الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
هدف محمد صلاح  فى مرمى التطرف

هدف محمد صلاح فى مرمى التطرف

عندما رأيت صورة لاعبنا العالمى «محمد صلاح» وهو يحتفل بالكريسماس مع أسرته توقعتُ أن يتعرض لهجوم  عنيف  من طيور الظلام، الذين يحاولون احتكار التحدُّث باسم الإسلام ويوزّعون صكوك الإيمان، يمنحونها لمَن يريدون ويحرمون منها من يشاءون، والإسلام منهم ومن أفكارهم براء، يعطون أنفسَهم حقّا لا يملكه إلا الله  سبحانه وتعالى، يزعمون أنهم فقط مَن يطبقون تعاليم الدين الحنيف ويخرجون المختلفين معهم من رحمة الله، تسببت الصورة فى توجيه اتهامات لـ«صلاح» بالابتعاد عن تعاليم  الدين، وأنه يتشبّه بالمسيحيين؛ لأنه يهنئهم بعيدهم  ويحتفل مثلهم، ويرددون أن الإسلام يحرم ذلك، متناسين فتوَى الأزهر ودار الإفتاء المصرية بأن تهنئة المسيحيين بأعيادهم من أعمال البر التى دعا إليها الدين الحنيف.. الهجوم على صلاح تجاوزه إلى ابنته «مكة»، وقال بعضهم إنها لا تعرف العربية وستنشأ غربية أوروبية لا تعرف شيئًا عن الإسلام، وكأنهم  يعيشون مع اللاعب فى بيته ويراقبونه وهو يربى  ابنته، هذه ليست المرّة الأولى التى يتعرض فيها المتطرفون لـ«محمد صلاح»، فقد سبق أن هاجموه بسبب فيديو نشره وهو يلعب مع ابنته  وكانت تردد  بالإنجليزية أغنية تعلمتها فى مَدرستها، ودارت التعليقات وقتها لماذا يترك ابنته تغنى؟ وعليه أن يعلمها القرآن بدلًا من ذلك، ووصل الأمر إلى توصيته بارتدائها الحجاب.. هذه التعليقات الغبيّة هى جزء بسيط مما نُشر على الفيس بوك، وهى تكشف عن غضب عارم ضد اللاعب، وأعتقد أن صورته  الأخيرة  سببّت لهم صدمة كبيرة، فهم يريدون احتكار «صلاح» لأنفسهم ويعتقدون أنهم يمكنهم استخدامه فى نشر أفكارهم المغلوطة، سواء الدينية أو السياسية، لكن الحقيقة التى فاجأتهم أنه ينتمى للإسلام الوسطى الصحيح  الذى يهتم بالإنسان دون النظر لعقيدته أو جنسيته، وقد كان أقرب أصدقاء «صلاح» إلى قلبه فى ليفربول- حسب تصريحاته- «ليفورين» الكرواتى قبل رحيله للعب فى الدورى الروسى، و«فان دايك» الهولندى وليس «ساديو مانى» و«كيتا» المسلمَين، كما أنه يتعاطف مع الفقراء بمختلف جنسياتهم ومعتقداتهم مثلما حدث مع المتشرد الإنجليزى الذى وجده أمام إحدى محطات الوقود فمنحه مبلغًا ماليّا، وهى الواقعة التى كشفتها كاميرات المحطة ونشرتها وسائل الإعلام المختلفة،  والحقيقة أن «صلاح» هدفٌ للمتطرفين فى كل الأديان، وقد قرأت هجومًا عليه من نفر من  المسيحيين؛  حيث اتهموه بالتعصب والتطرف لمجرد أنه سَمّى ابنته «مكة»، كما أنه يسجد بعد كل هدف يحرزه.. والمصيبة من وجهة نظرهم أنه تبرّع ببناء معهد أزهرى فى قريته «نجريج»، رًُغم أن ذلك كان بناءً على طلب أهالى بلدته، وعندما وجد أن القرية فى حاجة إلى مَدرسة طلب من الأزهر أن يترك جزءًا من المعهد ليكون مَدرسة عامة، وهؤلاء ليس كلهم متطرفين، فبعضهم تأثر بالمَظهر دون التعمق فى الجوهر، الأغلبية العظمَى من المصريين مسلمين ومسيحيين   يحبون «صلاح» ويعتبرونه مبعوثا لمصر فى الخارج، لكن المتطرفين عمومًا  فى الدينَين يزعجهم أن يقدم «صلاح» صورة مغايرة للإسلام عن تصوراتهم، فهم يريدونه متزمتا متطرفًا، لكن صورته  وهو يحتفل بالكريسماس أعطت وجهًا مختلفًا وجعلتهم يحسون بالهزيمة وكأنه أحرز هدفًا فى مرماهم، أعتقد أن «صلاح» تطوّر من فتى القرية الصغير ومن الريفى البسيط إلى سفير لمصر فى بلاد الغرب كلها وليس فى إنجلترا فقط، وأصبح أكثر انفتاحًا على العالم بعد أن احتك بحضارة أخرى لها تقاليد وقواعد معيشية مختلفة،  دون أن يبتعد عن دينه  وأخلاقه التى تربّى عليها، «صلاح» هدف فى كل وقت ليس للمتطرفين فقط، وهؤلاء يمكن الرد عليهم بسهولة، ولكن الأخطر عليه هو أنه تحت عيون المصريين كلهم؛ خصوصًا مشجعى الكرة، وهؤلاء يتابعون كل ما يصدرعنه من أقوال وأفعال؛ حيث تحظى صوره خاصة مع أسرته بمشاهدات كبيرة، وتتداول تصريحاته على نطاق واسع، والمشكلة أن كثيرين من المتابعين  والمُحبين له  يفسرون كل كلمة وأى  حركة على هواهم وحسبما يريدون، وينسون أن «صلاح» بَشر وليس ملاكًا.