الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجمهورية الثانية.. الدور الإقليمى لا يأتى صدفة

الجمهورية الثانية.. الدور الإقليمى لا يأتى صدفة

مصر والشرق الأوسط.. ما خفى كان أعظم



محاولات الإخوان البائسة للتشويش على النجاح المصرى.. ضاقت الأرض على الجماعة  

قبل أن تقرأ هذا المقال سيدى القارئ.. فى هذا العدد نحاول أن نستخلص الدروسَ مما جرَى على الأرض المحتلة.. القصة ليست فقط فى النجاح المصرى فى وقف الحرب والقتل.. فعلتها مصرُ قبل ذلك مرّات وستفعلها مستقبلًا إلى أن يحصل أهلنا فى فلسطين على حقوقهم المشروعة.

ولكنْ.. الأمْرُ فى تقديرنا يمثل فاصلًا إقليميّا بين زمنين.. وما جرَى فى مايو 2021 إنما يمثل عزفًا إقليميّا جديدًا لمصر يليق بها، وهو العزف الذى يتسق مع مفهوم الجمهورية الثانية.. الجمهورية الجديدة.. جمهورية البناء والبقاء.. جمهورية الإنسان.. جمهورية غير قابلة للسقوط.

 

كان ما جرَى قبل أيام يحمل فى طياته أبعادًا استراتيچية بالغة الخطورة على الإقليم برُمّته وكان سيناريو ما جرَى فى 2008 يلوح فى الأفق نحو التكرار بأن يتحوّل قطاع غزة إلى قنبلة موقوتة فى وجْه مصر بدلًا من وجْه المحتل.

وهنا تتجلى عبقرية الإدارة المصرية للموقف فى 2021.. فكانت الهجمة المرتدة لتثبت القاهرة أنها لم تَعُد مجرد تلك العاصمة الكبرى التى تتفاعل مع رد الفعل ولكنها تغيرت كثيرًا وأصبحت تمتلك القدرة للمبادرة وصياغة الموقف بما يحفظ مقدّراتها وسيادتها وثوابتها الوطنية والقومية والتزامها تجاه القضية الفلسطينية التى استحوذت على 73 عامًا من الدعم المصرى.. نعم الدعم المصرى من عمر القضية نفسها.

هذا المقال كتبه الكاتب الراحل الكبير الأستاذ «عبدالله كمال» فى 25 يناير عام 2008، الغضب بين سطوره يعكس صعوبة الموقف بعد اقتحام الحدود المصرية آنذاك، والذى ظهرت تفاصيله فيما بعد فى كتاب (شهادتى) للسيد «أحمد أبو الغيط» الأمين العام للجامعة العربية، وكيف تباينت قراءات لم يكن لها أن تتباين.

 

 

 

إن الهدف ليس انتقاصًا من أحد.. كل عصر وله ظروفه ومفرادته.. ولكن هدفنا هو الذكرَى التى تنفعنا وتجعلنا دائمًا منتبهين، لاسيما أن الفوضى ليست تجربة.. ولكن سياق.. إذا ما جرَى فلا تتوقع أبعاده.. وأن مصر القادرة القوية المستقرة هى الغاية الكبرى التى يجب أن نحافظ عليها.

ونفتتح المجلة بمقال الأستاذ «عبدالله كمال» لعدة اعتبارات.. منها الزمنى بأن نعود بالقارئ بتفاصيل ما جرى.

وبُعد أدبى وأخلاقى.. وهو أنه من الصعب أن يتقدم ما أكتبه ما كتبه رئيس التحرير الذى قدّم جيلى إلى بلاط صاحبة الجلالة.  وفى السطور التالية نسعى للإجابة على عدد من الأسئلة التى باتت تفرض نفسَها الآن:

قبل أن نتغنّى اليوم بالدور المصرى.. ما هى الدولة التى تسلمها الرئيس «عبدالفتاح السيسى»؟ 

المقارنة تفرض نفسَها فى عناصر القوة الشاملة للدولة المصرية، ليس فقط فى زمن مقال الأستاذ «عبدالله كمال» وهو العام (2008)، وهو العام الذى ركز عليه مسلسل (هجمة مرتدة) والذى أعتبره أحد أهم الأعمال الدرامية المصرية لما يتضمنه من رسائل سياسية بالغة الأهمية.. ولكن علينا أن نقف الآن وننظر عن واقع الدولة التى تسلمها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى يونيو عام 2014.

ولحساب القوة الشاملة للدول معايير واضحة، فالدول تقاس بقوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

 

 

 

فى 2014 كانت مصر (شبه دولة)، وهو المصطلح الذى استخدمه الرئيس «السيسى» من قبل وأحدث حينها صدمة لدى بعض المتلقين من بينهم كاتب هذه السطور ولكنه وصفٌ دقيقٌ.

عسكريّا.. كانت التحديات تفرض نفسَها وتضغط  بقوة على كل الاتجاهات الاستراتيچية فى نفس الوقت شمالًا فى سواحلنا، وهناك من يطمع فى ثراوتنا فى شرق المتوسط وجنوبًا من السودان إلى منابع النيل وشرقًا حيث جماعات الإرهاب والتكفير وتنظيمات من كل حدب جاءت إلى مصر بدعوة من الجماعة الإرهابية ليشكلوا لها ذراعًا مسلحة تُستخدَم ضد المصريين عند الحاجة، وغربًا باتت على مصر مسئولية حماية حدودها بقوة مع ليبيا إلى أن تعود.. وكل هذا كان يحتاج إلى تحديث شامل لقدراتنا العسكرية.

اقتصاديّا.. كتبتْ «الإيكونوميست» أن مصر على حافة الإفلاس.. خرج معهد واشنطن ليقول إن مصر تواجه الخيار الأخير.. كان الاقتصاد المصرى يفتقد الثقة الدولية بلا مستقبل، أمّا الاحتياطى النقدى فكان أقل من حجم شركة دولية كبرى وليس دولة إقليمية مركزية قوامها 100 مليون.. والبطالة مرتفعة وزادت بَعد عودة العمالة المصرية من دول ضربتها الفوضى.. أمّا البنية التحتية فقد جارَ عليها الزمن.. حالة من العَوْز جعلت الكبرياءَ المصرى فى ضيق العيش يومًا بيومه.

اجتماعيّا.. كان المجتمع المصرى فى حالة تيه.. مُنهك من الفوضى والتقلبات السياسية وحُكم ظلامى دموى.. متعطش إلى الاستقرار.. بلغ الحال بالنسيج الوطنى أن يسأل المسلم هل لى حق المعايدة على أخى المسيحى؟ نعم كنا قد وصلنا إلى هذا البؤس.. أمّا المرأة فعانت معاناة خاصة من تهميش وتحقير لدورها واستباحة لها.. وتم تنميط المجتمع فأصبح هناك تصنيفات عدة بدأت بقوائم سوداء ثم هؤلاء شباب الميدان وهؤلاء عواجيز وحزب كنبة وهؤلاء فلول وهؤلاء عبيد بيادة إلى ما ذلك من توصيفات بثها عدو الأمّة لكى يُفرّقها ويحطم شملها.. خدمات متردية.. مخزون استراتيچى من السلع يبعث على القلق.. لا كهرباء.. لا طرُق.. العشوائيات سكن والمرض قسمة ونصيب أن نعيش بعِلّة فيروس «سى».

سياسيّا.. كل هذه المعطيات جعلت الانعكاس مباشرًا على القوة السياسية للدولة المصرية، تجرّأ علينا مَن لم يكن يحلم بالنظر إلينا.. سعَى بعضهم لمحاصرتنا.. مضت إثيوبيا فى بناء سدِّها دون تفكير بأن لمصر عودة وعودتها ستكون أقوى.. أمّا الشقيق فكان يقول فينك يا مصر، أمّا العدو فكان يقول لن تعود.. وبين هذا وذاك باتت صياغة يتم تصديرها للذهن العالمى بأن زمن القاهرة انتهى والقرار الإقليمى بات لعواصم أخرى..وداخليّا كانت المؤسَّسَات تعانى وتحتاج إلى مرحلة ليست قصيرة لتستعيد عافيتها.. كان البرلمان غائبًا والأحزاب بلا قدرة على ملء فراغ الغريمَين الحزب الوطنى والجماعة فى الشارع.

 

 

 

• ثم ماذا حدث؟

فى يونيو 2014 حينها كنتُ مديرًا لمكتب جريدة «الوطن» فى واشنطن، عُدْتُ إلى القاهرة فى رحلة قصيرة من أجل شرَف حضور حفل تنصيب الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بَعد انتخابه رئيسًا للجمهورية.. الرجل الذى انتصر لنا وقرّر أن يواجه الدنيا من أجلنا أصبح رئيسًا لنا مُلبيًا النداء والاستدعاء الوطنى.

فى خطاب التنصيب الأول قال الرئيس «السيسى» واعدًا المصريين بأننا سنرى (عزفًا جديدًا للدولة المصرية)، وحينها لم نكن نعرف أن «السيسى» إذا وعد أوفَى وإذا تحدّث صدَق وإذا عزَم توكل ويعرف كيف وأين ومتى يضع خطوته ليمضى واثق الخُطى بنا إلى مستقبل لم نكن حتى لنحلم به.. أصبح الواقع أكبرَ من طموحنا.. نعم لو لم يفعل «السيسى» إلا تخليصنا من الإخوان لكفاه ولكنه قرّر أن يعيد بناء مصر لتعود لمصر هيبتها بين الأمم.

بعد حفل التنصيب وقبل العودة إلى واشنطن ذهبتُ إلى لبنان؛ حيث التقيتُ الدكتور «سمير جعجع» رئيس حزب القوات اللبنانية.. قبل اللقاء سألتنى الصديقة العزيزة «انطوانيت جعجع» المستشار الإعلامى للحزب بوضوح كيف ترى «السيسى»؟ كان الرد مباشرًا رزقنا ببطل من حى الجمّالية وكأنه خرج من روايات نجيب محفوظ لكى ينتصر لنا ممن تجبّروا علينا.. وقد كان.

سبع سنوات من العمل الشاق فى كل المسارات والاتجاهات داخليّا وخارجيّا إذا أردنا سردها سنحتاج فوق هذا العدد لألف عدد.. كل جهد كان ولا يزال مكوّنه الچينى الوطنية المصرية فى أسمَى معانيها.. الكل فداء من أجل مصر.. الكل يعمل ليل نهار والغاية مصر.. وقيادة سياسية اتخذت من كلمة (تحيا مصر) دستور عمل مؤكدًا أنه جاء فى مهمة إنقاذ وطن.

لم تكن الأرض ممهدة.. أعداء الخارج يصيغون مؤامرت ويدعمون الإرهاب على أرضنا ويوجّهون منصات إعلامية وإلكترونية لتشتيت المصريين وتشكيكهم فى كل إنجاز وإرهاب كل مَن يقول (تحيا مصر)؛ ذلك لأن أزمتهم مع مصر فى الأساس.

وفى الداخل.. كانت نوبات التشكيك ليل نهار بغرض أو بجهل.. بمعرفة أو بحماقة.. خرجت الأسئلة على شاكلة.. لماذا نشترى السلاح؟ لماذا نبنى الطرُق؟ لماذا كل هذا البناء؟ والمتاجرة بالفقر حاضرة والرؤية المنصفة غائبة بسبب (عمَى) سياسى أصاب نخبة فارغة لا تعرف للمستقبل طريقًا.. منهجها السياسى هو الجرى فى المكان فلا إنجازَ تقدّم ولا طريقَ تقطع فقط جهد فارغ يؤكد أن البناء يجب أن يشمل النخبة أيضًا ولكنها لا تصنع؛ بل ينتجها واقعها وما أنتجه الماضى لن يستوعب الحاضر ولن يعرف المستقبل.

الآن ننظر إلى واقع القوّة الشاملة لمصر فى 2021 وعلينا أن نفتخر وعلينا أن نقولها مجددًا إن «عبدالفتاح السيسى» رئيسٌ نباهى به الأممَ، وأن نتذكر الآن فى هذه اللحظة دماء شهداء مصر الذين وهبونا الحياة.

 

 

 

عسكريّا: مصر هى أقوَى دول الشرق الأوسط وإفريقيا.. تم تحديث قدراتها العسكرية بشكل غير مسبوق وتنوُّع فى مدارس ومصادر التسليح والأهم استيعاب هذه المدارس بسرعة مذهلة.. أكثر من ذلك باتت مصر تباشر سلوك الدول العظمَى، وهو إقامة القواعد العسكرية، ولكنْ على أراضيها فى كل الاتجاهات مصر القوية حاضرة وقادرة.. وبالتالى لا تستغرب أبدًا رئيس مصر عندما يحذر فإن التحذير يصل بعلم الوصول، وعندما يضع خطوطا لا يتم تجاوزها فلا يجرؤ كائنٌ مَن كان على مجرد التفكير؛ لأنه يعرف المصير و(اللى عايز يجرّب يجرّب).

اقتصاديّا: تحققت المعجزة؛ تخلص الاقتصاد المصرى من عيوب هيكلية.. راهن العدو على عدم تحمُّل الشعب فصفع الشعب أعداءه وانتصر بصبره واصطفافه؛ لأنه مؤمن بالقيادة ويعرف أنها تعمل بإخلاص من أجله حتى لو أصابنا جميعًا متاعب معيشية؛ إنما نشعر بالرضا مع كل إنجاز على أرض بلدنا.. عاد للاقتصاد المصرى عنفوانه وعادت ثقة المؤسَّسَات الدولية وارتفع تصنيف مصر وانطلقت «استراتيچية مصر 2030» بمحاور واضحة يتم تطبيقها حَرفيّا وهدفها مصر قوية وشعب ينعم بجودة الحياة.. فكرٌ ريادى يعمد إلى عودة مصر فى كل المناحى والمجالات.. خرج الصندوق السيادى إلى النور ليجد المستثمر كيانًا قويّا يستطيع أن يؤمّن مخاوفه.. تماسكت العُملة وكشفت زيف المضللين.. انخفضت معدلات البَطالة وارتفع معدل النمو، هاجمتنا كورونا واستوعبنا خطرها ونمضى فى نموّنا، عادت تحويلات المصريين فى الخارج إلى ارتفاعها، ضمنت قناة السويس حضورها، أمّا السياحة والتى تعرضت لتخريب متعمد فبدأت بشائرها ولولا كورونا لكانت فى قمة معدّلاتها.

اجتماعيّا.. ضربَ الرئيسُ «السيسى» المَثل ليحذو الجميع حذوَه، أطلق الحرية الدينية وحرية الاعتقاد ويتصدى لكل من يمسَسُها.. فى كل موقع جديد هذا مسجد وهذه كنيسة.. ترميم دُور العبادة لم يقتصر على دين بعينه ولكن لكل الأديان بما فى ذلك المعابد اليهودية لينفتح الأفُق نحو طموح غير مسبوق فى ملف المواطنة وأن العقبات بيننا قادرون على تجاوزها مع هذه القيادة الوطنية التى ترفض مجرد التصنيف بالقول هذا مسلم وهذا مسيحى ولكن الكل مصرى.

عاد للمرأة المصرية احترامُها كدُرَّة تاج المجتمع ليكون بالفعل العصر الذهبى للمرأة، وأطلقت «استراتيچية المرأة المصرية 2030» وتمّت مساندتها لأنها نواة استقرار المجتمع والقابضة على جَمره فأصبح لدينا أكبر تمثيل وزارى للمرأة وأكبر تمثيل نيابى للمرأة؛ بل وصلت المرأة إلى موقع مستشار الأمن القومى.

صحة المصريين.. أصبحت ملف أمن قومى تمكنت مصر من القضاء على فيروس «سى»، خرجت مبادرات رئاسية للكشف المبكر والقضاء على قوائم الانتظار وعودة النور لعيون مصرية لم تكن تجد من تشكو له إلا الله، واستجاب لها رب العباد فخرجت مبادرة «عينك فى عنينا» ومبادرة «مصر بلا غارمات» إلى أن وصلنا إلى مَلحمة «حياة كريمة» التى سيسجلها التاريخ الإنسانى المصرى بحروف من نور عندما يتغير وجْه الحياة فى ريف وقرى مصر.

دخلنا عصر التحوُّل الرقمى بشكل واضح.. الحرب على الفساد باتت عنوانًا مصريّا صريحًا.. ارتفاع مستوى الخدمات تَحقق منه قدرٌ كبيرٌ ولا يزال الطموح أكبرَ.. ترجم الدستور إلى واقع فى ملف التأمين الصحى.. وجودة الحياة مضت إلى الجميع ولكن بدرجات.. لم يَعد فى مصر التى تنتج يوميّا 275 مليون رغيف طابور عيش.. بطاقة التموين أصبحت أمرًا يسيرًا.. شبكة طرُق عالمية غيّرت نمَط حياة القاهرة.. وفى 2021 مصر بلا عشوائيات وأزيدك من الشعر بيتين تحولت العشوائيات إلى صرح حضارى هناك؛ حيث مُتحَف الحضارة الذى يتحاكى عنه العالم.

 

 

 

توقّف تنميط المجتمع.. نجحت الدولة فى صياغة العلاقة مع الشباب وتم إعدادهم وتمكينهم وأصبحوا فى مفاصل العمل المصرى بما يليق بدولة تعرف مستقبلها.. ولم يغب عن القيادة المصريون فى الخارج وأولادهم وخرجت المبادرات بداية من «مصر تستطيع» لجذب العقول المصرية وصولا لـ «اتكلم عربى» ليتم القضاء على خوف الأسَر المصرية المهاجرة من ضياع هوية أولادهم فى المَهجر.

كل هذا العمل وأكثر وأكثر كثيرًا كان منجزه ارتفاع وزيادة الكم الاستراتيچى لمصر، ومن هنا كان الموعد المناسب لإعلان الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أننا على وشَك الدخول فى عصر الجمهورية الثانية، وتزامن ذلك مع الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة. سياسيّا.. أنجزت مصر مرحلة التثبيت المؤسَّسى وعادت دولة المؤسَّسَات حاصرنا الإرهاب ولا تزال المواجهة مستمرة والغلبة لنا.. دخل العمل السياسى مفهومًا جديدًا بخروج «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» إلى النور بأن يجتمع الاختلاف الفكرى والسياسى على ثوابت وطنية واضحة، وهو ما ظهر سريعًا فى مجلس النواب الحالى.. عادت كلمة مصر الدولية واستردت مصر أرضها على الساحة السياسية العالمية.. وبات الدور الإقليمى لمصر هو الذى يَستدعى وكل شقيق عربى فى حسبانه الآن أنه عند الخطر مصر القوية قادرة.

 

• كيف انعكس الكم الاستراتيچى لمصر على دورها الإقليمى؟.

إن ما فعلته مصر قبل أيام مع أهلنا فى الأرض المحتلة هو ما تفعله الآن مع أهلنا فى السودان هو ما تفعله على مدار سنوات مع أهلنا فى ليبيا هو صوت القاهرة القوى الذى حذر من المساس بأمن وسلامة واستقرار الأردن فى مارس الماضى، هو خطاب مصر الدولى فى الأمم المتحدة بأن الإرهاب لن يكون جزءًا من مستقبل سوريا وقد كان هو أول دور عربى حضر على أرض لبنان الذى يعانى قادمًا من أرض الكنانة بالمداد والعون والغوث بعد مأساة مرفأ بيروت، هو إعلان شهده قصر الاتحادية بأن مصر فى عون تونس لحماية استقرارها وكان ذلك فى حضور الرئيس التونسى «قيس سعيد» وهو ما تقوم به مصر فى دعم العراق ومؤسَّساته هو إعادة صياغة محددات الأدوار الإقليمية بما يتسق مع مفهوم الأمن القومى المصرى والعربى هو بناء صيغة تعاون غير مسبوقة مع جنوب أوروبا لأننا مركز الطاقة وأصبح داخل الاتحاد الأوروبى (نادى مصرى) وظهرت التفاعلات فى ملف الطاقة بشرق المتوسط وكلمة مصر لا تُرَد لأنها صوت الحق المستند إلى قوة تحميه ورؤية تصونه ومبدأ واضح سياستنا شريفة فى زمن عَزّ فيه الشرف. الآن وبعد (أيار الفلسطينى) وهو المصطلح الذى أطلقته «روزاليوسف» فى غلافها العدد الماضى.. بات للإقليم محددات واضحة.. عنوانها أن الدور الإقليمى لمصر لا بديل عنه وأن مصر القوية هى سَنَد المنطقة ومن المستحيل أن يتم تجاوزه فى أى ترتيبات إقليمية.. ولكن علينا هنا أن نستشف فلسفة هذا الدور وهى الفلسفة القادمة من الحمض النووى لثورة 30 يونيو المجيدة والتى تتمثل فى دعم الدولة الوطنية فى المنطقة وانحياز لكيان الدولة فقط لا تنحاز مصر لأفراد.. مصر رؤيتها على قدرها وعدسة رؤيتها من المحيط إلى الخليج ومن أعالى البحار إلى منابع النيل.. ومن هنا أيضًا علينا أن نطمئن لمجريات ملف مياه النيل لأنه فى عُهدة الدولة الوطنية المصرية ولم يضيّعنا «السيسى» سابقًا لكى يضيّعنا لاحقًا.. فقط علينا أن نترك الدولة تعمل وهى تعرف جيدًا خطواتها وتوقيت هذه الخطوات.

لماذا جن جنون الإخوان بعد نجاح مصر فى الأرض المحتلة؟

كانت الأيام كاشفة.. سقطت الأقنعة.. الذين قالوا نحن فداء القدس أصابهم الخرَس فى دول الشتات التى تستضيفهم لاجئين منبوذين على قوائم الانتظار.. وعند لحظة الحسم ذهبنا نحن إلى غزة بالدور السياسى والخير والعون والمساندة وغيّرنا المعادلة لتعود القضية الفلسطينية قضية عربية بعد اختطافها منذ العام 2006 والمتاجرة بها.

ضاقت الأرض على الإخوان وفشلوا ولم يعد لهم متسع إلا بعض الرّزاز الإلكترونى الموزّع على لجانهم.. فبدلًا من الترحيب بوقف الدماء وإعلان بداية العمار على يد مصر وأهلها.

كان ردّهم بالتشكيك فى النوايا وردّهم بالمزايدة على الدور وردّهم الأهم بمحاولة فض الاصطفاف الشعبى المصرى العائد للقضية الفلسطينية بالحديث عن حركة حماس والاتهامات التى وجهت إليها مصريّا فى مواضع مختلفة.. وهنا والحديث للرأى العام المصرى علينا أن نشرح وجهة نظرنا فى نقاط محددة:

1 - إن هذه النغمة إنما تثبت الفارق بين نظرة الدولة الكبرى والتنظيم الإرهابى للقضية الفلسطينية.. الدولة تنظر إلى ثوابت وتدعم كيانًا لتحفظ حقوقًا وتحقن دماءً.. أمّا التنظيم الإرهابى فهدفه الفتنة والتشتيت وأن يستمر الصراع والدمار والدماء الفلسطينية من أجل المتاجرة بها.

2 - إن مصر وقبل هذا العدوان كانت ولا تزال تقود مهمة رأب الصدع «الفلسطينى- الفلسطينى» بلغة واضحة مع الفصائل الفلسطينية كلها، وهو ما جعل كلمة مصر تتمتع بالمصداقية؛ لأن كل الفصائل باتت تعرف أن لا ملجأ من مصر إلا مصر.

3 - إن مماراسات هذا الفصيل أو ذاك لم تَحُل يومًا دون قيام مصر بدورها فى كل العهود.. وفى هذا العدد ملف شامل عن الدعم المصرى للقضية الفلسطينية على مدار 73 عامًا.

4 - إن مصر فى الأزمة الأخيرة كان اشتراطها واضحًا أن تكون التعهدات والالتزامات على الطرفين، أمّا التعهد من جانب واحد فلم يحدث إلا فى عهد الجماعة الإرهابية وخرج الاتفاق بالتهدئة بالتعهد بعدم قيام المقاومة بإطلاق صواريخ على إسرائيل.

5 - إن مصر إنما تقوم الآن بإعادة صياغة الوضع السياسى الداخلى الفلسطينى لانتشال الشارع الفلسطينى من الإحباط بإنجاز الإعمار مع إنجاز البناء السياسى وإتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية ودعم بناء الكوادر الفلسطينية من أجل جعلهم يمتلكون مستقبلهم بشكل عصرى، وهو الدور المنوط بالأكاديمية الوطنية للتدريب. 

6 - إن المحددات التى تقوم بها مصر الآن إنما جعلت الخروج عن مسار عملية السلام فى الشرق الأوسط والتطبيع من أجل التطبيع مجرد جملة اعتراضية تكتبها كل دولة إقليمية حسب مصالحها الاستراتيچية، وهذا حق كل دولة تتمتع بسيادة ولكنْ للثوابت الإقليمية مسار واضح وأنه لا حديث عن سلام دائم وعادل فى الشرق الأوسط إلا بعودة الحقوق إلى أصحابها.

7 - سقطت صور قادة الجماعة الإرهابية من شوارع غزة وارتفعت صور قائد مصر الرئيس «عبدالفتاح السيسى».. وللحديث بقية.