محمد محسن.. أهلاً بيك

لا يمكن أن نتحدث عن أغنية «محمد محسن» الجديدة (أهلا بيك)، بمعزل عن أغنيته الأشهر فى مسيرته الفنية (فى قلبى مكان) الصادرة فى ألبوم (حبايب زمان)، فعندما نستمع إلى هذا الألبوم الأول فى مسيرة «محمد محسن» الغنائية والصادر فى 2017، سنجد أن (فى قلبى مكان) هى الأكثر استماعًا من بين كل أغانى الألبوم بواقع أكثر من 16 مليون مشاهدة، وهى أغنية تخاطب جمهور موسيقى الـ«بوب» فى الوطن العربى، عاطفية بالمقام الأول وتم إصدارها بالتزامن مع عيد الحب، وحققت نجاحا جماهيراً كبيرًا.

أيضًا سنجد أن ثانى أغنية من حيث نسبة «المشاهدات» داخل نفس الألبوم، كانت بعنوان (حضنك حياة) وهى أغنية عاطفية أيضا، فنجاح هاتين الأغنيتين على مستوى المشاهدات من المؤكد دفعت «محسن» للتفكير فى صناعة أغانى «عاطفية» بنفس المنهج، كى يستكمل هذا النجاح، فجاءت أغنيته الجديدة (أهلا بيك) كترجمة لكل ما تحدثنا عنه فى السطور السابقة.

فريق عمل (أهلا بيك)، هو نفس فريق عمل (فى قلبى مكان)، الشاعرة «نور عبدالله»، والملحن «محمد النادى»، والموزع الموسيقى «يحيى يوسف»، وليس فريق العمل هو فقط المشترك بين الأغنيتين، وليس فقط نفس الرسالة التى تحملها كلماتهما، ولكن الأهم هو التصور الموسيقى لصناعة الأغنتين والمبنى على الـ«Pop rock»، وهو ما يجعلنا نعتبر (أهلاً بيك) هى الجزء الثانى من أغنية (فى قلبى مكان).

الأمر المختلف بين الأغنيتين يكمن فى طريقة الطرح الجيدة لـ(أهلا بيك) عن طريق صناعة فيديو كليب من إخراج «بتول عرفة»، بشكل جيد، يخدم فكرة الأغنية ويعبر عن كلماتها بشكل مرئى، مع ظهور الفنانة «هبة مجدى»، زوجة «محمد محسن»، كبطلة للفيديو المصور، وهو ما أعطى له حالة من الصدق لدى الجمهور، لأنه لا يعبر عن موقف عام، بل عن شعوره الحقيقى تجاه زوجته وأم ابنته.

أيضًا أن نشاهد على الشاشة علاقة حب معلنة فى فيديو غنائى مصور، فى ظل انتشار الكثير من الفتاوى المتطرفة بتحريم الفن، والتصريحات الرجعية للكثير من الفنانين الذين يرفضون عمل أفراد أسرتهم بالمجال الفنى، فهى رسالة شديدة الذكاء من «محمد محسن»، ويستحق الشكر عليها.

هذا الفيديو الغنائى يذكرنا أيضًا بـ(Me Enamoré) للنجمة الكولومبية «شاكيرا»، عندما صنعت أغنية خاصة لإعلان حبها لشريك حياتها «جيرارد بيكيه» نجم نادى برشلونة ومنتخب إسبانيا، وظهوره فى الفيديو المصور للأغنية أيضًا أعطى حالة من المصداقية لأن ما استمع إليه الجمهور يشاهده فى الحياة الواقعية.

هذا المفهوم مختلف عما كان يحدث فى الماضى داخل الوطن العربى، حيث كان يخشى نجوم الغناء إعلان ارتباطهم العاطفى، حتى الزيجات الرسمية والشرعية كان النجوم يرفضون إعلانها خوفًا من غضب الجماهير، ظنًا منهم أن كل رجل يشعر بأن المغنية تغنى له، وإن كل فتاة يغنى لها المغنى، وما إلى ذلك من المفاهيم التى لا تمت للواقع بأى صلة، وإن لم تعد موجودة ومنتشرة بينا الآن كما كان سائداً فى الماضى.

بعد المليون ونصف مليون مشاهدة لـ(أهلاً بيك) فى حوالى أسبوعين، وبعد نجاح (فى قلبى مكان) و(حضنك حياة) أدرك «محسن» أن لديه شريحة كبيرة من المستعمين تفضل هذا الغناء العاطفى وينتظرون هذا الشكل منه، بل إن هذه الشريحة ربما تكون أكبر من الذين يستمعون إلى أغنياته التى يقوم فيها بإعادة إحياء التراث بشكل عصرى، وهذا أمر مهم للفنان، أن يعلم أين تكمن مواطن قوته.