الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أقباط يشاركون فى فعل الخير وتوزيع العصائر والتمر على الصائمين الدين لله "ورمضان للجميع"

أجواء الاحتفال بشهر رمضان المبارك تختلف كثيرًا فى شوارع مصر، فقد تتشابه الأجواء الرمضانية فى شتّى دول العالم الإسلامى، لكن هناك مظاهر لن تجدها إلا هنا.. فى مصر.



فعلى سبيل المثال وليس الحصر إذا تجولت فى شوارع حى شبرا، وهو من أكبر الأحياء التى يكون أغلب سكانه من الأقباط، ستجد هلالاً كبيرًا يحتضن صليبًا ومكتوبًا عليه «رمضان كريم»، وستجد فوانيس عملاقة مضاءة وتصدح منها أغانٍ رمضانية مثل: أهلاً رمضان.

وفى مصر ينتظر جميع أطياف الشعب حلول الشهر الكريم؛ وذلك لأجوائه الدافئة التى يتميز بها؛ حيث تتبادل الزيارات ويستمر السّهَر فيه حتى الصباح.

هذه الأجواء يستمتع بها الأقباط كثيرًا، ومنهم من ينتظره بفارغ الصبر حتى يشارك فيه سواء فى أعمال الصّدقة أو الاستمتاع بالخيام الرمضانية أو الخروجات الجماعية.

ويقول القس «إثناسيوس» كاهن بإحدى كنائس القاهرة: إن شهر رمضان له من المميزات والصفات التى تجتمع حوله جميع فئات الشعب المصرى. مشيرًا إلى أن الأقباط يعيشون ويستمتعون بأجواء الشهر الكريم مع إخوانهم المسلمين.

ويضيف إن الأقباط لا يأكلون أو يشربون فى نهار رمضان احترامًا لمشاعر زملائهم فى العمل أو فى الطريق، كما نجد الجيران يتبادلون الطعام فى وقت الإفطار بين المسلم والمسيحى، كذلك منهم من يقيم موائد الرحمن أو يقوم بتوزيع الطعام على المحتاجين. ويشير القس «إثناسيوس» إلى أن الأقباط الذين يسكنون حول الكنائس يسعون لتقديم أكل الإفطار لأفراد الأمن الذين يقومون بحراسة الكنائس، كما يوجد منهم من يشارك فى توزيع التمر والمياه والعصائر على الصائمين فى الشوارع.

ويضيف إن شهر رمضان اشتهر بالفانوس وهناك أقباط يحرصون على شرائه ووضعه فى منازلهم. مشيرًا إلى أن صناعة الفانوس صناعة مصرية قديمة؛ حيث كان يُستخدم فى احتفالات الأقباط بعيد الغطاس قديمًا؛ حيث كان يُصنع من البرتقال أو اليوسفى وتوضع بداخله شمعة.

ويقول إنه يُشاع أنه فى يوم من الأيام كان الأقباط يخرجون حاملين الفوانيس للاحتفال بعيد الغطاس على ضفاف نهر النيل، وتصادف مرور بعض من الإخوة المسلمين الذين كانوا ذاهبين لاستطلاع هلال الشهر الكريم، ولكن لم يكن معهم فوانيس فتقاسموها معهم، ومن هنا بدأ ارتباط الشهر بالفانوس.

ويضيف إن بعض الكنائس تقوم بتوزيع شنط خاصة فى رمضان لبعض الأسر المحتاجة من المسلمين، بل هناك أيضًا بعض الخدمات الذى تساهم فى توزيع بعض المنتجات الغذائية لهم طوال الشهر.

ومن جانبها تقول «جانيت جورج»- 33 عامًا- إنها تنتظر رمضان لمتابعة برامجه ومسلسلاته؛ حيث تجتمع هى وعائلتها بداية من مدفع الإفطار ليتابعوا الدراما الرمضانية معًا.

وتضيف «جانيت»: إن لَمّة رمضان لا تجوز من دون القطايف والكنافة الرمضانية والتى رغم أنهم يقومون بعمل الحلويات فى أى وقت من السَّنَة فإنها فى رمضان لها مذاق مختلف تمامًا.

أمّا «بيشوى عماد»- 25 عامًا- فيؤكد أنه يستمتع بمشاركة زملائه فى بعض المظاهر الرمضانية، أهمّها أنه يقوم بتوزيع العصائر والمياه المعدنية ساعة الإفطار على الصائمين فى الشوارع. مشيرًا إلى أنها من أجمل اللحظات التى لا يستطيع أحد أن يُفَرّق بين مسلم ومسيحى، فلا أحد يسألك مَن أنت؟، وفى نفس الوقت نقوم بالتوزيع على كل مَن يتواجد فى الشارع ساعة الإفطار دون السؤال عمّا إذا كان مسلمًا أمْ مسيحيًا.

ويضيف قائلاً: مع ظهور وباء كورونا بدأنا بتوزيع بعض الوجبات بدلاً من موائد الرحمن التى تم إيقافها بسبب الوباء، وليس فقط المشروبات. مشيرًا إلى أن هناك مَن اقترح توزيع الحلويات الشرقية مثل الكنافة بالنوتيلا وغيرها لنساعد فى إدخال البهجة على الجميع.

وتقول «ماريا كمال»- مسئول موارد بشرية بإحدى الشركات- إنها تقوم بتنظيم حفلات الإفطار أو السحور بالشركة. مشيرة إلى أنها تقوم بالاتفاق مع المطاعم لتنظيم مثل هذه الاحتفالات؛ حيث تقوم هى بتحديد قائمة الإفطار أو السحور لزملائها فى العمل، كما تقوم باختيار الأماكن التى تحرص على أن تكون مليئة بالجو الرمضانى الأصيل الذى تستمتع به هى شخصيّا.

وتشير «ماريا» إلى أن هذه اللقاءات تجد إقبالاً عليها من الزملاء المسيحيين كما المسلمين. مؤكدة أنها تخلق تفاعلاً وجَوّا من الألفة والتعاون والمَحبة والاستمتاع بين الجميع.

وتقاطعها زميلتها «ابتسام منير»- 35 عامًا- قائلة إن الطعام الرمضانى له مذاق مختلف حتى لو كان هو نفس الطعام الذى نأكله طوال العام، ولكن الأجواء الرمضانية ومشاركة الأصدقاء والزملاء تجعل له مذاقًا آخر.

وتقول إنها تنتظر رمضان بفارغ الصبر لتستمتع فيه بالإفطار الجماعى الذى تشارك فيه أصدقاء العمل من ناحية، وأيضًا أصدقاء الطفولة؛ حيث اعتادوا أن ينظموا إفطارًا جماعيّا لأصدقاء المَدرسة؛ حيث تلتقى مع دُفعتها المَدرسية مرّة واحدة فى العام نكون حريصين جميعًا على حضورها.

وتؤكد «ابتسام» على أن أجواء السحور مختلفة تمامًا عن الإفطار؛ حيث نجتمع حول عربة الفول التى تكون محجوزة طوال الشهر أساسًا، ولكنها تجعلك تشعرين بدفء الأسرة وبأن الزمن لم يتغير، وهو الأمر الذى يسعى الجميع لتحقيقه خلال هذا الشهر أن يجعلك تبتعد عن كل السوشيال ميديا وتستمتع مع أهلك وأصدقائك الفعليين.

أمّا «رومانى»- 39 عامًا- فيقول إنه اعتاد هو ومجموعة من أصدقائه على إقامة مائدة الرحمن، وهو الأمر الذى توقف بعد انتشار فيروس كورونا، ولكننا لجأنا فى النهاية إلى توزيع وجبات مُعلبة أحيانًا نجهزها فى منازلنا أو نقوم بشرائها معًا.

ويؤكد «رومانى» أن الهدف هنا هو فعل الخير وإعطاء المحتاج بغَضّ النظر عن دينه أو جنسه، وهذا هو الهدف الأساسى أن يصل الخير لمن يحتاجه فعلاً أيّا كانت الوسيلة، ورمضان هو شهر لفعل الخير كل شخص على قدر استطاعته.

ويقول «أشرف شوقى»- 50 عامًا- إنه اعتاد على شراء فانوس رمضان منذ أن الصغر، وكان والده يضعه فى الشرفة مشاركة منه مع جيرانه، كما كان يقوم بشرائه ليلعبوا به مع أصدقائهم، ومع الأيام أصبحت عادة لديه وأصبح هو يشترى الفوانيس لأولاده ليعيشوا أجواء رمضان مع أصدقائهم.

وعن الزينة الآن يقول: نحن نساهم مع جيراننا فى شراء زينة رمضان ونقوم أيضًا بمساعدتهم فى تعليقها، الأمر الذى يُدخل بهجة نحن جميعًا أصبحنا نحتاج إليها.

أمّا «أميرة عيد» فتتحدث عن أطباق الحلويات المتبادلة مع جيرانها طوال الشهر، بل أحيانًا نقوم بالإفطار معًا لنسهر جميعًا لمتابعة الدراما التليفزيونية، وينتهى الشهر بقيام أمّى بعمل الكعك والبسكويت معهم؛ خصوصًا إذا صادف اقتراب العيد مع عيد الفطر المبارك، وهو أمرٌ يتكرر من حين لآخر.

أمّا «نهى مهنى»- تعمل بأحد البنوك- فتقول: أنتظر رمضان لأستمتع بجو الخيمة الرمضانية والذى دائمًا ما أخرج مع أصدقائى لقضاء السحور بها، وهو حدث لا يتكرر إلا فى رمضان؛ حيث يسمح لى أهلى بذلك؛ نظرًا لأن الشوارع تكون مزدحمة وممتلئة طوال اليوم ولا تهدأ إلا ساعات قليلة جدّا.

وتضيف أنها تحرص دائمًا على المشاركة فى أى إفطار جماعى مع أصدقائها، سواء كانوا يخرجون للإفطار فى أى مكان أو يقوم كل شخص بإعداد طبق بعينه ليتشاركوا معًا فى إعداد مائدة إفطار ضخمة للجميع. مؤكدة أنها أجواء رائعة لا تتكرر إلا فى رمضان؛ خصوصًا أننا نكون جميعًا صائمين، فنحن لا نأكل إلا معهم ولا نشرب أيضًا احترامًا وتقديرًا للصائم.

ويقول «أمير جرجس»- طبيب مقيم فى الخارج- إن من أكثر ما يفتقده فى الغربة هو تلك الأجواء الرمضانية التى لا نعيشها إلا فى مصر. مشيرًا إلى أنه كان يقضى شهر رمضان مع زملائه؛ حيث كان يشارك معهم فى الدورات الرمضانية وكان يلتقى معهم بداية من الإفطار ولا يعود إلى المنزل إلا مع السحور.

ويقول: إن لعب الكرة شىء أساسى فى رمضان، فإذا كنا لا نشارك فى دورة رمضانية فإننا نلعب معًا قبل مدفع الإفطار، وكنا جميعًا بعد ذلك نفطر فى أى منزل سواء كان عندنا أو عند أصدقائى أو على موائد الرحمن، المهم أننا جميعًا معًا على مائدة واحدة.

أمّا «أشرف ثابت» فيتساءل: وهل يمر رمضان من دون أن نشترى ياميشه؟! مؤكدًا أن والدته من عشاق ياميش رمضان؛ حيث اعتادت شراء التين، كما أنها دائمًا تصنع لهم قمر الدين وتشترى كل الأطباق الجديدة التى يتم ابتكارها فى رمضان؛ خصوصًا أطباق الكنافة بجميع أنواعها. مشيرًا إلى أن هذه الأشياء تكون لها فعلاً طعم مختلف خلال هذا الشهر. ويضيف «أشرف»: إن أمى اعتادت على شراء كمية كبيرة من الفول وتدميسه قبل شهر رمضان؛ لأنه غالبًا ما يختفى الفول صباحًا وينتشر مساء فى السحور فقط؛ خصوصًا إذا صادف أن نكون صائمين وكل أكلنا لا يخلو من الفول، فلذلك تقوم بتدميسه، كما أنها تحرص على إرسال أطباق فول لجيراننا ليتسحروا من الفول البيتى، الأمر الذى يردّونه بأطباق الكنافة والقطايف الصيامى أيضًا.

وهكذا فى رمضان؛ مصر لا أحد يستطيع أن يُفرّق بين المسلم والمسيحى، فالجميع صائمون والكل يشارك فى موائد الإفطار الجماعية وموائد الرحمن وتوزيع العصائر والتمر ومتابعة الدراما مع أطباق القطايف والكنافة وأكل الياميش وتعليق الزينة وشراء الفوانيس.