الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقائق و هواجس: «موظف بتاع شهادات صحيح»!

حقائق و هواجس: «موظف بتاع شهادات صحيح»!

لا شىء أهم من المعرفة، المعرفة تصنع الفارقَ، فى الحياة بشكل عام، وعلى وجه الخصوص فى الحياة المهنية، وهى تصنع الفارق فى الحياة المهنية ليس فقط على مستوى العنصر البشرى؛ ولكن أيضًا على مستوى الأداء المؤسّسى، وفى السنوات الأخيرة، زاد اتجاه الخريجين الجُدُد، والموظفين حديثى التخرّج، نحو الحصول على شهادات ما بعد التخرّج، وإلى حَدّ أن أصبح ظاهرة، وهو اتجاه فى عمومه اتجاه طيب، وظاهرة مبشرة، ولكنه فى تقديرى لايزال يتسم بالعشوائية، ويحتاج إلى تقويم يساهم بفاعلية فى دعم المسار المهنى لهؤلاء، وحتى يصبح منهجًا يساعدهم بقوة على الترقى فى حياتهم المهنية، وتحقيق أهدافهم المهنية والشخصية على حدٍّ سواء.



الحصول على المعرفة معناه بذل الوقت والجهد والمال، وليس فى حياتنا أغلى من قيم الوقت أو الجهد أو المال، ولا بُد أن يحكمنا مفهوم الترشيد فى إنفاقها جميعًا، فإذا بذلت الوقت والجهد والمال فيما لا يفيدك مهنيّا وشخصيّا، تكون قد أهدرتها وأنت لا تدرى، أشرت فى المقدمة إلى عشوائية تتسم بها جهود الشباب فى سبيل الحصول على شهادات ما بعد التخرّج، أهم سمات هذه العشوائية التسرع، فتجد الشاب بمجرد حصوله على مؤهله العالى، ليسانس الحقوق مثلًا أو بكالوريوس التجارة، يُسارع نحو دراسة دبلوم متخصص فى التجارة أو القانون، ودون أن يتوقف مع نفسه ليحدد ما إذا كان سوف يعمل فعلًا بأيهما.

يتهور بعضُهم أكثر فتجده يسارع إلى دراسة برامج إدارة الأعمال بعد تخرُّجه، فى الغالب على سبيل الموضة أو سعيًا للحصول على درجة علمية تؤهله لأن يعمل بالخارج، يذهب ليجاور ذوى الخبرات المهنية والمواقع التنفيذية فى قاعات الدرس وهو بعد لم يعرف ألف باء الإدارة، فيصبح حِمْلًا على أكتاف زملائه وشاغلًا يُخَايل المحاضرين، فكثير من موضوعات الدراسة وثيقة الصلة بخبرات عملية لم يحصد منها ولو القليل، مثل هذه النماذج تحرث فى الماء فى واقع الأمر، وتندهش أكثر حين يتقدم أحدهم لوظيفة متباهيًا بحصوله على هذه الشهادة أو تلك، بينما تجدها بعيدة تمامًا عن الوظيفة المتقدم لها، ناهيك عن ضعف مهاراته الشخصية.

من هؤلاء من يستمر على نهج الحصول على شهادات حتى تجد سيرته الذاتية متخمة بها، وإلى حد أن تستشعر البحث عن خبرات عملية موازية كالبحث عن إبرة فى كوم قش على رأى المَثل، وحظه العَثِر أنه لم يقابل يومًا من يطرُق ذهنه منبّهًا، امنح وقتك وجهدك ومالك لدراسة تستفيد بها مهنيّا وشخصيّا، ولا تتسرع، كله بأوانه، فإذا كنت حديث التخرّج، فاجتهد أولًا حتى تُحَرِر عقلك من نمطية التعليم المصرى، اهتم بتنمية شخصيتك ومهاراتك، سارع بالدخول فى برامج تنمية الذات، تعلم لغات أجنبية على أصولها، ادرس مهارات تفيدك أيّا كان المسار المهنى المنتظر أو المستهدف، مهارات العرض والتواصل وإدارة الوقت مثلًا.

مع دراسة برامج تنمية الذات، اهتم بأن تعمل، ابدأ حياتك المهنية فى أى وظيفة متاحة، حتى تبدأ فى اكتساب خبرات عملية، تساعدك على اكتشاف نفسك مع الوقت، كلنا يعلم أن التعليم فى مصر لايزال فى وادِ وسوق العمل فى وادٍ آخر، وهو ما يجعل حديثى التخرّج ولمُدة ما بين ثلاث وخمس سنوات، فى حاجة ماسّة للعمل فى مجالات ووظائف متنوعة، حتى تتشكل أمامهم رؤية لمستقبلهم المهنى، وعندها يمكن أن ينفقوا الوقت والجهد والمال فى دراسة ما يدعم مسارهم المهنى المختار، مطمئنين إلى تحقيق نتائج فعّالة وملموسة.. زى ما هى لسّه «بلد بتاعة شهادات صحيح!».. عندنا «موظف بتاع شهادات صحيح!».