أفراح القبة

فى اختيار جاد جمالى الطابع تأتى مسرحية أفراح القبة والتى قدمها مسرح الشباب على المسرح العائم، فهى تعود إلى عالم نجيب محفوظ الروائى الأخاذ فى خصوصيته المصرية وطابعه السردى الخاص، وهى رواية ملهمة للإبداع المسرحي، إذ إنها تقوم مبكرا على طريقة حداثية جدا فى السرد الدرامي، وهى طريقة تعدد وجهات النظر فى سرد الأحداث .

التعددية هنا مضادة لفكرة صوت الراوى الواحد الذى يحكى الأحداث من وجهة  نظره. 

فالرواية تحكى فى فصولها الأربعة حكاية واحدة، لكنها تختلف فى كل مرة، عبر اختلاف التفاصيل الصغيرة، وهذا البناء السردى المتعدد لحكاية واحدة ابتكار أصيل لنجيب محفوظ. 

ومحفوظ يطرح فكرة معقدة بطريقة بسيطة، ألا وهى فكرة قسوة المثاليين، هؤلاء الذين يرون الوجود كاملا من وجهة نظرهم، ولا يجب أن يشوبه النقصان، وإلا فالعدم أفضل، هؤلاء الذين يختارون بين الكل أو اللاشيء.

وقد أدرك المعد المسرحى والمخرج يوسف المنصور، هذا الازدواج بين الشخصيات وانقسامها إلى ذوات متعددة، منها الذات المتفرجة على نفسها وأفعالها وأفعال الآخرين، مما دفعه لاختيار ملمح ملحمي يزاوج بين الإيهام وكسره، وخروج الممثلين من صالة الجمهور، وظهورهم منها . 

 إن مسرحية أفراح القبة تجدد الثقة فى جيل جديد، يسعى نحو المسرح بمعناه الجمالى والمعرفى ويقدم لنا مجموعة كبيرة من الممثلين المتناغمين، مواهب تمثيلية حقيقية تملك الإتقان والإجادة، وهم حسب ظهورهم على خشبة المسرح محمد تامير، سمر علام،  الطفل حمزة رأفت، مينا نبيل، أحمد عباس، أحمد صالح، يوسف مصطفي، مينا نادر، باسم سليمان، مارتينا رؤوف، حسام علاء، هدير طارق. والراسخون فى الإبداع المسرحى رغم كونهم خارج عالم الشهرة وهم من مستحقيها ك فاطمة عادل محمد عبدالقادر، جيهان أنور، محمد يوسف عبدالمنعم رياض، هايدى عبدالخالق، عبير الطوخي، ياسمين وافى. 

طاقات مبدعة حرصت على تسجيل أسمائها لأنهم نجوم قادمة ولأن الإخلاص  المهنى النادر فى فن المسرح الجاد بمعناه المهنى المعرفى والجمالى بات أمرا نادرا يستحق التقدير بلا شك.