماعة، وظلت طوال تاريخها تواجه أكاذيبها وأفكارها، وفى ثورة يناير أدركنا فى المجلة مبكرًا ألاعيبهم وخطتهم للاستيلاء عليها أو قتلها، وكانت بعض الصحف القومية فى ذلك الوقت أبدت حسن نيتها وتوسمت فيهم خيرًا فسمحت لبعض قادة الجماعة بالكتابة على صفحاتها، قبل أن يكتشفوا زيفهم فيما بعد، وهو ما رفضناه فى المجلة وكان جميع صحفييها لهم بالمرصاد، حتى أن القيادى الإخوانى على فتح الباب رئيس كتلة الحرية والعدالة بمجلس الشورى وقتها قال فى حديث صحفى «أنه يتمنى أن يرى مقالًا أو مدحًا للجماعة فى روزاليوسف وأنها مجلة أحادية الجانب»، ورددنا عليه ردًا مفحمًا وقلنا له نعم روز اليوسف ضد الإخوان لأنهم ضد الوطن، ولعل الدور الذى لعبته روزاليوسف شجع باقى الصحف على مواجهة هذه الجماعة فقد كنا السابقين ولهذا نفخر بأن شرارة الثورة بدأت من هنا، ويبقى أن هذا الدور المهم للصحافة يجب أن يؤرخ له، ويتم تحليله علميًا، خاصة وأنها دفعت الثمن وكان لها شهداء ما زالت صورهم والجرافيتى الخاص بهم على مبنى النقابة، وأتمنى أن تظل موجودة ولا تضيع خلال التجديدات التى تتم الآن فهى جزء من تاريخ مهنتنا وشاهدة على التضحيات فى سبيل رسالتها، وأعتقد أن أهم درس هو أن الصحافة خاصة القومية درع للوطن ويمكنها أن تقود الشعب للطريق الصحيح عندما تجد الحرية التى تساعدها على أداء دورها المهم والمناخ الذى يمنحها القوة لكشف الأخطاء ومواجهة المتربصين بالوطن.