الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كنيسة فى خطر

كنيسة فى خطر

أنقذوا الكنيسة، هذا نداء لكل المحبين والمنتمين للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ولكل الوطنين الحريصين على عدم زعزعة استقرار مؤسسة مصرية مهمة باقية ما بقيت الحياة، المشهد الآن مفزع ويثير خوف أتباع الكنيسة وقلق من يعرفون قيمتها ودورها الوطنى والدينى، صورة قاتمة ومخيفة، تنتشر كالنار فى الهشيم على السوشيال ميديا، شتائم وسباب للبطريرك، وهجوم مماثل على أساقفة لهم وضعهم داخل المؤسسة الدينية العريقة، وعراك ومشادات واتهامات بالهرطقة والخروج عن الأرثوذكسية الصحيحة، كل تحرك أو كلام أو موقف من البابا أو أحد الأساقفة الكبار يتبعه ضجيج كبير، من ذلك تحديث البطريرك لطريقة عمل الميرون المقدس، أو تجريد راهب ثبتت إدانته بحكم قضائى نهائى لارتكابه جريمة قتل، أو اختيار كاهن للخدمة يعتبرونه غير مناسب، أو غلق الكنائس حماية للأرواح من كورونا.. إلى غير ذلك من مواقف أخرى، ومن يتابع صفحات مسيحية على مواقع التواصل الاجتماعى يصطدم من هول ما يرى من تطاول وتجاوز، من المؤكد أن ما يحدث ليس فى صالح الكنيسة والجميع خاسر فى هذه اللعبة الخطيرة، لا أعرف الأيدى التى تعبث، ولا من وراء هذه الألاعيب الدنيئة، ولكن أعرف أن رجال الكنيسة مهمتهم الأولى بعد الحفاظ على العقيدة هى الحفاظ على الكنيسة ووحدتها، ومهما كانت الخلافات وأسبابها فإننا قد وصلنا حاليًا إلى مرحلة خطيرة يجب أن تتعالى فيها النفوس على الخلافات وأن ينتبه الجميع إلى المهمة الرئيسية وهى إنقاذ الكنيسة، قد يكون البعض لهم ملاحظات -بحق أو بغير حق- على طريقة إدارة البابا، ولكن الحفاظ على هيبته ومكانته ووضعه أهم من كل شىء، فالخطر أن يستنيم البعض لهذه التطاولات ضد البطرك ظنًا من أن ذلك يحقق لهم بعض المكاسب وأنه يضيق الخناق على البابا ويغل يده فى اتخاذ بعض القرارات والإجراءات، وينسى هؤلاء أن الجميع راحل مهما طال العمر والكنيسة باقية، وتجريح رأس الكنيسة إذا استمر فإنه سيجعل أى بابا قادم يواجه بنفس الأسلوب والمنهج، خاصة فى ظل وسائل التواصل الاجتماعى التى يمكن استخدامها فى الخير والشر، الوقوف مع البابا ضد هذه الهجمات الإلكترونية واجب وضرورى إذا كان المطلوب هو الحفاظ على مقام وقيمة الموقع الكنسى الكبير، وفى نفس الوقت فإن الأساقفة الذين تتم مهاجمتهم وتوجيه اتهامات لهم تصل إلى حد الشطط، فإنه من الخطر الاستمرار فى نفس المنهج لأنه يهز قيمة الأسقفية ورجال الكهنوت عمومًا، هذا ليس معناه عدم توجيه النقد إذا وجدت أسباب له، أو كشف أخطاء طالما ارتكبت، أو المطالبة بالإصلاح من أجل تصحيح الأوضاع الخاطئة، ولكن هناك فارق كبير بين من يريد الإصلاح والتطوير، ومن يريد تحقيق مصالح صغيرة ومن أجلها يستخدم أساليب غير لائقة، وأعتقد أن جميع أبناء الكنيسة يجب أن يكون لهم دور فى إيقاف ما يحدث، وأولهم البابا الذى عليه أن يجمع الأساقفة خاصة المختلفين معه ويشرح لهم ما يدور وخطورة الموقف، صحيح أن هناك من يهاجمه لمصالح خاصة وهو اتجاه موجود منذ فترة ويغذيه بعض الأساقفة، ولكنه قادر على احتواء هؤلاء أو كشفهم إذا أصروا على الاستمرار فى نهجهم أمام باقى أعضاء المجمع المقدس، وأيضًا أمام المسيحيين، وهذا يتطلب أن يخرج البابا من عزلته فهو يبتعد عن القيادات الكنسية كما يبتعد عن المثقفين مسيحيين ومسلمين، وهنا لابد من وجود مركز إعلامى يناسب العصر ويواجه الشائعات بالمعلومات السريعة والدقيقة فى نفس الوقت، وفى إمكانه أيضًا اختيار شخصيات محترمة من المحبين للكنيسة، يتشاور معهم ويستفيد من قدراتهم المختلفة، وهؤلاء يستطيعون الدفاع عن الكنيسة ومواقفها فى وجه من يريد بها شرًا، ومن المفترض أن يشرح البطريرك للشعب قراراته وخطته للإصلاح والتحديث والتطوير فى كل المجالات الكنسية، وعلى سبيل المثال كان هناك تفهم شعبى لقرارات البابا لإصلاح الرهبنة وإعادتها إلى دورها الحقيقى بعد أن اهتزت قليلاً بسبب تصرفات عدد قليل من الرهبان وهى القرارات التى لم تفعل بشكل كبير، والمقصود هنا أن شعب الكنيسة عندما يعرف ويُدرك ويعى فإنه يكون ظهيرًا شعبيًا مهمًا، أما الابتعاد عنه فقد يؤدى إلى سيطرة تيارات غير مطلوبة على عقولهم خاصة فى ظل استخدام الميديا على نطاق واسع، وهؤلاء ينشرون الشائعات بين البسطاء والتى لا تجد من يتصدى لها ويكشفها، وقد كان البابا شنودة يعتمد على حب وتفهم أبناء الكنيسة له وقربه منهم وتفاعله معهم فى الرد على المختلفين معه، والذين كان يعارضون بعض آراء ومواقف البابا المتنيح، وهو أمر كان يتم دون تطاول وتجريح، بل إن البطريرك الراحل كانت له علاقات ودية وصداقات مع مثقفين وإعلاميين وصحفيين مسلمين، وكان يستشيرهم أحيانًا ويدافعون عنه فى مواقف كثيرة حبًا فيه، وفى نفس السياق لابد من دراسة وضع الإعلام المسيحى من فضائيات ومواقع إلكترونية وغيرها، وتحديد الرؤية التى تحكمه بعد أن تحول بعضها من توعية الناس إلى بلبلتهم، أيضًا على الأساقفة خاصة الكبار منهم والقدامى أن يتصدوا لتجريح البابا حفاظًا على الكنيسة، وأن يسعوا إلى الحوار معه للوصول إلى حل وسط للقضايا المختلف عليها، ويتطلب الأمر تحديد القضايا خاصة الإصلاحية ووضع خطط لتنفيذها، أما العلمانيون فواجبهم أن يتواصلوا مع البابا حتى لو كان بعض من حوله يريدون إبعادهم والانفراد به، فالكنيسة تحتاج إليهم كما تحتاج إلى الكهنة، كل الأطراف مطالبة بالحفاظ على الكنيسة من الانقسام وإذا لم يسارعوا لإنقاذها فإن الجميع سيدفع الثمن.