الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تشريع لحماية أموال التبرعات

تشريع لحماية أموال التبرعات

أما وقد انتهى الشهر الكريم وتدفقت تبرُّعات المصريين على الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فمن حق المواطن أن يعرف منْ الجهات التى حصلت على أمواله وفيما أنفقتها وكيف صرفتها؟ وقبل ذلك ما هى حجم الأموال التى حصلت عليها خلال شهر رمضان؟ فهو الشهر الذى تكثر فيه التبرعات؛ حيث يسارع المصريون عن طيب خاطر وفقراؤهم قبل أثريائهم إلى التصدق ودفع زكاة الأموال والفطر؛ بل إن الكثيرين منهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ويخرجون جزءًا من دخلهم -قل أو كثر- رغم احتياجهم إليه من أجل فعل الخير.



ومن المعروف أن حجم التبرعات يتضاعف فى رمضان؛ حيث يصل إلى ما يقرب من 80 % من إجمالى التبرعات فى السنة كلها، ولهذا تكثف الجمعيات والمستشفيات من الإعلانات التى تحث المواطن على التبرع فى هذا الشهر استغلالًا لحالة الروحانيات التى يعيشها المصريون، التى تدفعهم للتصدق بأموالهم ابتغاء مرضاة الله وطمعًا فى الحصول على الثواب، ومن المعروف أيضًا فى اقتصاديات الإعلانات أن الجنيه الذى يصرف على الإعلان يعود من ثمانية إلى عشرة أمثاله، فإذا تكلف الإعلان مليون جنيه فإن قيمة التبرعات بسببه تصل إلى عشرة ملايين جنيه، وهو أمر جدير بالدراسة حول ما الذى يدفع المواطنين إلى التبرُّع لهذه الجهة أو الجمعية أو المستشفى؟، هل الإعلان وجاذبيته واستخدام الفنانين والمشاهير؟ أم نوعية الخدمة التى تقدمها هذه المؤسسة حتى لو كان الإعلان بسيطًا ومباشرًا؟ أم إن ظهور بعض من تم تقديم الخدمات لهم ليعلنوا عن سعادتهم بما حصلوا عليه يكون أكثر تأثيرًا ودافعًا أكبر للتبرع؟

مثلا؛ كان يتم استخدام الأطفال فى إعلانات المستشفيات التى تقدم خدمات علاجية لهم فى السنوات السابقة، وكان مردودها كبيرًا فى اندفاع المواطنين الرحماء لدفع الأموال نتيجة الشعور بالشفقة والعطف على الأطفال المرضى، وهى ظاهرة قلت إلى حد كبير هذا العام لمخالفتها للقيم والإنسانية ولانتهاكها حقوق الطفل، وحقوق المرضى أيضًا، فمن غير المقبول المتاجرة بآلام واحتياجات الأطفال أو حتى المرضى الكبار فى سبيل الحصول على الأموال مهما كان الهدف نبيلًا، وعمومًا فإنه على الجهات المتلقية للتبرعات أن تتعامل بشفافية كاملة، وتعلن عن حجم الأموال التى تلقتها وكيف أنفقتها، خاصة وأن أكثر من 90% من هذه الجمعيات لا تنشر ميزانيتها على موقعها الإلكترونى  أو فى الصحف، وبالتالى لا يعرف المواطن عنها شيئًا، صحيح أن هناك رقابة من وزارة التضامن الاجتماعى، ومن المفترض أنها تقوم بمراجعة هذه الميزانيات سنويًا، وتتأكد أن التبرعات تم صرفها فى الأنشطة المخصصة لها، كما أنه من حقها إجراء تحقيقات إذا وجدت تلاعبًا أو عدم انضباط فى الإنفاق، وقد يصل الأمر إلى إبلاغ النيابة العامة إذا وصلت المخالفات إلى حد الجريمة.

لكن أيضًا من حق المواطن أن يعرف أين ذهبت أمواله؟ خاصة وأنه أُثير فى السنوات السابقة أن بعض المستشفيات والجمعيات التى كانت تتلقى تبرعات طائلة كانت الرواتب والحوافز للموظفين تستحوذ على أغلبية هذه الأموال فى حين كان الإنفاق على العلاج أقل بكثير، وسواء كانت هذه الأقاويل صحيحة أم إنه كان بها بعض المبالغات فإن الشفافية فى الكشف عن التبرعات وكيفية الإنفاق يعطى المواطن إحساسًا بالأمان، وأن أمواله ذهبت إلى حيث يريد، وهو ما يجعله يزيد من عطائه فى السنوات المقبلة أو كلما فاء الله عليه بخير، ولذا فإننى أتمنى أن يقوم البرلمان بإضافة مادة فى قانون الجمعيات تلزمها بنشر ميزانيتها على موقعها الإلكترونى وفى الصحف سنويًا، حتى تكون متاحة للمواطنين ويستطيعون من خلال قراءتها تتبع مصير تبرعاتهم، وهو تشريع يجعل هناك رقابة شعبية على هذه الأموال بجانب رقابة وزارة التضامن، الأمر الذى يحافظ على أموال التبرعات من إنفاقها فى غير الأنشطة المخصصة لها، ويحميها من الإهدار ويحقق الهدف المطلوب منها.