حقائق وهواجس: أيامنا الحلوة فى حضرة فاروق الشرنوبى

مساء الخميس 4 فبراير، على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، كنا على موعد مع حفل تكريم الموسيقار الكبير فاروق الشرنوبى، والذى أقيم تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم، فى مستهل تقليد جديد يُحْسَب للوزيرة الفنانة، يأتى تحت عنوان «تكريم عمالقة الفن»، مَشهد مَهيب تجلت فيه المشاعر الإنسانية فى حضور الشرنوبى صاحب الفرح، وسط جمع كامل العدد من جمهور دار الأوبرا المصرية، ومعهم صحبة من رفاق رحلة فاروق الشرنوبى الثرية العابرة للأجيال، شقيقه الموسيقار صلاح الشرنوبى، ومن كبار شعراء الأغنية جمال بخيت وفوزى إبراهيم، زاد من توهج الليلة أنها صادفت عيد ميلاد فاروق الشرنوبى السبعين، متعه الله بالعمر والصحة.

كان عمري عشرين وقت أن عبرت ثمانينيات القرن الماضى نحو آفاق تسعينياته، بالتزامن كان فاروق الشرنوبى ورفاق جيله من الشعراء والملحنين والمطربين على مشارف سن النضج، منحة ربانية كانت كفيلة بأن أعيش إحساسًا خاصًا فى ليلة تكريم فاروق الشرنوبى، إحساسٌ مَرّ بخاطرى وأنا أستعد لحضور الحفل، وغمرنى بمجرد أن شاهدت أجواء المسرح الكبير والأخوين الشرنوبى والشاعرين بخيت وإبراهيم، وتملكنى مع تقديم بات مميزًا لحفلات تكريم دار الأوبرا المصرية، صاحبه الإعلامى الشاب المتألق فى لغته وإلقائه وعذوبة صوته حسين حسنى، وقبل انطلاق فيلم تسجيلى يستعرض رحلة فاروق الشرنوبى الفنية، فيلم استغرق دقائق معدودة، ولكنه استدعى فى وجدانى سنوات من الذكريات.

أيامنا الحلوة فى حضرة فاروق الشرنوبى، أعاد إحياءها فى ليلة تكريمه بدار الأوبرا المصرية، ثلاثة أصوات شابة من مطربى الوزن الثقيل، أحمد سعد فى أغنيات إيمان البحر درويش ومحمد فؤاد ومدحت صالح، مروة ناجى فى أغنيات سميرة سعيد وراغب علامة وإيمان البحر درويش، وابن الوز العوام محمد فاروق الشرنوبى فى أغنيات مدحت صالح وماجدة الرومى وذكرى، غنوا فى صحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو مصطفى حلمى، بينما تستعرض شاشات خلفية المسرح وأركانه صور فاروق الشرنوبى وكبار مطربينا المذكورين، مع مشاهد من الأفلام السينمائية وتسجيلات الفيديو كليب لجيل الوسط أو جيل الأغنية البديلة، كما أطلق عليه الكبيران عبدالله كمال وإبراهيم عيسى.

أسمع من أصدقاء جيلى من يسأل عن على الحجار وسط كل هؤلاء النجوم، الحجار والشرنوبى كل منهما نقطة تحول فى مسيرة الآخر الفنية، صحيح، وهو ما فرض حضور المطرب الكبير على الحجار بنفسه، فى فاصل «شرنوبى» خالص جاء مسك ختام ليلة تكريم الموسيقار الكبير بدار الأوبرا المصرية، فأنت تتحدث عن صناع «لَمّ الشَمل» عام 1991، الألبوم الصرخة التى انطلقت مدوية فى مواجهة التصدع العربى، الناجم عن اجتياح جيش العراق لدولة الكويت عام 1990، اجتمعت كلمات الشاعر جمال بخيت مع أنغام فاروق الشرنوبى مع صوت على الحجار، فكان أن قال الفن كلمته فى مواجهة الأزمة، وليت الساسة أنصتوا وقتها لكلمة الفن.

اجتماع ثلاثى على ألبوم كامل تفرد به فى «لَمّ الشَمل» الحجار والشرنوبى وبخيت، وكررها الحجار والشرنوبى مع الشاعر الكبير محمد العسيرى فى «رمى رمشه» عام 1995، فعلًا الحجار والشرنوبى كل منهما نقطة تحول فى مسيرة الآخر الفنية، استمعوا لأيقونة الثنائى من كلمات جمال بخيت «أنا كنت عيدك»، ختم بها على الحجار ليلة تكريم الشرنوبى وكأنه يشدو السلام الوطنى لجيل لم يأخذ بعد حقوقه كاملة من تكريم الدولة، وتمنيت مع إسدال ستار المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، لو نصحت أحمد سعد بأنه لم يعد فى حاجة لاستعراض قوة صوته، ومروة ناجى بأن تنشط أكثر، ومحمد الشرنوبى بألا يجور تمثيله على غنائه.